بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 تشرين الأول 2018 12:05ص بعد الزيادة المخيفة في انتشار المخدِّرات: دعوات لخطّة شاملة تحمي العباد والبلاد

حجم الخط
معلوم أن الشريعة الإسلامية إنما جاءت للمحافظة على ضروريات الحياة الخمس، والتي تُشكِّل كينونة الإنسان المادية والمعنوية، وهي: الدين والنفس والنسل والعقل والمال، وهذا الحفظ الذي جاءت به الشريعة له مستويان: مستوى الحماية، ومستوى الرعاية، مستوى الحماية بمعنى الوقاية وإبعاد الأضرار والمؤذيات، وأما مستوى الرعاية فيُعنى به السعي لتحقيق الغاية المرجوة وهي العبادة المطلقة لله تعالى.
وبالتالي يكاد يكون العقل هو أهم مقصد من هذه المقاصد؛ فالدين من غير عقل طقوس بلا أثر، ولذلك جعلته الشريعة مناط التكليف الشرعي؛ فمن فقد نعمة العقل رُفع عنه التكليف؛ إذ هو ليس بأهل له، ولا بقادر عليه.
ولا شك أن المخدرات مُذهِبة للعقل، خاصة وأن متعاطي المخدرات يتجرع سماً أجمع العقلاء جميعا على فتكه بالأجساد وتدميره للأنفس كما إنه يفقد بشريته وكرامته الإنسانية، حتى يصبح ألعوبة بيد تجار الموت فيغيب عنه التفكير السوي والاتزان فيبيع نفسه مقابل إشباع رغبته.
ومؤخرا انتشرت وبشدة في المجتمعات العربية ومنها لبنان ظاهرة المخدرات بين الشباب حتى باتت وباء نعاني منه ونحصد سوءه كل يوم قتلا وسرقة وجرائم ما كنا نسمع بها من قبل..؟!
 وهنا يطرح السؤال...
أين السعي الجدي لعلاج هذا الخطر المدمر الذي يجتاح مجتمعنا..؟!
وأين الخطط التربوية والثقافية والاعلامية والتوعوية والوقائية التي تنبه الشباب وتحصنهم من الانجرار خلف فحيح الأصوات الإبليسية التي تسعى لنشر سمومها في البلاد..؟!
والأهم... أين رعاية الشباب وتأمين النشاطات المفيدة لهم التي تمنع عنهم التفكير في اللجوء إلى مثل هذه الموبقات التي تقتل العقول والنفوس وتدمر الطاقات وتهدر الإمكانات..؟!
الصلح
{ بداية قال مفتي بعلبك - الهرمل الشيخ خالد الصلح: ان هذا الموضوع لا يحتاج إلى كلمة وإنما يحتاج إلى حلقات وحلقات وخصوصاً انتشار تلك الآفة بين ابنائنا وبناتنا حتى أصبحت عادة غير مألوفة في بلادنا بخراب البيوت وعقوق الأبناء والبنات تجاه آبائهم وأمهاتهم، بل هذه الآفة هي موت بطئ لكل مجتمع تنتشر فيه ولا يحارب من قبل المجتمع والسلطات المختصة، وخصوصاً تلك الآفة كما نسمع بوسائل الإعلام اليوم إنتشارها بشكل واسع كبير جداً في السجون وليس فقط في الطرقات والجامعات والمنتجعات وعلى الدولة ان تصدر قراراً بعقوبة التعاطي وليس التاجر لأنها آفة تدمر على المدى البعيد كل مقومات الشباب والصبايا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
وأشار إلى ان الدعاة دورهم كبير في التوعية ولكن إذا استخدمت الحكمة مع الصوت كان أكثر فعلاً وتأثيراً من الداعية، لأننا أصبحنا في مجتمعات بالنادر ان يستقبل الإنسان داعية يوجهه إلى الطريق الصحيح وطريق الخير ولكن لا يجب ان نخلي مسؤولية الدعاة من هذا الأمر، فعليهم ان يكونوا صابرين محتسبين الأجر عند الله في توعية المجتمع من تلك الآفة الخطيرة.
وختم قائلاً: أتوجه إلى الأبناء والبنات ان لا يقدموا على تجربة تعاطي المخدرات وأن يبتعدوا عن هذه الآفة السامة القاتلة التي نهانا عنها رب العالمين ونهانا حبيبنا المصطفى  صلى الله عليه وسلم  عنها واعرافنا وتقاليدنا عن ذلك لأن الشباب هم عماد الأمة الذين نحن بأمس الحاجة إلى ان يكونوا واعين متيقظين امام هجمة الأعداء على أمتنا ووطننا.
حداد
{ المفتش العام للاوقاف الإسلامية الشيخ د. أسامة حداد قال: ان ظاهرة المخدرات لا يُمكن ان تتفشى بين شباب محصنين بالتربية والحنان والعاطفة الأبوية، فإذا أحسن الأهل تربية ابنائهم ورعايتهم رعاية حقيقية وتابعوهم متابعة يومية في كل شؤونهم مع التوجيه والتثقيف لا يُمكن ان يستطيع أحد خرق هذا الشاب سلوكياً ويورطه في مصيبة المخدرات.
