بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 شباط 2018 12:05ص بعدما شاعت المشاكل وغابت السعادة

غندور: نحتاج إلى ترميم بناء الأسرة حتى نقدِّم للمجتمع أجيالاً صالحة

حجم الخط
من أكثر الأمور التي  يعاني منها الإنسان في عصرنا هو اختفاء مفهوم السعادة من حياتنا، ورغم كل ما نراه من تطور تقني وطبي وعلمي والذي وظف في سبيل خدمة الإنسان في كل المجالات للأسف نلحظ ازديادا في نسبة الكآبة عند الناس وفي مختلف بلاد العالم...
فلماذا غابت السعادة عن حياتنا..؟!
وهل فعلا أصبحنا نعيش في عالم مليء بالتشاؤم..؟!
بداية دعونا نعترف أن السعادة هي شعور نابع من داخل النفس البشرية نابع من شعورها بالرضا والطمأنينة والبهجة، ولكن في الإسلام السعادة لا يمكن أن تتحقق في حياة إنسان إلا إذا كان الإيمان موجودا بكل أبعاده، لأن الإيمان هو منبع السعادة ومصدر الفرح والمنطلق الذي من خلاله نتعامل مع كل أمور الدنيا. 
فالمسلم يسير في هذه الحياة ومعه سلاح يواجه فيه كل تحدياتها اسمه الإيمان، وبالتالي لا خوف لديه وإنما يملك بيده الدليل الذي يعطيه طريقة التعامل مع كل الأمور التي تصادفه في هذه الدنيا..
والأسرة هي الركن الأساسى في بناء كل مجتمع أو أُمة، بل إنَّ القرآن الكريم قد أخبرنا بأن الإنسانية كلها قد أوجدها سبحانه بقدرته من أسرة واحدة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} وهنا يطرح السؤال ... 
هل فعلا غابت السعادة عن الأسرة في بلادنا..؟! وما هي الأسباب التي أدت إلى حدوث هذا الأمر..!؟ والأهم كيف نعيد الأسرة إلى رحاب السعادة لتخرج للامة أجيالا قادرة على العطاء والقيادة السليمة..؟!
أسئلة كثيرة حملناها إلى فضيلة القاضي الشيخ زكريا غندور وكان هذا الحوار:
أساس المجتمع
نلاحظ منذ سنوات ان الأسرة انغمست بمادية الحياة حتى ضعفت العلاقة بين افرادها وغابت السعادة عنها؟.
{ بداية لا بدّ من توجيه الشكر إلى جريدة «اللـــــواء» كمنبر اعلامي صادق لبحث موضوع من أهم المواضيع وهو موضوع الأسرة إذ ان الأسرة هي لبنة من لبنات المجتمع والوطن، إذا صلحت صلح الاثنان، وإذا فسدت فسد الاثنان.
ولا بدّ ان نبحث عن الأسرة في مجالها الضيق ومجالها الكبير، اما في معناها فالأسرة تتألف من زوج وزوجة وأولاد وإذا خرجنا إلى الخارج إلى الابوين وفروعهم من الأخوة والاخوات والاعمام والعمات لنتحدث عن الأسرة بكاملها التي تمزقت وضاعت القيم فيها بعد ان هجر الأب اولاده والاولاد آباءهم والاخوة تباعدوا وتفرقوا، وإذا عدنا إلى الأصل في سبب هذا الانهيار في الأسرة هو انهيار المجتمع الذي أصبح مجتمع الانانية بعد ان كنا نعيش المجتمع في الماضي كعائلة يتحسس الجميع مع الجميع واليوم لا غير أحد يتحسس مع اخيه وابنه واخواله واعماله واقاربه وانسابه.
