بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تشرين الثاني 2019 12:02ص حس المبادرة... الذي غاب عن كثير من الدعاة..؟!

حجم الخط
حين يقرأ أحدنا قول الله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} أو قوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، تتوضّح في نفسه أهمية فكرة المبادرة إلى عمل الخير ونشره بكل الوسائل الممكنة والمتاحة ما دامت متوافقة مع الأصول الشرعية، لأن المبادرة في معنى من معانيها هي التقدّم فيما يجوز أن يتقدّم فيه، ومن هنا نستغرب وبشدّة غياب هذا الحس الحضاري عن مجتمعنا.

ولعل مشكلة المشاكل هي غياب هذا الحس عن عدد كبير من الدعاة الذين وبكل أسف تحوّلوا بفعل عوامل كثيرة في عملهم الدعوي إلى ما يشبه الموظفين الإداريين الذين لا ضابط لهم سوى دوام الحضور والإنصراف..؟!

إن المطلوب أولا أن يعرف كل داعية أن «حس المبادرة» أصل أساسي في عمله، فعليه هو أن يبحث وأن يستفسر وأن يستقصي وأن يحلّل الواقع من حوله، ثم أن يفتش عن أنجح السبل التي تعالج المشكلة التي أمامه، ثم بعد ذلك يعرضها على المسؤولين ليناقشها معهم ويبدأ العمل بها، وليس من المنطق أبدا أن يبقى كل واحد جالسا خلف مكتبه منتظرا أن يأتي قرار من هنا أو من هناك ليبدأ الإصلاح أو التغيير نحو الأفضل.

ولا يبرأن أحد منّا نفسه عن هذا الأمر، فحس المبادرة كعمل إيجابي لم يكن يوما من الأيام مقتصراً على القادة والمسؤولين بل شمل أيضا القاعدة الشعبية الواسعة ولعل ما نشهده من ثورة محمودة في بلادنا يؤكد هذا الكلام.

ومن هنا نقول أن الواقع الحالي الذي نتخبّط بأزماته وتحدّياته يتطلّب من كل داعية أن ينمّي هذا الحس الحضاري في نفسه وأن يبادر كل منا إلى تقديم ما ينفع المجتمع، وأول هؤلاء هم الدعاة الذين عليهم أن يبادروا إلى معالجة المشاكل الفكرية والاجتماعية والأخلاقية التي استقرّت في مجتمعاتنا في ظل غياب فعلي لأدوارهم الإصلاحية.

عليهم أن يبادروا بالعمل وحسن التخطيط والإتيان بالحلول المناسبة... لأنهم مكلّفون بذلك...؟!

وأن يبادروا إلى تغيير المنكر بالطرق الحكيمة لأنهم قدوة في هذا الأمر...؟!

وأن يبادروا في تنمية العلم والمعرفة والعمل في نفوس الشباب لأن هذا دورهم..؟!

وإلا فكيف نفهم حديث النبي  صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ».. ألا يحثّنا جميعا على تنمية حس المبادرة في نفوسنا...؟!

نعم.. إن أي مؤسسة يغيب عن أفرادها حس المبادرة هي مؤسسة راكدة.. جامدة... تقف مكانها في زمن الكل من حولنا «يركض» فيه نحو الأمام ليدافع عن قضيته، والإسلام بألف أبدا لم يأتِ لنبقى مكاننا متأخّرين ومتقاعسين ومخذولين بل وساكتين عن كل حق نحن مطالبون بالدفاع عنه..؟!

[email protected]