بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الأول 2019 12:02ص شبابنا خزّانات عطاء...أَفْرَغْناها..؟!

حجم الخط
الشباب أشبه بوعاء بل بخزّان ضخم جدا كلما تمّ ضخّ المياه النقيّة والصافية بداخله كان الضمان بسقيا خير في المستقبل أكبر، فإذا ما ملأناه بمياه ملوثة مليئة بالفيروسات المعدية والقاتلة... فنحن وفقط نحن الملومون..؟!

فالخزان بطبيعته لا يكافح الأوبئة ولا يقوم بتصفية ما يُلقى بداخله... لأنه في مرحلته الأولى مجرّد خزان وإن لم يتابع المشرف عليه ما يلقى بداخله فسيحصد النتيجة عاجلا أو آجلا.. أما إن قمنا بعد تركيبه بوضع المصفيات والفلاتر التي تنقّي الشوائب كان الضمان بأنه سينظّف نفسه بنفسه مع استمرار المتابعة و الإشراف من قبلنا...

وهكذا شبابنا أيها السادة... تركناهم يكبرون في مجتمعاتنا بلا «فلاتر».. بلا «مصافي».. بلا أي رقابة لما يصبّ بداخلهم من أفكار أو مفاهيم أو سلوكيات... ثم استيقظنا من سباتنا فجأة لنقول... شباب ملوّث وضائع ولا أمل منه...؟!

لا.. نحن من سمحنا للتلوّث أن يتسلّل إلى ديارنا ويستوطن في نفوسنا حتى صار أصلا وصار النقاء إستثناء...؟!

نحن من هجرنا طوعا «طريق الإعداد الحسن» ورحنا نشكو من سوء العاقبة وفساد الحاضر..؟!

قرأنا – بألسنتنا فقط كما هي للأسف كل قراءاتنا - قول النبي صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» حتى شاهدنا بأعيننا ضياع الرعية وفساد أيامها، وان لم نتحرّك فورا لمعالجة هذا الأمر فالخراب آتٍ لا محالة...؟!

نعم... إن لم نبحث عن الأسباب ونسارع إلى إزالتها فنحن جميعا نسير إلى الهاوية التي ستفتح ذراعيها لاستقبالنا وهي تبتسم شماتة بنا..

فالشباب منذ طفولتهم تربّوا اجتماعيا وثقافيا وفكريا على مفهوم واحد هو أن العيش في هدي الإسلام ليس لهم... وإنما للكهول والعجائز، ثم وقفنا - بغضب خدّاع - نسأل المجتمع: لماذا انصرف الشباب عن الدين...؟!!

حتى في أغلب الدروس ومعظم الخطب التي تُلقى تتم مناقشة موضوعات بعيدة كل البُعد عن واقع الشباب وعن أسلوب حياتهم وعن «متداول» لغتهم، فيخرج الشاب من المسجد وفي قرارة نفسه أنه قد أتى إلى المسجد يوم الجمعة - وقد سمعتها من المئات - فقط... ليسقط الفريضة المكتوبة...؟!

أما ما يقوله الخطيب أو ما يتحدث عنه أو ما يدعو له فليس له علاقة بالشباب هذا إن استطاع الشاب أصلا أن يتذكّر ماذا قال حضرة الخطيب...!؟

فإن عانى الشاب أو الفتاة من صعوبة الزواج قيل لهم... صوموا...؟!

وإن اشتكوا من البطالة القاتلة... قيل اصبروا..؟!

وإن طالبوا بأمر معين... قيل لا تستعجلوا..؟!

وإن أرادوا النقاش للتعلّم حول مفهوم إسلامي معين... قيل اسمعوا ولا تناقشوا...؟!

حتى وهم مراهقون إن حسن ظنّهم وطاب سلوكهم فقصدوا المسجد للصلاة قوبلوا بالصراخ والتوبيخ وعوقبوا بالوقوف في آخر المسجد وكأنهم مذنبون تحت شعار أن الصفوف الأولى لكبار السن..؟!

هذا النهج «التطفيشي» هو الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة وهو الذي جعل الواقع الذي نعيش فيه يعاني من إختلال التوازن النفسي والديني عند الشباب، فهم تربّوا في دائرة مغلقة من المفاهيم التي لا تخاطب ولا تناقش إلا «البابا والجدّو» ولذا كان تبريرهم دوما... حين نصبح في أعمارهم نلتزم مثل إلتزامهم...؟!