بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آذار 2018 12:05ص تغيير النظرة «المعيبة» تجاه المرأة المسلمة واجب على كل مسلم

موروثات سلبية طغت على التعاليم الدينية... فشوهت الحياة والفكر والتطبيق

حجم الخط
لا شك أن مجتمعاتنا العربية والاسلامية تعاني من «مأساة» تثبيت الصور النمطية الخربة التي يصر البعض على تركيزها في أذهان الناس، والتي مفادها أن المرأة «مخلوق درجة ثانية»، وظيفتها أن تكون عاملة عند الرجل  أو خادمة له أو مجرد سلعة يستمتع بها وانتهى الأمر..؟!
ورغم كل الشواهد التي تؤكد كرامة ومكانة وقيمة المرأة في الإسلام فإننا نصدم بأناس يصرون على تلك المفسدة وإن عارضت صراحة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة...؟!
فالمرأة في الإسلام ليست كما يريد هؤلاء بأفكارهم المنحرفة و«نظراتهم المعوجة»، وإنما هي الأم التي تربّي.. والزوجة التي تشارك.. والأخت التي تحتضن.. والابنة التي تفرح قلوب الآباء والأمهات..
وهي التاجرة والمعلمة والطبيبة والإعلامية والموظفة الصالحة التي تعمل مع مختلف أبناء الوطن لتحقيق مصلحة البلاد والعباد..
 
حقوق وواجبات
والمرأة في الإسلام هي التي لها من الحقوق تماما كما للرجل وعليها من الواجبات كما على الرجل، وبالتالي كفانا ظلما وافتراء عليها، لأن الإيمان الحقيقي هو أن نكون بكلياتنا  كما يريد الله تعالى.. لا كما تهوى مصالحنا وأهواؤنا.. ؟!
فالمرأة أيها «المسترجلون» هي شريك الرجل في هذه الحياة ولكل منهما دور واضح المعالم لا لبس فيه فصّله القرآن الكريم في آياته وبيّنه عمليا رسولنا  صلى الله عليه وسلم .
وهنا لا يمكن أن نغفل عن دور الدعاة والعلماء في إزالة هذا اللبس المقصود وأن يسهموا في نشر حملات التوعية الصحيحة التي تعرف المجتمع ذكورا وإناثا بحقوقهم وواجباتهم، فيعلمون الناس ويرشدونهم ويشرحون لهم كل ما استغلق عليهم فهمه حتى يكون الرجل - كما تكون المرأة - على علم بكل أمور الدين وليس كما نرى في كثير من الأحوال غارقة في بحور جهل أو محبوسة في بوتقة التفسيرات الشاذة أو المغرضة..
كما علينا جميعا أن نعلم بل أن نيتقن أن المرأة التي يؤذيها البعض «ولو بفكره» هي التي ربت وضحت وسهرت وعملت وتعبت في سبيل تنشئة هذا «النموذج الأعوج» الذي أول ما بدأ بالتفكير... سعى لإهانتها واعتبارها عالة على المجتمع(؟!)، فمجتمعاتنا تحتاج إلى دور الرجل كما تحتاج إلى دور المرأة،وكل من ينكر هذا فهو مريض ومريض ومريض..؟!
القرآن ينفي ما تعودنا عليه 
ولعل من أبرز الدلائل القرآنية التي تنفي تلك النظرة المشوهة الموروثة عند كثير من الناس فيما تعلق بصورة المرأة في النفوس ما يلي:
أن الله تعالى ساوى بين المؤمنين والمؤمنات في الثواب والعقاب والمدح والذم؛ قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، وقال أيضا: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}...، وقال تعالى: {َوالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}، وقال تعالى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيما}. 
أن الشعور بتفضيل جنس على جنس  بنص القرآن باطل، فكُلٌّ فاضِلٌ ومُكَرَّمٌ عند الله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}.. وهذا التكريم والتفضيل شامل للجنسين فكلهم بنو آدم ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»}.. دون تمييز بين ذكر وأنثى...
أن نعرف تمام المعرفة أن مسألة كيد النساء التي وردت في قوله: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} وقوله تعالى عن كيد الشيطان {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، لا يعني أن النساء أعظم كيدا من الشيطان، ولا يعني أيضا أن هذه الآية هي قاعدة قرآنية بحق كل النساء.. وإنما جاءت في حالة خاصة وظروف خاصة ولا تنطبق إلا على امرأة العزيز وعلى من كان على شاكلتها، أما أن يعمم المفهوم بأن كل امرأة خلقها الله تعالى هي من أصحاب الكيد فهذا حول فكري لا يمت للإسلام ولا لرقيه بصلة لا من قريب ولا من بعيد..؟!
مسألة ضرب النساء... وهي أشهر مسألة تتخذ للتهجم على الدين الإسلامي، بحيث يستخدمها الكثيرون كسلاح في حربهم علينا، فنقول بأن ضرب المرأة بمعنى الإيذاء الجسدي ليس ثابتا على الإطلاق، وإنما هناك خلاف كبير بين العلماء عليه، وبالتالي عدد من العلماء أكد على إن المقصود بالضرب هو الهجر المكاني الكامل.
إصلاح الفكر
بعد كل ما سبق يتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك أن المطلوب الأول هو الإصلاح الفكري، ونقصد به إصلاح العلاقة والفهم مع كتاب الله ومع سنة النبي  صلى الله عليه وسلم ، بحيث يكون الفكر نقيا وخالصا وسليما في التعامل مع أمور الدين، فلا نتمسك بموروث فاسد، ولا بتقاليد بالية، ولا بعادات قبلية أو اجتماعية تتعارض مع ديننا الحنيف، وهذا الأمر أساس لا بد منه، فمشكلة المشاكل أننا وفي كثير من الأحيان فضلنا التقاليد على الدين، وقدمنا العادات على النصوص الإسلامية، ولم نحصد من هذا إلا الفساد والخراب والدمار في العلاقات الأسرية والزوجية..؟! 
علينا أن نتيقن عمليا وفكريا وإيمانيا إن المرأة في الإسلام إنسان كامل الحقوق {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً}، فهي مكرمة ومصانة ومحترمة، عليها واجبات ولها حقوق، وكل ذلك في سبيل إصلاح العلاقة التي تؤدي إلى حسن عمارة الأرض في هذه الدنيا..
فهل سنشهد أعمالا واضحة لإصلاح الفكر والسلوكيات والأعمال والعلاقات والمفاهيم..؟! أم يا ترى ستبقى «ذكورية» بعض السلف وكثير من الخلف هي الطاغية في مجتمعاتنا لتعلن باستمراريتها عن إصرارنا على تشويه كل جميل في هذا الدين..؟!