عند كل مناسبة إسلامية أو وطنية تحلّ علينا في هذا البلد نرى المسؤولين من مختلف الاتجاهات يطلون عبر المنابر الإعلامية والدعوية مطالبين الأسرة القيام بدورها في هذه المناسبة أو تلك، ومشدّدين على دور الأم تحديدا في تزويد المجتمع بأجيال مؤمنة ووطنية تعمل على مصلحة البلاد وخير مستقبله...
ولكن المصيبة التي تتكرر كل عام وفي كل مناسبة هي أن الغالبية العظمى من هؤلاء جهلوا معاني العمل والعطاء وأتقنوا فقط.. فن الكلام والأخذ...؟!
يطالبون الأسرة بحسن الرعاية الطبية والغذائية ... ويلعبون بأسعار الغذاء وأساليب العلاج وفق مصالحهم..؟!
يصرّون على حسن تلقي الأبناء للتعليم الصحيح... ويجعلون الأقساط المدرسية سبيلا لتحصيل ثرواتهم...؟!
يناشدونها بالتربية وفق مقتضيات الأخلاق الحميدة... وهم أول المسيئين إلى الأخلاق والفضائل والقيم...؟!
يقيمون الندوات حول حبّ الوطن وأهمية التضحية من أجله... وفي الوقت عينه لا نجدهم إلا متاجرين بحبه.. منفرّين عن الاستقرار به.. ومطفشين الشباب والرجال من أرضه..؟!
نراهم يحيطون برعايتهم المؤتمرات التي تناقش السعادة الأسرية وأثرها على تربية الأبناء.. وتناسوا أنهم السبب في غلاء المعيشة.. وفي صعوبة الحياة.. وفي ندرة العمل... وفي هجرة الأزواج.. وبالتالي أنهم سبب في وقوع آلاف الحالات من الطلاق...؟!
فأي أمّ تخاطبون أيها المسؤولون..
وأية أسرة تقصدون ...
وعن أي أبناء تتكلمون...
إن الأم في عصركم... استبدلت أحلامها المشروعة برؤية أبنها طياراً أو طبيباً أو مهندساً بحلم آخر... وهو أن تراه فقط شبعانا...؟!؟
الأم في عصركم.. حرمت كل حقوقها الانسانية الطبيعية من أجل الحصول على حق من حقوق أبنائها...؟!
الأم في عصركم.. تحولت أمنيتها «التقليدية» من تزويج ابنها والتمتع بأحفادها.. إلى رؤيته موظفا بسيطا ... لا يسأل الناس لقمة العيش..!!
وأخيرا .. الأم في عهدكم... وبعدما كانت تتمنى إنجاب الأطفال.. باتت تبكي - ألما لا اعتراضا على حكم الله – إذا ما رزقت بطفل.. لأنها وللأسف الشديد تعلم تماما في أي بلد سوف يعيش..!؟
إن المطلوب من أمهات بلادنا اليوم أن يرفعن الصوت عاليا لرفض كل ظلم يمارس بحق أمومتهن قبل أن يكون ممارسا بحق أولادهن...؟!
ونعم .. لتكن الصرخة شاملة يسمعها السياسيون والعلماء ورجال الدين والاقتصاديون وتجار المدارس وسماسرة المستشفيات وكل مسؤول في هذا البلد... لعلها تحافظ على ما تبقى من حقوق للأبناء.. وأحلام للأمهات..؟!