واضاف: ووسائل الإعلام عليها من الله ما تستحق فرقت الأسرة وجعلت فيها الحواجز حتى زاد من هذا الأمر وسائل التواصل الاجتماعي من «واتس أب وانستغرام، وفايس بوك» حتى أصبح الابن لا يتصل مع ابيه إلا برسالة متواضعة وحجته انه مشغول لأن أهم عنصر قد فقدناه وهو بر الوالدين ونبينا  رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول: «مثل المسلمين في تعاطفهم وتوادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى»، فهذا الجسد تقطع في المجتمع الكبير وفي المجتمع الصغير لأن أساس الترابط هو الدين ولو شئنا ان ندخل في هذا الميدان لذكرت قصة طريفة كان أحد الشيوخ يزور صديقه فإذا به يشاهد ابن صاحب الدار المضيف يزحف على قدميه ليقبل قدم والده نظر الضيف إلى المضيف باستغراب وقال كيف تسمح له بهذا العمل فقال المضيف: والله ما امرته ولا طلبت منه ذلك ولكنه رآني وأنا ادخل إلى غرفة والدتي المريضة حتى لا أزعجها فأدبدب على قدمي لاقبل قدمها فرآني بهذا المشهد وهو يفعل كما رأى، وهذه عظمة البر وليس كالذي طرد والدته من منزلها اكراماً لزوجته أو الأب الذي طرد والده من بيته ليضعه في دار المسنين اكراماً لزوجته، أو كتلك الأم في دار المسنين التي اتصلت بولدها بواسطة إدارة المستشفى ليزورها فلم يحضر كان غاضباً وقال لها بنبرة عالية «شو بدك» قالت له أريد ان تحضر لهذه الغرفة براد صغير ومكيف ومروحة قال لها لماذا قالت له انا خلصت ولكن شأنك أنت لأنه كما تعامل تعامل.
ضاع الحياء
{ نرى أسراً حديثة التكوين تعاني من أزمات تؤدي إلى الطلاق، كيف تفسر انتشار حالات الطلاق في المجتمع؟
- كما قلت سابقاً سقوط المجتمع هو بسبب سقوط الدين، وجل دعاوى الطلاق في المحاكم اسبابها الإنسانية وسائل التواصل الاجتماعي حتى المرأة لم تعد يعجبها زوجها، فالمرأة ضاعت بالمعنى الكامل حتى ضاع الحياء داخل الأسرة وللاسف الشديد إذا لم تستحي فافعل ما شئت، ولا شك أن وسائل الإعلام فقدت الحياء وأصبحت شاشتها تتباهى ايهما أكثر وقاحة وجرأة في عرض ما يخدش الحياء.
كل ذلك اثر بشكل مباشر على الأسرة وأهم ما نتمناه هو ان تلعب وسائل الإعلام دوراً في التربية خاصة في التركيز على الحياة الأسرية وعناصرها الأساسية وعلى بر الوالدين، فالأسرة بالتعاون والتحابب بين الزوجين نعيد لها السعادة لأن المرأة والرجل كاليدين إذا انقطعت واحدة شل عمل الأخرى.
ترميم الأسرة
{ كيف نعالج هذا الأمر ونعيد السعادة إلى الأسرة؟.
- نحن نحتاج اليوم إلى ترميم الأسرة ليعرف الزوج مكانه وحده وواجبه وتعرف الزوجة مكانها وحدها وواجبها ويكونان كالجسد الواحد في التعاون والتحابب والتسابق كل واحد منهما لخدمة الآخر واسعاده فالأبوان في بيتهما كشمعة تحترق لتنير لغدها الطريق فإذا اقدم هذا الابن على رعاية اسرته وبر والديه والاتصال بافراد عائلته نجد المجتمع عاد بقيمته المعنوية للاخلاق فالامم الأخلاق فإذا انعدمت الأخلاق سقطت الأمة والنبي  صلى الله عليه وسلم  كان من أرقى مميزاته الوسام الرباني «وانك لعلى خلق عظيم».
كما نحتاج اليوم إلى ترميم الأسرة وترميم المجتمع والجوار لتعود الأسرة متحابة تتعاون على البر والتقوى ولا تتعاون على الاثم والعدوان.
ومن اكرم ما قاله النبي  صلى الله عليه وسلم  «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه هذا حتى لو كان كافراً فكيف إذا كان مسلماً وقريباً ونسيباً».
كيف يجب ان نكون نبكي على الماضي لأنه كان به اناس يحترمون الإنسان ونبكي من الحاضر لانا فقدنا الإنسان.
نحن اليوم نعيش معاناة المحبة ونعيش مجتمع الانانية وشعارنا من بعدي الطوفان الإنسان يتألم لأخيه في أي بلد كان فكيف إذا كان اخاه الحقيقي؟.
دور الدعاة
{ ما هو دور الدعاة والمساجد في تحقيق هذا الأمر؟
- على  الدعاة دور رئيسي وأساسي في احياء رسالة الأخلاق التي على أساسها بني «مجتمع الاخلاق» فدور العلماء اليوم هو الإصلاح وإعادة احياء فقه الدين لا قيمة لنا دون دين، إعادة احياء الدين بالتوعية من خلال محاضرات دينية تعليمية تربوية تنمي الأخلاق في نفوس النّاس.