بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تموز 2019 12:03ص بحاجة إلى الفهم المتحرّر للإسلام الذي حمل لواءه العلّامة محمد حسين فضل الله

العلّامة محمد حسين فضل الله العلّامة محمد حسين فضل الله
حجم الخط
مثّل العلّامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله سلطة العقل وهي سلطة لا كالسلطات ساعياً الى أن تكون هي سلطة الحق خصوصاً، وقد مثّل الاعتدال والتسامح مقدّماً الإسلام بثوب عصري، ولون حضاري، وطابع إنساني.

هو القائل «نعيش الإسلام بكل مسؤوليتنا لنضيء به حياة الإنسان».

وهو القائل أيضاً: «علّموا هذا الجيل المحبة والتواصل بدل التقاطع».

قدّم المرجع السيد محمد حسين فضل الله مشروعاً متكاملاً فكرياً وسياسياً ودينياً واجتماعياً، وكان التجدّد الفكري عنواناً لحركته، ومن أهم الأسس التي آمن وإلتزم بها في مسيرته كان الحوار والاعتراف بالآخر، ولا خوف منه حيث ان الاختلاف والتنوّع من طبيعة الكون والوجود.

المرجع العلّامة فضل الله كان يردّد دوماً ان الله حاور ابليس وثبت ذلك في القرآن، ولذا لا خوف من الحوار مع الآخر حتى لو اختلفت معه فكرياً أو سياسياً أو دينياً.

ان التطرّق الى جوانب شخصيته المضيئة وما امتاز به في حياته الحافلة يحتاج الى كتابة مجلدات وقد كتبت عنه بالفعل.

العلّامة فضل الله واجه الفتن الدينية والسياسية بإحتضان الجميع، في لبنان والعالمين العربي والإسلامي، حيث يتنوّع الاختلاف بالأديان والمذاهب والأحزاب والحركات والأفكار وغيرها، معلناً الإسلام دربه الذي لا يحيد عنه وحبّه للأخر الذي يخالفه التوجّه.

حاول فضل الله ترسيخ الفهم المتحرّر للإسلام والدفاع عن هويته التنويرية والحضارية ضد الذين يحاولون «تحويلنا الى حطام إيديولوجي» وضد «الذين يتقنون تعذيب النصوص». كان يريد لسلطة العقل أن تسود ضد «وثنية الجسد» الذي هو دعاء الروح وضد مفهوم «الزنزانة المقدّسة» ويرى ان الحياة ينبغي أن تعاش لا أن يتم اغتيالها.

لقد أسّس سماحته نهجاً يتسم بالانفتاح الذي يمكن للمرء من خلاله أن ينطلق في الأجواء الرحيبة، ويتنفس الهواء في الفضاء الطلق، نهجاً ينبذ الانغلاق الذي يحيل الإنسان الى فريسة ضالة في سجن نفسه المظلمة، هذا النهج يترجمه الواقع من خلال الأجيال التي تربّت على هدىِ السيد في التزامها الديني، ووعيها الحركي، وانفتاحها وديناميكيتها وعقلانيتها.

سُئل يوماً: لو قدّر لك أن تلقي كلمة في الحفل التأبيني الذي يقام لك عند وفاتك فما الذي كنت تقوله؟

فأجاب «من الممكن أن أقول: ان هذا الإنسان عاش حياته منفتحاً على الرسالة منذ أن فتح عينيه على الحياة وعمل على أن يتحرك في خطوطها، وعانى وتألّم في درب الرسالة، وكان يحاول أن يكون صادقاً ومخلصاً، وربما كانت النفس الأمّارة بالسوء تأخذ عليه ما يأمله، لكنه أكمل الرسالة بحسب طاقته».

إن مسؤوليتنا اليوم لمواجهة الفتن الدينية والسياسية سواء في ملتقى الأديان والثقافات أو في المنسقية العامة لشبكة الآمان للسلم الأهلي هو أن نستفيد من هذه التجربة في عملنا، وأن نحوّل نهج السيد المبني على الإيمان، والإنسان، والوعي، والوحدة، وتحرير فلسطين كل فلسطين، الى مشروع عمل دائم من أجل حماية بلداننا وأوطاننا، وان الطريق الى ذلك هو السعي الدائم لتعزيز الحوار والاعتراف بالآخر وحماية التنوّع رداً على كل محاولات الإلغاء والانعزال والعنف.

* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب

المنسق العام لشبكة الآمان للسلم الأهلي