بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 كانون الأول 2017 12:06ص بعد انتهاء معرض بيروت الدولي للكتاب: أين الكتب الإسلامية المؤثرة وهل طغى الكتاب الالكتروني عليها

حجم الخط
تعتبر القراءة من أهم وسائل التعلم الإنساني التي من خلالها يكتب العديد عن المعارف والعلوم والأفكار، وهي التي تؤدي إلى تطوّر الإنسان وتفتح أمامه آفاقاً جديدة كانت بعيدة عن متناوله.
وللقراءة أهمية عظيمة فإن أوّل كلمة خاطب بها جبريل عليه السلام سيدنا محمّداً  صلى الله عليه وسلم  وهي كلمة (أقرأ) وهذا له دلالة كبيرة وعميقة على أهمية اكتشاف أهمية القراءة للعلم والمعرفة.
وقد وصف البعض القراءة بأنها غذاء الروح والعقل وفي الإسلام اتخذ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  من غزوة بدر في تعليم القراءة والكتابة للمسلمين وسيلة لفداء الأسرى إذا كانت فدية الأسير المشرك تعليم عشر مسلمين القراءة والكتابة مقابل إطلاق سراحه حتى تعلم عدد كبير من المسلمين القراءة والكتابة وباتوا يعلمون بعضهم بعضاً.
وعلى الرغم من انشغال النّاس في الآونة الأخيرة بالتطورات التكنولوجية والكتاب الرقمي، إلا ان الكتاب ما زال ذا أهمية كبيرة للانسان فمهما كان المصدر الذي نحصل على المعلومات منه فإنه لا يضاهي الكتاب.
ولكن سؤالنا هنا: لماذا غابت الكتب المؤثرة التي تعالج ما يُعاني منه النّاس ولماذا تركز على المواضيع الأكاديمية التخصصية.
وكيف أثرّت التكنولوجيا على الكتاب؟
هذه الأسئلة ستشكل محور تحقيقنا التالي:

آراء متنوعة
{ مهى عيتاني قالت: ان أكثر الكتب المتوفرة في معرض الكتاب هي كتب بحثية لا يستطيع الإنسان العادي قراءتها، بل نحتاج إلى كتب بسيطة في الأسلوب وتعالج مواضيع تهمنا ويعاني منها مجتمعنا وكيفية العلاج لهذه الأزمات التي يتخبط بها.
{ أما السيّد منير سلوم فقال: خلال تجوالي في معرض الكتاب لفت نظري الكمية الكبيرة من الكتب الإسلامية ولكنها بأسلوب معقد لا يستطيع الإنسان صاحب المستوى الثقافي البسيط استيعابها، واطالب بان يكون هناك كتب إسلامية للأطفال تفهمهم أمور دينهم في أسلوب بسيط يستطيعون إدراكه.
{ السيّد فوزي لبان قال: في الحقيقة لم أعد أهتم بحضور معرض الكتاب لأنه وبكل بساطة بوجود التكنولوجيا والانترنت أستطيع تصفح أي كتاب أريده، نعم قد لا يعطيني المعلومات كاملة التي أريدها ولكنني استفيد بقدر الممكن من الانترنت، ولذلك لا استطيع أفادتك بأية معلومة عن معرض الكتاب الإسلامي في معرض الكتاب، وهذه ليست حالي بل حال الكثيرين من النّاس.
{ اما السيدة منيرة طبارة فقالت: هناك كتب إسلامية كثيرة لكبار الكتاب ولكن اكثريتها مواضيع أكاديمية متخصصية ليست عامية لكل المسلمين، بل نحتاج إلى كتب تناقش قضايا ثقافية اجتماعية تعاني منها مجتمعاتنا، وأجيالنا، وتُشير إلى ان التطور التكنولوجي والمواقع الالكترونية اثرت على الكتاب حيث يعمد الشباب إلى الاستفسار من هذه المواقع بدل الرجوع إلى الكتب.
المفتي الصلح
< بدوره مفتي بعلبك - الهرمل الشيخ خالد الصلح قال بان القراءة تنال مكانة عالية في الإسلام، فكانت أول كلمة بدأ بها جبريل عليه السلام في حديثه مع النبي  صلى الله عليه وسلم  هي كلمة (أقرأ)  إذ قال تعالى: {أقرّ باسم ربك الذي خلق} وأن دل ذلك فإنما يدل عى المكانة العظيمة التي تحتلها القراءة في الدين الإسلامي، ولا يخفى على أحد أهمية القراءة بالنسبة للفرد فهي بمثابة وسيلة اتصال للتعرّف على الثقافات الأخرى والعلوم المتنوعة فتزود الفرد بمهارات التعلم الذاتي والتي اضحت وسيلة من وسائل العلم.
واضاف: ولكن للأسف الشديد فإن عالمنا أصبح عالم السرعة اليوم، والكتاب يعيش مرحلة التنافس مع الوسائل التكنولوجية الحديثة، واتجه القراء إلى الشبكة العنكبوتية بأشكالها المختلفة التي ربما هي نافعة في مكان ما، ولكن ضررها أكبر في مكان آخر لعدم معرفة ما كتب سابقاً وما كتب الآن، فمع التطور التكنولوجي بدأ الاتجاه نحو القراءة يضعف وازداد الإقبال على الأجهزة الحديثة، وللأسف الشديد «أمة إقرأ لا تقرأ»، ولا يعرف لذة القراءة إلا من خاض غمارها.
وتابع: اضف إلى ذلك الحالة الاقتصادية الصعبة التي يُعاني منها النّاس جعلت الإنسان عاجزاً عن شراء الكتب بسبب ارتفاع اسعارها، فيلجأ إلى الشبكة العنكبوتية الأرخص بالسعر والاوفر بالوقت، موضحاً ان العالم اليوم أصبح كالقرية الصغيرة بسرعة وسائل الاتصال والتواصل فإذا أراد الإنسان معرفة أي أمر أو موضوع يسأل معارفه وربما يجد الإجابة عما سأله أو استفتاه.
ففيما مضى كان الإنسان يقرأ ليتعلم والآن يسأل ولا يريد ان يتعلم فيكتفي بالإجابة ممن سأله.
حداد
< اما المفتش العام للأوقاف الإسلامية الشيخ اسامة حداد فقال: بدأت الدعوة الإسلامية ونزول الوحي بكلمة (أقرأ) وهذه إشارة إلى أهمية القراءة لما فيها من تثقيف وتربية وتعليم... واسس النبي  صلى الله عليه وسلم  أوّل مدرسة قراءة بعيد غزوة بدر عندما طلب من الأسرى الكفار ان يعلم كل واحد منهم عشرة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم القراءة والكتابة مقابل حريته وعلى مدار التاريخ الإسلامي بدءاً بتدوين الأحاديث النبوية الشريفة وصدور كتب البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم كان المسلمون يهتمون اهتماماً بالغاً بالكتاب وكانت تعقد مجالس العلم لتلقين مضامين الكتب جيلاً عن جيل.
واضاف: أما في زماننا فأصبح الكتاب غريباً في مجتمعاتنا ويعود السبب إلى عدم تحفيز الأجيال على القراءة وحل محل الكتاب «الواتس اب» و«الفايس بوك» وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي مما أضعف الإقبال على الكتب، إضافة إلى عدم طرح المواضيع بأسلوب شيق ومرغب لدى بعض الكتّاب أو تناولهم مواضيع بعيدة عن الواقع وبعضها قد يكون دراسات أكاديمية بحتة لا تلامس عقول الشباب فيعتبرونها جافة أو بعيدة عن احتياجاتهم
ومن هنا ندعو دور النشر إلى امرين: الأول: العمل على استقطاب كتّاب ومؤلفين يستعملون أسلوب السهل الممتنع والأمر الثاني: التنسيق مع وزارة التربية والتعليم في تشجيع وتحفيز الأجيال والتلاميذ على القراءة وإقامة المباريات التشجيعية.
ولفت إلى انه لا يمكننا ان نغفل عن حلول الكتاب الالكتروني محل الكتاب الورقي، وهنا ندعو دور النشر أيضاً إلى تأمين احتياجات الأجيال من خلال تطوير الطباعة من ورقية إلى رقمية، وإذا أردنا ان نطالب الدعاة بتأليف كتب تلامس عقول الشباب فهذا يحتاج إلى دعم مادي كبير وهذا من واجبات وزارة التربية والمؤسسات الدينية.
وختم قائلاً: انصح الأجيال الصاعدة بالمطالعة والقراءة فإن ذلك يغذي عقولهم وينمي افكارهم ويقوي ثقافتهم وكثيراً ما يلفت نظري عندما أرى بعض الشباب الأجانب في الطائرات يحملون كتاباً يقرأونه خلال رحلة السفر حتى لا تضيع عليهم الأوقات، وللأسف الشديد نحن أمة لا نقرأ.