بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 تشرين الثاني 2019 12:05ص في أجواء الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم: دعوات لإصلاح البيوت بالمنهج النبوي والحفاظ على القُدوَة الحَسَنة..

حجم الخط
السنّة النبوية منهج وسلوك، وعندما نقول منهجا فهي طريقة علمية وأداء سلوكي معيّن يدفع الفرد ليتبعه معتمداً على عقيدة راسخة وثابتة، والسنّة النبوية تعلّم الأفراد السلوك الرشيد وفقاً لما كان يفعله النبي  صلى الله عليه وسلم. 

ومن هنا تكون السنّة مستقاة من القرآن الكريم بأنها تعبّر عن سلوك نبوي رشيد وتؤدّي إلى صلاح الإنسان، وهي تعبّر عن الصحة النفسية في أبهى صورها ولعلّنا لا نستطيع أن نغفل أن من يتبع سلوك النبي يكون دائماً في الطريق السليم والرشيد.

ولكن في عصر امتلأ بالفتن والمغريات وأحاطت بالأسرة منافذ التشكيك بكل ما هو صحيح بهدف زعزعة المجتمع والمساهمة في انحلاله كيف نربّي أطفالنا على حب النبي  صلى الله عليه وسلم وحب سنّته الشريفة..؟

وكيف نضع أسسا عقدية وحياتية وسلوكية ندعم من خلالها الالتزام الديني والأخلاقي للأبناء...؟

كيف نعلّمهم مفهوم الحلال والحرام، والصدق والكذب، وكيف نربطهم بحب النبي عليه الصلاة والسلام خاصة ونحن في أجواء الاحتفال بذكرى مولده  صلى الله عليه وسلم..؟

اللقيس

{ إمام مدينة جبيل الشيخ غسان اللقيس أشار بداية إلى أن مرحلة الطفولة من أدّق مراحل حياة الإنسان وأهمها بل وتشكّل البيئة التي يترعرع فيها الطفل بكل مكوّناتها وأبعادها. وتعتبر مرحلة الطفولة أيضاً عاملاً أساسياً في تشكيل شخصية عبر المراحل اللاحقة من حياته.

ولما كان الإنسان هو اللبنة الأساسية الأولى في بناء الأمة، اقتضى الأمر الاهتمام به ورعايته منذ ولادته وحتى مماته، لا سيما وأن التربية هي عملية مستمرة تلازم الإنسان طوال حياته.

وقد ركّزت التربية - وفي مختلف الحضارات - على مرحلة الطفولة لأهميتها في بناء شخصية الفرد. وفي عصرنا الحالي، تتعاظم أمام الطفل المسلم - وفي مختلف بقاع الأرض - تحدّيات كثيرة، شملت الهوية والثقافة والدين والحرية، بالإضافة إلى تحدّيات المعرفة والتطوّر التكنولوجي والتعليم. ورغم أن التربية المعاصرة قد حدّدت المتطلبات والمعايير والأفكار والافتراضات التربوية لكافة جوانب نمو الطفل إلا أنها ما زالت تعاني من أوجه قصور عديدة خاصة فيما يتعلق بتحقيق حالة من التوازن داخل شخصية الطفل بالإضافة إلى افتقارها إلى الجانب الروحي الذي يشكّل صمام الأمان لتربية الطفل في كافة مراحل نموّه.

وقال: لذا، فقد قدّمت السنّة النبوية المشرّفة برنامجاً كاملاً في تربية الأطفال يعتبر بمثابة صمام أمان للطفل منذ ولادته وحتى بلوغه سن الرشد بحيث يحرص على بناء شخصيته وحمايتها وتوجيهها، وإستثمار طاقات الطفل وقدراته بما يعود عليه وعلى أسرته ووطنه بالفائدة في الحياة الدنيا ورضا الله عنه وعما قدّمه لرفاقه بل ووطنه، وفي الآخرة تكون الجنة بإذن الله تعالى مأواه.