وعن كيفية تحصين الشباب من هذه الآفة اقول: ان التحصين يبدأ في عمر الطفولة وصدق الامام علي رضي الله عنه عندما قال: «ولدك لاعبه سبعاً أي اشبعه من الحنان والطفولة سبع سنوات ثم ادبه سبعاً أي عرفه الصواب من الخطأ والحلال من الحرام وبين له خطورة الشبهات ثم صاحبه سبعاً من عمر 14 إلى 21 عاماً ولتكن الصراحة والوضوح والقرب من هذا الشاب هي عنوان هذه المرحلة.
والأمر الثاني ان تحصين الشباب يكون بالقدوة فكيف استطيع ان احمي اولادي من التدخين والذي هو نافذة على المخدرات والأب أو الأم تدخن والمعلوم ان التدخين هو نوع من المفترات والمهدئات المضرة وقد يتسلل بعض أصحاب السوء إلى شبابنا عبر سيجارة ملغومة بمواد مخدرة.
والأمر الثالث: انتبهوا أيها الأهالي إلى صحبة ابنائكم من يصاحبون وما هي الأجواء التي ترافقهم في حياتهم وجامعاتهم.
والأمر الرابع تحصين المجتمع من الإعلام الفاسد عبر برامج ومسلسلات ترغب باسم الحرية بالفواحش ومنها المخدرات.
واختم قائلاً: وهنا ادعو وزارة الإعلام ان تأخذ دورها في تحصين الشباب والأجيال عبر إعلانات توجيه وبرامج تثقيفية، وندعو أيضاً وزارة الشباب ان ترينا همتها في توجيه الشباب نحو السلوك الصحيح ونحن بدورنا كدعاة يجب ان لا يخلو مجلس من مجالسنا ولا خطبة من خطبنا إلا ونركز فيها على توجيه الشباب وتحصينهم.
واتوجه إلى شبابنا الذين هم عماد هذا المجتمع وأمن المستقبل ان ينتبهوا إلى صحتهم وعافيتهم وسلوكهم وان لا يكونوا ضحية تجار مخدرات.
الأتات
{ أما الاختصاصية التربوية سحر الأتات فتقول انه من المؤسف جداً اننا أصبحنا نرى اطفالاً شردوا وحرموا من حنان العائلة بسبب ادمان رب البيت أو ارتباطهم بهذه المنكرات مما يعني ان هذه الآفة بانواعها واصنافها ومسمياتها المختلفة باتت داء داهماً وخطراً فتاكاً يواجه المجتمع بأسره وخاصة الشباب الذين انزلقوا في هذا الدمار الشامل الذي يُهدّد اجسامهم بالمرض وعقولهم بالانحراف وضياع طاقاتهم التي وهبها الله لهم لصلاح دينهم ودنياهم.
واضافت: والادمان في عصرنا من أشدّ المشكلات ايلاماً لاسر المدمنين وللمجتمع إذ يؤدي إلى حالة من التدهور في الشخصية تهتز معها القيم والمعايير فلا يعود المدمن قادراً على العقل السليم لا مع القانون ولا مع الحياة الإجتماعية السوية.
وترى ان دور الأسرة دور مهم في حماية الشباب من الوقوع في براثن المخدرات فدور الأسرة دور رعائي حضاني ودور مراقبة وتربوي وارشادي وتوجيهي فالاسرة هي الحاضنة للقيم التي تنقل عبر الأجيال لذلك يجب ان يكون للابناء بنية حاضنة لحمايتهم كي لا يلجاؤوا إلى المفسدين في الأرض الذين يتصيدون الشباب وإغرائهم في تعاطي المخدرات.
وترى ان حالة الفراغ التي يعيشها الشباب بسبب البطالة أمر خطير وشر مستطير، فالفراغ مفسدة للمرء، فالفراغ قد يؤدي بصاحبه إلى تناول المخدرات إن لم يستغله فيما ينفعه، تحول إلى نقمة ومن منحة إلى محنة ويصبح شبحاً مخيفاً يحول الشباب إلى العوبة بيد شياطين الأنس والجن، قال  صلى الله عليه وسلم  «نعمتان مغبون فيهما كثير من النّاس الصحة والفراغ...» كما ان من أهم عوامل وقوع بعض الشباب في هذه الآفة هي الصحبة السيئة ومعاشرة رفاق السوء، إذ ان المشاكل الأسرية في بعض الأحيان تدفع الأبناء نحو الفساد ونفورهم من آبائهم وامهاتهم ولجوئهم إلى رفاق السوء أو إلى المحادثة على وسائل التواصل الاجتماعي ولا ندري مع من يقع فريسة ذلك.
وتضيف: ولا يخفى على أحد آثار الإعلام على ذلك إذ من الممكن ان يكون الإعلام نافعاً ومن الممكن أن يكون عاملاً من عوامل الانحراف ولكن ما نشاهده اليوم على شاشاتنا التي تنشر الانحراف والرقص والزنا وشرب الخمر والمخدرات، فيتأثر الشباب بما يشاهدونه ويؤدي بهم إلى طريق الانحراف الفكري والسلوكي.
فعلى وسائل الإعلام ان تكون حامية لافكار الشباب من خلال البرامج التوعوية والتوجيهية التي تبين اضرار هذه الآفة.
وأخيراً أتوجه إلى جيل الشباب إلى ضرورة الوعي والحذر من الوقوع في شباك أعداء الدين الذين يحاولون تشتيت عقولكم وضياع مستقبلكم لانكم انتم عماد الأمم وضياعكم هو ضياع للعقول المستنيرة في هذه الأمة.