بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 حزيران 2020 12:00ص في الذكرى 22 لرحيل الشيخ الشعراوي: آثاره العلمية كنز كبير.. علينا تفعيل العمل بها

حجم الخط
مرَّت علينا الأسبوع الفائت الذكرى 22 لرحيل الشيخ محمد متولي الشعراوي، ولعل أبرز ما يمكن ملاحظته في تراث هذا العالم الكبير أن الناس جميعا باختلاف طبقاتهم وعقولهم ومستوى تعليمهم ومناصبهم ما زالوا حتى اليوم يستعينون بعباراته ومقولاته ويسعون لإبرازه إعلاميا كنوع من الدلالة على أمر حياتي يعانون منه... وأدلّ الأمور على تلك الاستعانة هو ما رأيناه في مختلف البلاد العربية منذ إندلاع عدد من الثورات وحتى اليوم، حيث انصبّ عمل كثير من القنوات الفضائية والإذاعات ومواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي على اقتباس أقواله للتعبير عمّا يعانون منه من أزمات أو مشاكل تعيق تقدّمهم...

ومنها مثلا قوله: «إن الثائر الحق هو من يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد...» وهي المقولة التي سادت عبر الشاشات المصرية والعربية بعد ثورة 25 يناير في مصر وتناقلتها الكثير من وسائل الإعلام...

ومنها أيضا قوله: (لا أنتمي إلى حزب ديني لأنني أرفض أن يستجدي عطفي مستندا على وازعي الديني قبل أن يخاطب عقلي، فهو حزب سياسي قبل أن يكون ديني، وبالتالي هو يمثل الفكر السياسي لأصحابه لا للمسلمين...).

ومنها كذلك قوله: (إذا رأيتم رجل علم أو دعوة يستميت على الحكم.. فلا تولّوه)... وغيرها الكثير من الكلمات والمقولات التي إن دلّت فإنما تدلّ على فكر هذا الرجل الكبير الذي أعطاه الله موهبة قلّ نظيرها وبلاغة ندر مثيلها...

لماذا نكتب عنه؟

وهنا السؤال الأبرز.. لماذا نكتب هذه الكلمات عن رجل أخذ من الدنيا ما كتبه الله تعالى له وأعطاها ما يسرّه المولى له...؟!

طبعا، لسنا هنا في مجال استعراض للأعمال والفضائل التي قدّمها الراحل الكبير الشيخ الشعراوي لأمّته، ولسنا في وارد الحديث عن الثواب الذي ناله أو سيناله جزاء لما قدّم، فهي أمور ليست في يد عبد من عباد الله وإنما هي فقط في علم الخالق وحده، فهو الذي يعلم ما تبدي النفوس وما تخفي وهو سبحانه من سيجازي الناس على أعمالهم...

ولكن ما نريد إظهاره هنا هو أنه علينا الاستفادة من سيرة وعلم هذا العالم الكبير وأمثاله في حياتنا حتى لا نكون عالة في مجتمعنا المليء بالعالات..

فنحن الذي أكرمنا الله تعالى بالإسلام لا يجوز لنا بأية حالة من الحالات أن نكون مجرّد مخلوقات مرَّت على هذه الدنيا ثم رحلت.. بل علينا أن نسعى بكل الوسائل الممكنة لنكون من أصحاب التأثير البنّاء والإيجابي ليس في مجتمعنا فحسب وإنما في المجتمع الإنساني كله... فلا نفعل إلا ما يفيد ولا نقدّم إلا ما ينفع ولا نقول إلا ما فيه الخير ولا نسعى إلى التقدّم والإصلاح ولا نشارك إلا في المعروف... وبديهي ألا نخالف من خلال مناصبنا وكراسينا ما أمر الله به...؟!؟

وعلينا أن نعلم تمام العلم أن الأمة التي أخرجت بفضل الله تعالى للعالم كله أمثال الشيخ الشعراوي والشيخ الغزالي وغيرهما لا بد أن تستمر في مسيرة كرمها على البشرية جمعاء وتقدّم أجيالا جديدة من الدعاة الذي يحملون شعلة النور إلى بلادهم أولا وإلى العالم كله ثانيا كخير دليل على قوله تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}.

ومن خلال سير الكبار من أبناء أمتنا نتعلّم ونعرف المعرفة اليقينية العملية لا القولية أن الداعية إلى الله تعالى إنما هو أصدق الناس وأبرّ الناس وأفضل الناس وأحسن الناس وأعلم الناس وأشرف الناس وأطهر الناس وأكثرهم إخلاصا للّه في العمل والقول والعبادة...؟!؟

إننا في ذكرى رحيل إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي نحتاج وبشدّة إلى دعاة يقولون الحق خالصا للّه تعالى ولا يخشون في الله لومة لائم...

ونحتاج إلى دعاة.. أهّلوا عقولهم ونفوسهم وفكرهم وأعمالهم للدخول في عالم الدعوة إلى الله فكانوا منارات هدى ومشاعل علم ونور... لا مراكز إظلام لحساب فلان أو علّان..!؟

ونحتاج أيضا إلى أناس يبتغون من وراء العمل الدعوي طاعة الله ونصرة دينه ورفعة هذه الأمة..لا طاعة النفوس ونصرة الزعماء ورفعة المناصب والكراسي..؟!

رحم الله تعالى الشيخ الشعراوي، فما زال كلامه في النفوس حاضرا... وكم نحن بحاجة في أيامنا إلى أن نتذكّر مقولته الرائعة (لا تتكالبوا على الحكم والكراسي... فإنه لن يحكم أحد في أرض الله إلا بمراد الله)... فيا ليتهم يعقلون...؟!؟!