بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الثاني 2020 12:02ص بأي عقل يفكّر الدعاة بالمستقبل..؟!

حجم الخط
رغم كل مظاهر الإحباط والتشاؤم التي تحيط بنا من كل حدب وصوب أتساءل.. بأي عقل نفكر بمستقبل البلاد والعباد.. وبأي خلفية نسعى لبناء الغد لأبنائنا..؟! 

أما الجواب الواضح والصريح فهو أننا - إن فكّرنا أصلا بهذا الأمر - فبعقول عصر الانحطاط والتخلّف الذي ما جنى علينا إلا الدمار والخراب والتراجع..!!

فنحن كدعاة ما زلنا إلى اليوم نفكّر بعقول وقفت «روزنامتها» عند القرن الماضي، ولذا هي ترفض كل تطوّر وتأبى كل تجديد وتحارب كل إبداع تحت ستار أنه بدعة.. وطبعا كلنا نعلم.. أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار..؟!

حتى في أنماط التفكير.. ما زلنا ملتصقين بأساليب بالية وبطرق متحجّرة لم يعد عالمنا يعترف بها... إلا على سبيل الذكرى التاريخية..؟!

عقولنا من قلّة الاستعمال «صدأت»، وقلوبنا من قلّة التفاعل مع الحياة «اهترأت» فأصبحنا نقرأ القرآن ولا نستوعبه.. نتلو الآيات ونناقضها.. نتعلّم الأحاديث ونعارضها.. ثم رحنا «نجدد» مفاهيم جاهلية ونقول.. هذا أمر ديننا..؟!

لا أيها السادة.. ديننا أرقى وأسمى من ذلك الفهم الأعوج الذي تريدون حصره فيه، وأي خطأ نراه في محيطنا إنما هو خطأ الفهم في «عقولكم الخربة» وليس خطأ النص، (فأمثال عقولكم) إذا ما فكرّت.. دمّرت وأفسدت...؟!

نحن بحاجة إلى إعادة تأهيل العقول والافهام عند كثير من الدعاة قبل أن نبدأ بالتفكير بمستقبل الأمة وأفرادها، لأن المستقبل يحتاج إلى وعي وعلم وسعي وسعة أفق وبُعد نظر، وأي محاولة لخوض غمار التفكير بالمستقبل بعقول وقف تفاعلها عند حدود «ثمانينات القرن الفائت» لن تنفع ولن تجدي..؟!

يا كثير من الدعاة... انظروا إلى الهوة المستفحلة بينكم وبين الشباب تدركون جيدا مدى غربتكم عن واقعكم...؟!

راقبوا فرار الناس جماعات جماعات عنكم... تعلموا فعلا كم أنتم دخلاء على المجتمع...؟!

هذا المجتمع يريد أناسا مصلحين، يكسرون «أصنام الأكاذيب والتملّق» التي انشأتموها طوعا ثم جلستم تحتها تحرّمون على الناس كل إبداع وعمل وتطوّر وتجديد وتواصل...؟!

ويريد أيضا نماذج مشرفة في كل المجالات أحسنت فهم دينها وأتقنت العمل به فعرفت كيف تعرضه للناس وكيف تسوّقه في العالم كله.

نعم.. قد يـكره أحدنا جماعة هنا أو حشدا هناك على إلتزام الفضيلة، ولكن الإكراه على الفضائل لا يخلف أبدا مجتمعا فاضلا، تماما كما أن البطون الخاوية لا تولد فكرا مستقيما والأجساد الجائعة لا تنتج أفعالا صالحة...؟!

مجتمعنا وبصريح العبارة يحتاج إلى «نفضة» في ميدان الدعاة... 

نفضة تزيل «الغبار» عن تلك الدرر التي تستقرّ فيه حتى نرى حقيقة «لمعانها» ثم نلمس بأم أعيننا كيف أن النور المسلّط عليها ينعكس «شعاعا وضّـاء» ينشر العلم والحضارة والمعرفة في جيل الشباب الذي لم يعلمه كثير منكم من واجبات دينه.. سوى أن من حق الرجل ضرب زوجته أو - وإن كان محسنا - أن يتزوج عليها..؟!