بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 تشرين الثاني 2020 12:00ص عقول ظلامية سوّدت الطريق.. ولا حل إلا بأنوار العلم الصحيح؟!

حجم الخط
معلوم أن الإنسان الذي يمشي في بيته وسط ظلام دامس سوف يتخبّط بأشياء لم يرها وإن كان عارفا بتفاصيل الغرف المتجوّل بها، ومهما ادّعى أو حاذر لن يسلم من «خبطة» هنا أو «وقعة» هناك، فالظلام ليس أبدا طريقا للأمن ولا للسلامة ولا للمعرفة ولا لكشف الملابسات أو العقبات التي تعترض طريقنا بل هو دوما تعمية مقصودة تشلّ المسيرة وتعيق التقدّم وتمنع الوصول إلى الأهداف... وللأسف هكذا هو عقل كثير ممن هم حولنا اليوم..؟!

يريدون من عقلهم أن يسير وأن يتحرر وأن يتقدّم وهم يسجنونه في ظلام مقصود مع سبق الإصرار والترصّد..؟!

عقل مظلم.. مشوّش... تائه ومرتبك لا يتلمّس أي ملمح من ملامح الطريق التي يسير فيها، ثم يُطلب منه بعد ذلك أن يكون نيّرا ومتطوّرا وقائدا ليقدّم لصاحبه وللمجتمع الخير والصلاح.. وما هذه إلا معادلة الحمقى والمجانين..؟!

إذا أردتم أيها الناس الأمن والأمان والسلام والاستقرار فأنيروا العقول ولو بشقّ الأنفس..

أنيروها لترى طريق الحق ولتهجر وديان الباطل...

اشعلوا أنوار العلم لتحسن التمييز بين جماليات الخير ومقابح الشر...

وأشعلوها لترتقوا إلى مستوى العقلاء بعدما جرّبتم بأيديكم خراب البقاء في شرنقة الآخرين...!!

فنحن على مستوى علاقتنا مع ديننا الحنيف، نمشي في طريق (إيمان التقليد) دون وعي أو علم أو بصيرة أو فقه إلا من رحمن ربي..

وعلى المستوى الأخلاقي نسير بظلامية نحصد ثمارها «الشيطانية» يوما بعد يوم..

وعلى المستوى العلمي ننحدر ونتراجع حتى أصبح العلم دليل «سذاجة» ولن نقول مصطلحا آخرا...

وعلى المستوى العملي نتقهقر حتى اعتنقنا مذهب «الاستهلاك» وبتنا عبيدا له..

أما على المستوى الحضاري فنحن عالة لا دور ولا أثر ولا ملمح لنا على الخارطة الدولية..

بالله عليكم ماذا ننتطر بعد لنشعل الأنوار في عقول أنشدت قصائد مدحها في الظلام وجعلته «هبلا» تبتهل تحت أرجله..؟!

إبليسية مقصودة

إن الأنوار التي نريد إضاءتها في عقول الناس هي ذاتها التي ستكشف زيف هؤلاء الظلاميين الذي يروون كل بصيص أمل رجسا من عمل الشيطان، كما أنها نفسها التي ستفضح وجوها ادّعت «موناليزيتها» بين العُمي الذين إذا ما أبصروا اكتشفوا «إبليسيتها»..!؟

إنني أنظر في حالة الكثير والكثير من أبناء هذه الأمة، سياسيين واقتصاديين ومسؤولين ودعاة وخطباء وغيرهم... فلا أجد إلا تحقيقا لقول الله تعالى {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.

إننا وبكل صراحة نعاني من حالة الانغلاق الفكري في كل أمورنا منذ سنوات طويلة، مما أدّى إلى تلوّث في الأفكار والمفاهيم والأعمال التي استقرّت في رؤوس كثير من الأفراد، وهذا التلوث بدوره أوصلنا إلى ممارسات وتصرفات خاطئة انعكست فسادا وبُعدا عن حقيقة الدين عند الناس فساءت حياتنا وساءت أحوالنا..

ولذا نقول أننا بحاجة إلى فتح النوافذ قليلا حتى يتجدّد الهواء الداخل إلينا، فيمنحنا بعض النقاء الذي من خلاله نقدر على الإصلاح والتصحيح في أمور للأسف باتت في قمة الاعوجاج؟!

نريد هواء نقيّا يجدّد الحياة فيبعث الفكر الصحيح على العمل السليم في النصوص الشرعية التي تحوّلت إلى شعارات.. ولا شيء سوى شعارات...؟! وفي الوقت نفسه نريد من هذا الهواء الجديد أثناء دخوله أن يخرج تلك «الفيروسات» التي استوطنت لسنوات طويلة حتى يعود الجو خاليا منها، ولكن أيضا علينا أن نعلم تمام العلم أن خروج تلك الملوثات لا يعني انتهاء الأمر لأن آثارها موجودة، وبالتالي علينا السعي جديّا لمعالجة تلك الآثار بكل السبل المتاحة.

إن العقول «المظلمة» والنفوس «السوداوية» أشبه بغرف محكمة الإغلاق، وإن لم نفتح نوافذها لتنقية الأجواء بداخلها وتزويدها بالهواء الصحي بين الحين والآخر فإنها ستذهب حتما إلى الاعتلال والانحراف والاعوجاج.. فكيف إن كان الحديث عن نفوس أمة..؟!

الله تعالى أخبرنا في «سورة الحشر» فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}... أليس إذن من باب النظر إلى ما قدّمنا، أن ندرس عيوبنا ونشخّص أمراضنا ثم نسعى جديّا إلى علاجها..؟!

إن الحقيقة المُرّة تصرخ في وجوهنا بملء صوتها إن الهواء من حولنا ومنذ سنوات طويلة يعاني من تلوّث شديد أصاب كل مفاصل الحياة حتى وصل - وبكل أسف - إلى أعماق الفكر الديني، والغالبية لا تريد أن تعترف ولا أن تعالج ولا أن تصحّح؟!

نعم، إنارة العقول والقلوب اليوم أولى أولياتنا، وإزالة الظلام من النفوس أوجب الواجبات في عصرنا، فإن الظلام الذي استكبر وعاند بدأ يتوحش، بل بات قاب قوسين أو أدنى من التمكّن، مما يعني المزيد من الفساد والإفساد والسيطرة ثم البطش والجور والتكبّر..؟!

وصدّقوني، لسنا بحاجة في سبيل فضح هذا الظلام وأسياده إلى جهد كبير أو إلى عمل ضخم، نحن فقط نحتاج إلى قليل من النور ليظهر الحقيقة كما هي، وحينها سيفرّ الظلام من تلقاء نفسه، لأنه كما قلنا منذ البداية... ظلام يخشى النور..؟!


أخبار ذات صلة