وأضاف: حرصت السنّة على مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال لاختلافهم في قدراتهم العقلية واستعدادهم لاعمال الفكر ومعدلات نمو ذكائهم، لذا كان علينا كآباء ومربّين أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، فقد كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم يراعي قدرات الطفل العقلية والجسمية على حد سواء.. فأين نحن الآباء والمربّين من سنّة النبي  صلى الله عليه وسلم وأسلوبه في مثل النوع من التربية الإسلامية الواعية..؟

كما حثّت السنّة النبوية الشريفة على تربية الأطفال على حب الوالدين وطاعتهم بعد حب الله - سبحانه وتعالى - وحب نبيه. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي  صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معه غلام، فقال للغلام: من هذا؟! قال أبي. قال: فلا تمش أمامه ولا تستسب له ولا تجلس قبله ولا تدعه باسمه.. فهذا الحديث دال على ضرورة تعليم الأطفال أدب مخاطبة الوالدين والنظر إليهم.

وقال أن السنّة النبوية أكدت على تميّز شخصية الطفل المسلم عن بقية أطفال الملل الآخرين بحيث يمتلك خصائص إيمانية وسلوكية اجتماعية، وأخلاقية، تجعل منه قدوة للأطفال الآخرين، والعمل على فتح آفاق جديدة للباحثين التربويين لإنعام النظر في أصول التربية الإسلامية ومبادئها بل وعزّزت السنّة النبوية الشريفة من دور الوالدين والمربّين في تطبيق القواعد والنظم والأساليب الشرعية في التربية وجعلتها أمانة ومسؤولية يحاسب عليها ولي الأمر أمام ربه يوم القيامة. كما ربطت التربية النبوية أيضاً بين صلاح الفرد والأسرة والمجتمع والأمة، وبيّنت مستوى التربية التي يتلقّاها الطفل في صغره، وأثر ذلك على قدرته على مواجهة التحدّيات في كل مكان وزمان.

بخاري

{ أما الشيخ هشام بخاري إمام وخطيب مسجد البسطا التحتا فأوضح إلى أن هناك بعض الأساليب التي ترسخ القيم والمفاهيم والممارسات السلوكية ومنها التربية بالقدوة، فقد أخبرنا الله تعالى بأهمية القدوة والاقتداء بالنبي  صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} وقد أرشد النبي  صلى الله عليه وسلم صحابته إلى أن يقتدوا به في أقواله وأفعاله ولا سيما في العبادات. فلم يعد مجلساً لشرح أركان الصلاة وسنّتها ومبطلاتها كما نفعل الآن. وإنما قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي». وفي الحج قال «خذوا عني مناسككم».

وأشار إلى أهمية تعليم الأطفال بالملاحظة والتقليد، فقد امتدت القدوة في حياة النبي  صلى الله عليه وسلم لتشمل الأطفال والصبيان. فقد كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم إذا أمر بعمل كان يؤدّيه أولاً ثم يطلب من الأطفال والصبيان أن يؤدّوه كما لاحظوه. فقد روي أنه  صلى الله عليه وسلم رأى طفلاً يسلخ شاة وما يحسن فما كان منه  صلى الله عليه وسلم إلا أن شمّر عن ساعديه وبدأ يسلخ الشاة أمام الطفل، وراح الطفل يتأمّل الكيفية ويعمل عقله في ذلك.

ويضيف: لقد فطن الغرب إلى أهمية القدوة في بناء الأفراد والأمم والحضارات واعتبروا هدم القدوة هدماً للحضارة كلها، يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي:

1- اهدم الأسرة.. 2- اهدم التعليم.. 3- إسقاط القدوات.

إذن.. لكي تهدم الأسرة عليك بتغييب دور «الأم» وعليك بـ «المعلم» فلا تجعل له أهمية في المجتمع وقلّل من مكانته، وعليك بـ «العلماء والآباء» اطعن فيهم وقلّل من شأنهم بل وشكّك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدى بهم أحد، وبالتالي إذا اختفت «الأم الواعية» واختفى «المعلم والأب المخلص» وسقطت «القدوة». فمن يربّي النشء على القيم؟

نعم على المربّي أن يحقق في نفسه ما يريد أن يحققه في الآخرين، فيتعهد نفسه بالرعاية ويمتاز بالشفافية ويتحرّى الصدق في المواقف والإخلاص في النيّة، وما لم يستمدّ قادة الدعوة ومربّوها نورهم من مشكاة النبوة وأخلاقهم من أخلاق النبوة ويصبحوا كالصحابة نجوماً يهتدي بهم في ظلمات هذه الأيام فإن دعوتهم ستبقى ناقصة.