تلعب الوسائل الإعلامية بكافة أشكالها في التأثير على القيم الأخلاقية في المجتمع كما تسعى إلى رفع مستويات هذه القيم بالإضافة إلى دورها الكبير في التأثير على الأفكار المكوّنة لدى الإنسان بتصرفاته وأخلاقه.
ولكن للأسف الشديد ان ما نراه اليوم على بعض المحطات التلفزيونية من طرح للمواضيع تخدش الحياء أحيانا والأفكار لا تتماشى مع أخلاقنا وتربيتنا و قيمنا، ومواضيع ربما لا يجب أن تناقش على الشاشات، وهي أفكار تطرح وتنشر الرذيلة والأبعاد المسمّمة في عقول الشباب والفتيات من خلال آراء متعددة لمشاركين لا همّ لهم إلا الظهور في هذه البرامج السخيفة.
ألم يبقَ في مجتمعنا إلا طرح لأفكار تعارض القيم والأخلاق كالمساكنة والعلاقة الجنسية قبل الزواج... وغيرها من المواضيع اللاأخلاقية؟! بالعكس فمجتمعنا في ظل هذه الظروف التي نعيشها بحاجة إلى مواضيع تبعث الروح في النفوس الميتة وتنشر الأفكار البنّاءة للاستمرار، فكما للإعلام قدرة على البناء وترسيخ القيم فهو أيضا لديه القدرة على هدم وإبدال هذه القيم بقيم تشتت الأخلاق وتهدمها وعن هذا الدور الذي نحتاجه..
«اللواء الإسلامي» استطلعت أراء العديد من الإعلاميات الملتزمات، فكان هذا التحقيق:
النقري
بداية قال القاضي الشيخ د. محمد النقري: في بداية التسعينيات، طالبت مجموعة صغيرة من الشاذين جنسياً في فرنسا بالترخيص لهم بفتح إذاعة FM، لم يكن لديهم في حينها مطالب أخرى، بعد حصولهم على هذا الترخيص وإلى الآن استطاعوا النفوذ الى كافة شرائح المجتمع الفرنسي والأوروبي بل والعالمي، فقاموا بتغيير المناهج الدراسية لدرجة إن الأغلبية العظمى لشرائح المجتمع، أصبحت تعتبر أن المثلية الجنسية تدخل في صميم الطبيعة البشرية وأن المثليين جنسيا يتمتعون بكافة الحقوق ولهم حق التعبير عن الرأي الذي لا يمس ولا يتبدّل، ولم يقفوا إلى هذا الحد فلا تكاد تخلو دعاية على شاشات التلفزيون والأفلام وفي البرامج والتطبيقات إلا وكان لهم إشارة أو تلميح أو حثّ وتشجيع الى أفعالهم الشنيعة؟!
وأضاف: الذي استطاعوا تحقيقه حالياً خطير جداً، والحبل على الجرّار، فلقد ألغت القوانين المتعلقة بالوثائق الرسمية لإخراجات القيد والهويات الوطنية كلمة الأب والأم واستعاضت عنها بكلمتي الأهل 1 والأهل 2، تماشياً مع مطالبهم باعتبار أن كثيراً من الأطفال لم يعد لديهم ثنائية تتشكّل من أب وأم، بل أصبح من الرائج جداً أن يكون لهم أبوين: أب بيولوجي وأب آخر متزوج منه، أو يكون له والدتان: والدة بيولوجية وزوجتها.
وقال محذّرا: الذي أريد أن ألفت النظر إليه هو التخريب المتعمد لموازين الأخلاق والمبادئ العليا السامية التي دعت إليها الأديان السماوية. لم تعد مجتمعاتنا الشرقية قادرة على كبح هذه الشرور ولا المحافظة على هذه القيم والموروثات. فبات متوجباً على الأهل مراقبة أبنائهم لما يستخدمونه من برامج وألعاب إلكترونية وصداقات ومطالعات مشبوهة.
واختتم: الأمر خطير وجلل والنتائج مخيفة جداً على أبنائنا وعلى أبناء الجيل القادم، فالمطلوب مضاعفة الجهود في المراقبة لما يدخل ويتسلل البيوت داخل البرامج والألعاب المخصصة للتسلية التي تخفي أموراً بغاية الخطورة لإفساد المجتمع وتشجيع الأبناء على العنف والقتل والإنتحار بخطى ثابتة ومتطوّرة وبدهاء منقطع النظير تستمر الدعايات الخبيثة للمثلية الجنسية والبرامج المصدّرة للعنف والكره والعنصرية الدخول الى بيوتنا لتخريب عقول أطفالنا وشبابنا، فالإنتباه مطلوب وضروري وحتمي وإلا فستفقد مجتمعاتنا الشرقية ما كسبناه وورثناه من مبادئ وقيم سامية عليا.
سليمان
أما الإعلامية في قناة «الإيمان» الفضائية بتول سليمان فقالت أنه لم يعد يشغل الإعلام في الآونة الأخيرة إلا بحثه المُستميت عن وسائل لاجتذاب الجمهور ورفع نسب المشاهدة وزيادة المتابعين.. وفي غمرة هذا السباق والمنافسة المحمومة بين وسائله التقليدية منها والحديثة غُيّبت صورة الإعلام «الرسالة» وضاعت قضايا الناس وهمومهم الحقيقية في الأمور الإباحية فقط؟!
