بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 أيلول 2018 12:02ص ثقافة الأمن في بلادنا

حجم الخط
لا يمكن لعاقل أن ينكر أن سوء الخلق في شوارعنا قد ساد وانتشر وسيطر سيطرة كبيرة على أحداث وسلوكيات وأفعال السائرين فيه... فهذا الشارع الذي هو في حقيقة الأمر تعبير حي وترجمة عملية لما تختزنه البيوت والأسر من قيم و مبادئ... أصبح أشبه ما يكون بسوق لما هب و دب من فساد وانحلال وعري ومجون وتفلت على كل الأصعدة ... ولا سبيل لأحدنا لاتقاء هذه الشرور سوى الانطواء في المنزل وهجر المجتمع...؟!
فالأمر يحتاج إلى دراسة جدية وسريعة ترصد التغييرات الجذرية التي أصابت المجتمع في صميم أخلاقه فجعلته ينسلخ من نفسه ليتحول إلى ذئب كبير يبحث عن فريسته في أي وقت ليأخذ منها ما يريد كيفما يريد وفي الوقت الذي يريد...؟!
والأهم أن نسعى السعي الواعي والعلمي لإزالة أسباب هذا الخلل حتى لا نكون كمن يعالج آثار المرض ويترك المرض حرا...؟!
وهنا .. لا بد أن يعلم الجميع بأن الله تعالى حين قال في محكم تنزيله (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، فإنما أراد أن يذكر عباده بنعمة الأمن التي لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال طاعته سبحانه وتعالى....
فالأمن (بمعناه الاجتماعي والاقتصادي والصحي والغذائي والتربوي و....) هو ضمان استمرار سيطرة الأخلاق على المجتمع وعلى الأفراد وعلى ما يصدر فيه من قرارات، وبغيابه... تفسد كل الأمور وتضيع كل الحقوق ويستباح كل محرم....
فبالأمن ... يثمر التعليم في نفوس الأبناء فيؤدي المعلم دوره كما ينبغي ويخرج إلينا جيل واعٍ يطمح في التطور والتقدم...!!
وبالأمن .. يشعر الموظف باستقراره النفسي فيتقن أداء العمل ولا يهمل ولا يرتشي ولا يسرق...!!
وبالأمن ... نرى شبابنا محبا لوطنه فيسارع إلى تكوين الأسر ويكد ويتعب في سبيل الارتقاء بها...
وبالأمن ... يشعر كلّ مواطن بكرامته وقيمته ودوره فيتنافس مع أقرانه للتفوق والتميز والتقدم....
وكفى بقول النبي عليه الصلاة و السلام (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِه، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) خير دليل على ما نقول...
أما حين يرى المواطن أن الواسطة و(المحسوبية) هي سلاح العصر ... وحين يعايش واقعا لا يعترف إلا (بالشللية) و(تبادل المصالح) ... وحين يعاني أشد المعاناة لا لسبب معين ... سوى أنه (آدمي)... فحينئذ.. سيفقد الأمن بكل أسبابه ونتائجه ... وستسود حالة (الزعرنة) على المجتمع....
والأسوأ ... أن هذا المواطن حين يصاب بهذه الخيبات المتتالية يلجأ إلى مَن مِن المفروض أن يكونوا حماة القيم وجنود الحق ... فيرى أنهم أول المستفيدين والمتعاملين مع هذا (الإنكسار الأخلاقي) وأنهم أول من سكت وغض البصر بل وروج..... فتكون هنا الصدمة الكبرى .. فيكفر بهم وبكلامهم وبشعاراتهم وبالوطن كله ... ويخرج هائما على وجهه يبحث عن وطن بديل... ما زال فيه الإنسان إنسانا...؟!
إن المجتمع اللبناني اليوم .. إما أن ينتفض لإعادة التوازن ونصرة الحق والتمسك بالأخلاق ليشعر بالأمن بكل معانيه.... وإما فنحن (قاب قوسين أو أدنى) من سيطرة جيل لا يعرف عن الأخلاق والقيم والفضائل سوى أنها مجموعة من الأساطير والخرافات ؟!

         

أخبار ذات صلة