بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تموز 2018 12:04ص خُطبة الجُمعة في مسجد حمزة بن عبد المطلب بلغة الإشارة

في خطوة هي الأولى من نوعها في مساجد بيروت ولبنان

حجم الخط
في خطوة هي الأولى من نوعها في مساجد بيورت، وربما في مساجد لبنان كله، وبمبادرة مشكورة من جمعية الإرشاد والإصلاح الخيرية الاسلامية، تمَّ يوم الجمعة الفائت، إلقاء أوّل خطبة جمعة مترجمة إلى لغة الإشارة، والتي تولّى أمر ترجمتها الأستاذ بلال عزو.
الفكرة التي تناقل خبرها عدد كبير من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لاقت استحسانا كبيرا وترحيبا شديدا من مختلف الفاعليات، خاصة أنها تسد بعضا من حاجات هذه الفئة، التي تعاني من إهمال كبير في مختلف المجالات الحياتية في لبنان.
الخطبة الأولى من نوعها والتي ألقاها الشيخ بهاء الدين سلام، تشكل مفتاحا لعدد من المشاريع التي يجب على المجتمع المبادرة لتحقيقها خدمة لهؤلاء، كما تشكل بادرة خير، ونواة تواصل جديدة لا بد للجميع أن يحسن استثمارها حتى نخرج من دائرة التقصير إلى فعالية العمل الصحيح في الاتجاه السليم. 
فالأصمُّ الأبكم البالغ مِنَ الذكورِ المتمتِّعُ بقُواهُ العقلية ليس مستثنًى مِنَ الجمعة، بل يدخل في جملةِ مَنْ يجب عليه شهودُها في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ»... فكيف إن كانت مصلحة الصُّم البكم ملحة في خطابهم بما يفهمون والاستفادةِ مِنْ مقاصد الخطبة ومشاركة المستمِعين في فهمِ مضامين الخُطبة..؟!
«اللواء الإسلامي» استطلع آراء المبادرين لتنفيذ هذه الفكرة وكان اللقاء التالي:

شوقي
الشيخ غسان شوقي إمام وخطيب مسجد حمزة بن عبد المطلب قال بداية: ان تواجدنا في المسجد يساعدنا على التواصل مع النّاس والمجتمع بكل فئاته، ومناقشة مواضيعهم وهمومهم.. ومساعدتهم قدر الإمكان من خلال التوجيه بمحاضراتنا الاجتماعية ونشاطاتنا وحملاتنا الطبية...
وفي إحدى الجلسات مع القاضي الشيخ عبد العزيز الشافعي وزوجته المتخصصة بالنطق لمى قمبريس حيث ناقشنا موضوع الصم والبكم، وجدنا ان شريحة الصم والبكم لا أحد يهتم بها، من هنا انطلقت فكرة الاهتمام بالناحية الدينية، لهذه الشريحة من المجتمع، فتعرفت على شخص مترجم للغة الصم والبكم والاشارة بلال عزو، وتعاونا معه على مساعدتنا ولاقى الأمر الترحيب منه، ثم اتصلنا بالشيخ بهاء الدين سلام، الذي أبدى صدراً رحباً ومشجعاً للعمل بهذه الفكرة من خلال خطبة جمعة مميزة.. كل هذه الأمور بالطبع بالدعم من جمعية اللارشاد والإصلاح الخيرية..
وأضاف: هؤلاء الأخوة الصم والبكم بحاجة إلى من يساندهم دينياً، وبعد موضوع خطب الجمعة سنقوم بإعطائهم دروسا دينية لتعريفهم على عقيدتهم وفقهياتها من حلال وحرام بالمأكل والشرب «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها».. وأخلاقيات إسلامية وتعريفهم بالسيرة النبوية وحياة الصحابة...
كما سنقوم في المسجد المرحلة المقبلة ان شاء الله، ونعمل على التحضير لها بالتدريب على لغة الإشارة حتى سيتسنى لأكبر عدد من المؤمنين التقرب والتواصل مع الأصماء. ونعمل جاهدين على شريحة المعوّقين جسدياً ونحضر الحمامات الخاصة بهذه الفئة من النّاس.
وادعو جميع المسلمين ومن كل أخ توصيل هذه الفكرة لأقربائه وزملائه الاصحاء لتكون فعاية في مجتمعنا ولتحقيق هدفنا للوصول إلى شرائح المجتمع لرفع شعار الإسلام والفكر الإسلامي الصحيح.
سلام
أما الزميل الشيخ بهاء الدين سلام، الذي ألقى أول خطبة مترجمة إلى لغة الإشارة في لبنان فقال: «بداية لا بد أن أشكر القائمين على مسجد حمزة بن عبد المطلب وجمعية الإرشاد والإصلاح على هذا العمل الحضاري، الذي ما إن فاتحوني بأمره حتى بادرت إلى الموافقة عليه دون تردّد، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، فكيف إن كان هذا التيسير في أمر هو فرض ديني على كل مسلم مكلف...؟!
وأَضاف: هذه الخطبة ليست من باب الترف أو الرفاهية بل هي من باب الواجبات الأكيدة المطلوبة على كل من يعمل في مجال الدعوة إلى الله تعالى، فنحن نطالب ومنذ فترة غير قريبة كل المراكز والمعاهد والمساجد والمصليات وغيرها من ميادين الدعوة الملتصقة بعبادة الناس إلى التيقظ لحاجات تلك الفئة من المسلمين الذين تركناهم حتى كادوا أن يصبحوا غرباء عن ساحات المساجد وأماكن الصلاة، فأين المساجد التي تضمن ترجمة خطب الجمعة إلى لغة الإشارة كما في معظم البلاد العربية والإسلامية..؟! وأين الندوات العلمية التي تعلّم هذه الفئة أمور دينها والمطلوب منها وتشرح لهم الأحكام الشرعية...؟! فإن قصّرنا وأهلمنا ولم نيسّر له هذا الأمر فهو معذور ولكن نحن من قصّرنا ونحن من سنحاسب على هذا التقصير؟!
واختتم سلام بالقول: إننا نطالب بالصوت العالي كل من في هذا المجتمع من مسؤولين أيا كانت مسؤوليتهم، أن يبادروا فورا ودون أي تأخير أو تقاعس أو إهمال أو مساومة إلى تأمين متطلبات إخواننا من هذه الفئة، وأن يتم فورا المسارعة إلى اعتماد مسجد أو مسجدين على الأقل في كل محافظة لتبثّ خطب الجمعة بلغة الإشارة، ثم أن تؤمن مستلزمات هذا الأمر من مختصين وأجهزة وشاشات كبيرة، وأن تنشر هذا الأمر وفق حملة إعلامية ضخمة تظهر للناس جميعا وللصم خصوصاً أنهم أفرادٌ مثلنا وأن مكانهم بيننا في المساجد وفي الصلوات وفي الأعياد وغيرها وأبدا ليس الجلوس في المنازل، فخطبة الجمعة التي ألقيت في مسجد حمزة يوم الجمعة الماضية ليست خطبة بالمعنى التقليدي المتعارف عليه بل هي صرخة لكل إنسان عقل قولَ الله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) فعمل على ترجمته حضارة ورقيا وأخلاقا وتواصلا....