بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 أيار 2020 12:00ص انتهى شهر رمضان المبارك فهل خرجنا متّقين..؟!

العلماء: حافظوا على الاجتهاد .. فالمداومة على الطاعة دليل قبول

حجم الخط
ها قد مرَّ بنا موسم كريم من مواسم الطاعة وأياماً عظيمة من أيام العبادة، ألا هو موسم رمضان المبارك، وأيامه الكريمة، ولياليه الشريفة الفاضلة، وفي رمضان يقبل المؤمنون على عبادة الله ويشمّرون ويجدّون في طاعة الله، ويتنافسون في أبواب الخير، وأعمال الصلاح، وإن المؤمن ليُسَرَّ سروراً عظيماً بتزايد الطاعة، وتنافس الناس في العبادة، وقيامهم بأبواب البر والخير في هذا الشّهر العظيم.

لكن المسلم يجب عليه أن يتنبّه أن عبادة الله - تبارك وتعالى - والمنافسة في الطاعة والجدَّ في القيام بما يرضيه لا يتوقف على شهر من الشهور أو أيام معدودة، فإن انقضى شهر رمضان الله المبارك، فإن عبادة الإنسان لا تنقضي، وإن انتهت أيامه المباركة ولياليه الفاضلة، فإن أعمال الخير لا تنتهي والله - تبارك وتعالى - يقول في كتابه العظيم: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}، فالمسلم مطالب بالمداومة على طاعة الله، والاستمرار في عبادته سبحانه وتعالى إلى أن يتوفاه الله؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي: جدّوا في عبادته، وتنافسوا في القيام بما يرضيه إلى أن تموتوا على ذلك.

الكردي

بداية قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي: من المعلوم لدى كل أحد أنه لا يعرف متى نهايته، ومتى يأتي أجله, ولهذا فإن المسلم مطالب بالاستعداد للموت في كل وقت وحين، فيكون دائماً وأبداً محافظاً على طاعة الله، مُجِدّاً في عبادة الله، قائماً بكل ما أمره الله - تبارك وتعالى - به على قدر استطاعته، مُبْتعداً عن كل ما نهاه الله عنه، وحرَّمه عليه من الأعمال المحرَّمة، والفسوق والآثام.

وتابع: إنَّ رب الشهور واحد، إن رب رمضان هو رب شوال، وهو رب الشهور كلها، وكما أنه ينبغي أن يحافظ المرء على طاعته وعبادته في شهر رمضان، فإن الواجب على كل مسلم أن يحافظ على طاعة الله، ويجدّ في عبادته في كل وقت وحين، في الشهور كلها، وفي الأعوام جميعها إلى أن يتوفاه الله - تبارك وتعالى - وهو على حالة رضيّة وسيرة مرضية، وهذا هو معنى قول الله - تبارك وتعالى - في القرآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} أي: استقاموا على طاعة الله، وداوموا على عبادة الله، ومضوا في أبواب الخير إلى أن يتوفاهم الله، فهؤلاء هم أهل الربح والسعادة، والفوز والغنيمة في الدنيا والآخرة؛ ولهذا ذكر الله - تبارك وتعالى - لمن كانت هذه حالهم، وتلك مآلهم - ذكر لهم - تبارك وتعالى - أرباحاً عظيمة، ومغانم كبيرة في الدنيا والآخرة؛ قال الله - جلّ وعلا -: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} وقال {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ}.

شحادة

من جهته، أكد القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة على أن العبادات في مجملها تهدف إلى نشر القيم والفضيلة ومكارم الأخلاق بين أفراد المجتمع على الدوام وبصفة مستمرة، ومن ثم يجب على المسلم أن يلتزم الأخلاقيات والسلوكيات الطيبة التي اكتسبها في رمضان، ويستمر عليها طوال العام حتى يتحقق في المجتمع جوهر أخلاقيات الصيام، وحقيقة شهر رمضان التي أكد عليها القرآن الكريم في قول الله تعالى {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}، والتقوى هي غاية الصوم لا تتحقق في رمضان فحسب، بل لا بد أن يتحلّى بها المسلم طوال حياته.

ويشير إلى أنه يجب على المسلم الذي أكرمه الله تعالى بطاعته والالتزام بأوامره في شهر رمضان أن يستمر على ذلك بعده، فإن من علامة قبول الحسنة، التوفيق إلى الحسنة بعدها، فمن أحسن في شهر رمضان فليحمد الله، وعليه أن يزيد من الأعمال الصالحة بعد رمضان، وليواصل الإحسان، ومن أساء وقصّر، فليتب إلى الله، وليتدارك عمله ما دام في العمر بقية، وليتبع الحسنات بعد السيئات، تكن كفّارة لها ووقاية من خطرها.