أصبحت مقتنعا تمام الاقتناع أن حالة الإنسان في بلادنا تتطلب - وبأسرع وقت ممكن - «صدمات كهربائية علاجية» تعيد التوزان إلى حركة حياته.
صدمات.. تنعش الوعي «الميت سريرياً» الذي تخلى عنه الإنسان في مجتمعاتنا منذ سنوات طويلة طواعية.. ليعيش كالريشة تتقاذفه الرياح كلما عصفت هنا أو هناك.؟!
إنسان انفصل عن ماضيه وخاصم حاضره، فحطم مستقبله ثم جلس بين أنغام «طقطقات أرجيلته» وصفير «شفطات القهوة» يمنّي النفس بغدٍ مشرق..؟!
نعم .. إنه الجهل بأمه وأبيه .. الذي حذرنا منه المولى تعالى في كتابه الكريم، فأبينا إلا أن نكون رواده في كل مجال من مجالات الحياة..؟!
أمرنا بالوحدة.. فإذا بنا أكثر الشعوب تعصبا وتفرقا وتفتتا وتمزقا..؟!
أمرنا بالعلم... فحاربناه وقاتلناه وأبعدنا كل متعلم مخلص وقرّبنا كلّ جاهل كنود..؟!
أمرنا بالعمل المنظم والمخطط والمتقن.. فأصبحنا الأفشل والأسوأ والأكثر استهتاراً..؟!
أمرنا بالتيسر.. فتفاخرنا بالتعسير والتنفير ثم «أبدعنا»... فلجأنا إلى التكفير والتفسيق..؟!
أمرنا بالعدل .. فتحولت بلادنا إلى مسارح جماعية لممارسة كل صنوف وأنواع الظلم ..؟!
أمرنا بالإبداع.. فعشقنا التقليد الأعمى حتى حولناه إلى مقدس.. نرجم كل من يقترب منه..؟!
والمضحك – المبكي أننا رغم هذه «الفاجعة الإيمانية» نجتمع حول رائحة البخور لنطنطن بكلمات خادعة.. ثم ننعت كل من حولنا بالنفاق، ونتفرق بعدها فيذهب كل واحد منا إلى بيته ليملأ بطنه بما لذ وطاب.. ثم يستسلم للنوم الذي «أدمنه».. ليحلم بأنهار الجنة وحولها حور العين..؟!
أما الشعارات.. فحدث ولا حرج.. «نحن خير أمة»... «نحن أحفاد عمر وعلي».. «نحن أبناء صلاح الدين»... وغيرها الكثير من الأقاويل التي نقولها بألسنتنا ونعاديها بأعمالنا..؟!
فيا أيها الشعب الغارق في «سبات مرضي».. اسمع ولو لمرة واحدة...
الإسلام ليس فقط ركعات ننقرها هنا أو هناك..
وليس فقط صياما .. نعوض جوعه بتخمة بعد أذان المغرب..
وليس فقط حجا.. نتنكر لأبعاده عند أول ركوبنا للطائرة التي تعيدنا إلى بلادنا..
الإسلام منظومة حياة راقية وشاملة.. تعكس في كل أمر صدق العلاقة بين الإنسان وربه..؟!
الإسلام.. ليس تفاخرا بالماضي وبأعمال الأجداد.. بل تقديمات وتضحيات تثبت أننا ننتمي إلى هذا الدين العظيم..؟!
ولذا.. تعالوا جميعا نذهب بملء إرادتنا وقرارنا إلى تلك «الصدمات الكهربائية» لعلنا نعود إلى رشدنا، وإن لم نعد.. فعلى الأقل لعلنا نوقف تدفق أطنان من الضرر والإساءة التي نلحقها كل يوم لهذا الدين العظيم..؟!
إما إن أبينا واستكبرنا وازددنا غرورا وعنادا.. ثم تمسكنا بـ«تسليع» هذا الدين العظيم..
فنحن حينها من الذين وصفهم المولى تعالى فقال {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ}..