بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 آب 2021 12:01ص علاقتنا بذكرى الهجرة

حجم الخط
لم تكن الهجرة النبوية الشريفة مجرّد حدث انتقال من مكان إلى مكان، إنّما كانت في حقيقتها نقطة إنطلاق نحو مرحلة جديدة قبلها ليس أبدا كما بعدها، كما كانت بمختلف تفاصيلها مدرسة مليئة بالعِبَر والمعاني التي نحن بأشدّ الحاجة إليها في عصرنا الحالي.

ولعل أبرز دروس الهجرة التي نحتاج إلى تفعيل معانيها في أيامنا هي تلك الخطوة الراقية والحضارية التي أقرّها النبي  صلى الله عليه وسلم بمبدأ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في تطبيق عملي وفعلي لأبعاد أخوّة الإيمان.

ففي أيامنا هذه ننظر يمينا ويسارا لا نجد بين الناس إلا ما نخجل عن ذكره، لا رحمة ولا تعاوناً ولا تكافلاً ولا استيعاباً ولا مسامحة، وإنما غضب ومشاكل وخلافات قد تؤدي إلى جرائم والسبب أمور ثانوية..؟!

نحتفل بذكرى الهجرة التي وحّدت الناس وأسّست لدولة عادلة في زمن نحن فيه نتقاتل ونتخاصم ونتفرّق ونتفنّن في أذية بعضنا البعض..؟!

الأب والأم في الأسرة عند أي خلاف يصبحان من الأعداء يتبادلان الفضائح سرّاً وعلانية بل وعلى شاشات الإعلام..؟! والأبناء يحجرون على آبائهم بسبب بضعة آلاف من الدولارات هنا أو هناك، والجيران يكيدون لبعضهم البعض، والمجتمع يتقاتل ويتنافر وينفّر الأجيال الصاعدة، والكل يكره الكل ويخاف من الكل ولا يأمن للكل... فأي دروس تلك التي تعلّمناها من الهجرة النبوية الشريفة..؟!

في ذكرى الهجرة النبوية علينا أنْ نرفع لواء الأخوّة وأنْ نسعى إلى ترجمته في كل ناحية من نواحي الحياة...؟!..

أنْ نسهّل علاج الأفراد حتى نسعد بجهدهم ومشاركتهم في تنمية المجتمع...

أنْ نساعد في حل مشاكل المحتاجين... في رعاية المساكين... في نزع كل سبل الفساد المستشرية من حولنا...

علينا في ذكرى الهجرة النبوية الشريفة أنْ نبدأ بالاهتمام بإنسانية الإنسان الذي يعاني من كل مظاهر الظلم في مجتمعنا دون تفرقة.

الهجرة كانت عدلاً وكانت دولة وكانت رعاية وكانت إنسانية وكانت رحمة وكانت تخطيطاً للمستقبل وبناء للحاضر وأخوّة بين الناس وتفعيلاً لأدوار المساجد لخدمة المجتمع وصيانته، فأين نحن من كل هذا...؟!