وصار أهل الإعلام بغالبيتهم يبحثون عن حالاتٍ فرديّة مثيرةٍ للجدل ومخالفةٍ للمنظومة القيمية أو خارجةٍ عن المألوف في بنيتنا الإجتماعية لتعويمها وإشغال الناس بها، لا بل وتكريس أفكارها وممارساتها أياً كان حجم خطرها كحالةٍ عامةٍ أو «طبيعيةٍ» يفترض قبولها، ما زاد الحال فساداً وإفسادا.
وأضافت: ووفقاً لمنظور البعض فإن هذا هو الواقع برأيهم ودورهم نقله ولكنّ حقيقة الأمر أن لعبة «الرايتينغ» واللهاث وراءها هي الخلفية الأساس لهذا الأداء الإعلامي الفردانيّ الأنانيّ (إن صح التعبير) البعيد عن هموم مجتمعه ووطنه.
القوزي
أما الإعلامية في «إذاعة الفجر» مي القوزي فقالت بدورها: نعيش في لبنان أزمات لم يسبق ان مرَّت على ذاكرة اللبنانيين، وهذا لا يخفى على أحد، فالمواطن منغمس في هموم تبدأ ولا تنتهي، وهنا المسؤولية كبيره ملقاة على كاهل مؤسساتنا الإعلامية التي يجب أن تحمل راية شعبها وتنطق بلسان حالهم، وتلك هي الوظائف الطبيعية المرجوة من المادة البرامجية لأي قناة تلفزيونية أو وسيلة إعلامية في أي دولة، فعندما يكون هنالك كارثة مجتمعية أو مجاعة حقيقية في أي بلد يجب أن يكون هنالك إعلام ينقل المشهد ويتحدث عن حلول ويمنع تفاقم الأزمات لا أن يعلّمنا عن كيفية أكلنا للحوم الفاسدة مثلا.
في ظل أزمة زواج يعيشها الشباب ماذا يريدون أن يعلّموا الناس من تلك البرامج؟...
العلاقات اللاشرعية؟.. والانحلال والمساكنة و.. و.. و.. أي أعلام هذا وأي سموم يدسّون بين الشباب..؟!
ما نراه اليوم من برامج تمعن في نقل المفاهيم والقيم اللاأخلاقية ونشر الأفكار المبتذلة التي تدعو إلى العلاقات غير الشرعية والانحلال الأخلاقي والاختلاط الهابط والفوضى المجتمعية... نعم كل هذا في ظل أزمات يعيشها الشباب لعدم مقدرتهم تأمين مسكن ولا مستلزمات المنزل والزواج.
ما الغاية من تلك البرامج التي تدعو إلى الفلتان..؟!
أما يكفينا انهياراً اقتصاديا وتربويا وصحيا و..؟!
ماذا يريد هؤلاء..؟!
وأضافت: لقد حوّلتم الإعلام من آداة لبناء العقول وإنارتها الى آلة لهدم المجتمع والعائلة والأفراد، فلماذا هذا التراخي والسماح ببث هكذا برامج تدعو الى هدم الإنسان الذي يعاني من انهيار تام؟
إنها مؤامرة على المواطن في لبنان، وإنه إعلام فاسد يدعو الى تخريب الشعوب وتلويث العقول وتشويه القيم عند الشباب، وللأسف العالم يساعد بعض قنواتنا بمحتوى برامجي لا أخلاقي، فأي مشهد تنقلونه عن لبنان ومجتمعه وشعبه، فلا تلك أخلاقنا ولا قيمنا، وهي ليست حرية بل فوضى ستزيد الطين بلّة.
لا... هذه ليست ثقافتنا ولا أخلاقنا، ولا يحق لكم أن تهمّشوا أصالتنا وثقافتنا وهويتنا وشخصيتنا، فلماذا هذا الانحراف والإساءة لكرامات الناس، فأنتم تدخلون بيوت الناس بلا إستئذان فالتزموا حدود الأخلاق، والتزموا أصول المدارس الإعلامية.
واختتمت بالقول: إنه تقليد أعمى للغرب ومتاجرة بأصول المهنة الإعلامية في الوقت الذي ينتظر فيه المجتمع من المؤسسة الإعلامية أن تقوم بدورها من التفكير وفي التعليم والتربية وزيادة المعارف، وبدلا من ذلك نرى برامج تستمدّ مادتها من قيم أو مجتمعات وثوابت غريبه عنا.. كلا... «الجمهور مش عايز كده»، فالجمهور يتعوّد على مادة إعلامية يتلقّاها.. فإذاً عَوِّدوا جمهوركم على مادة إعلامية محترمة لها أهدافها في تكوينه وتكوين شخصيته ومعارفه، لأنه لا يحق لكم أن تمعنوا في تذويب شبابنا في ثقافة الغير، فالإعلام في أي دولة في العالم يعبّر عن صوت مجتمعه ونبض شعبه فإذا نجح في تقديم الوظائف الذي قام لأجلها كانت المجتمعات بألف خير وكانت الدولة مرفوعة الرأس.
تحقيق: