بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آب 2018 12:02ص حين نكره أنفسنا..؟!

حجم الخط
دعونا نسأل أنفسنا دون زيف أو تزوير أو تحريف أو رياء، لماذ نكره نحن المسلمين أنفسنا إلى الدرجة التي جعلت بعضنا يتخذ بعضنا أعداء من دون الأعداء...؟!
ولماذا نصرّ في كل مناسبة تمر علينا أن نعلنها على الملأ أننا قوم لم نفلح إلا في معاداة أنفسنا ومحاربة ذاتنا ومقاتلة حالنا..؟!
ففي الوقت الذي نعي فيه كلنا قول الله تعالى {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} نرى الأغلبية العظمى من أبنائنا ومن شبابنا ومن شيوخنا بل ومن دعاتنا يسعون لمعاداة بعضهم البعض... ولمحاربة بعضهم البعض.. ولمخالفة بعضهم البعض.. ولتخطيئ بعضهم البعض... حتى يكاد يشعر الجيل الصاعد أن آباءه وأجداده ما عملوا في هذه الدنيا سوى ما يؤكد تراجع الأمة عشرات بل مئات السنوات...؟!؟
وهنا يبرز السؤال.. ما الذي أدى إلى استقرار هذه الآفة في نفوسنا أولا ثم في ساحتنا الإسلامية ثانيا....؟!
الجواب هو.. سيطرة (الأنا) على الـ(نحن).. وسيطرة الهوى على العقل... وغلبة المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.. والأهم من كل هذا.. اعتبار كل نصيحة مسبة... وكل موعظة شتيمة.. وكل رأي آخر تجريحاً...؟!
إذن .. نحن بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل منهجية العقل المسلم عند الكثير من هؤلاء الذين ما زالوا يصرون حتى اليوم على اعتبار كل نقاش أو حوار يتناول قراراتهم أو أعمالهم وينقدها النقد البناء.... اعتباره تعديا صارخا لا يمكن السكوت عنه أو السماح به...؟! 
وهذه الآفة البغيضة وللأسف الشديد لم تستقر في أذهان بعض الدعاة فحسب بل تم العمل مع نية الترصد على زرعها أيضا في عقول ونفوس جمهرة من أبناء الجيل الجديد حتى أصبحنا نشعر أنه ورغم اختلاف العصور وتبدل الأفكار والظروف والأولويات والأعمال  والهموم والمآسي... شعرنا أن الاختلاف الوحيد بين جيل الماضي وجيل الأبناء... هو شيب الشعر...؟! 
إننا ندعو وبقوة وإصرار إلى أن تكون المواسم الدينية في نفوسنا مواسم لإعادة تجديد العلاقة مع كتاب الله وسنة النبي، أي أن ننتقل بأفكارنا وسلوكياتنا وأعمالنا وتفكيرنا وهمومنا وعمليات التنمية والتقدم والازدهار من أسلوب (الفرد) إلى أسلوب الـ (الجماعة)..؟!
وأن يرتقي همنا الإصلاحي من حيز الـ (أنا) إلى حيز الـ (نحن)...؟!
وأن نترّفع بإيماننا من حيز (الشخصنة) إلى حيز (الأمة)..؟!
وأن يتوسع مدار أفقنا من (الذاتية) إلى (الجماعية)...؟!
وكل هذا ما هو إلا ترجمة عملية لمقتضيات الأخوة الإسلامية والأمة الواحدة..
إن ما نراه في ساحتنا الإسلامية يدلّ بما لا يدع للنقاش مجالا على أن زرع الفتن بين أبناء الأمة بات تجارة رائجة ومربحة عند الكثيرين ممن عملوا بتجارة المواقف و الضمائر قبل تجارة الفتن..؟!
إننا في أيام الحج المباركة ندعو المسلمين جميعا أن يتدبروا بأفعالهم قبل أقوالهم قول الله تعالى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}.. وأن يعلموا أن هذه الصفة هي من سمات أهل الجنة، فليس في هذه الدنيا قاطبة أجمل ولا أحلى ولا أرقى ولا أغلى من أن نرى في مجتمعاتنا أناسا يعيشون بيننا وفي صفاتهم.... صفة من صفات أهل الفردوس...؟!