بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 تموز 2022 12:00ص في ظل ازدياد الأزمات... العلماء: نعيش حالة احتلال من قبل الفاسدين ما أدّى إلى خراب البلاد وبؤس العباد

الشيخ أحمد البابا الشيخ أحمد البابا
حجم الخط
تتوالى الأزمات علينا يوماً بعد يوم، وتصعب أمور الحياة في لبنان.. فالبلاد تعيش أزمة اقتصادية خانقة أرخت بظلالها على جميع أمور الحياة، فلا ماء ولا خبز ولا كهرباء ولا دواء ولا أبسط أمور العيش الكريمة, كلها مفقودة بسبب طبقة سياسية فاسدة لا همّ لها سوى الجلوس على الكراسي وإعتلاء المناصب غير آبهين بما يعانيه الناس من عذاب وآلام..
- ألهذه الدرجة ماتت ضمائركم؟ ألم تشاهدوا مرضى السرطان يعانون من فقدان الدواء وحياتهم بخطر؟..
- ألم تتحرّك مشاعركم عند مشاهدة الصفوف الممتدّة على أبواب الأفران للحصول على ربطة خبز؟..
كل هذه المشاهد.. ألم تشعرون بالفقراء والمساكين؟ لعنكم الله إلى يوم الدين..
في ظل انقطاع الخبز والدواء والماء والكهرباء وتوالي الأزمات دون إيجاد حلول.. ماذا يقول العلماء للمسؤولين..؟

البابا
بداية, قال رئيس مركز الفاروق الإسلامي الشيخ أحمد البابا ان ما نعانيه في هذا الزمان وفي لبنان خاصة هو أزمة إنسان وهي أفضح الأزمات وأشدّها إيلاماً، لأن هذه الأزمة بمعناها الأخلاقي تفجّر حقيقة النفوس وما تكنّه الضمائر, ولو نظرنا إلى ما نعاني من مواجع لنجد ان جوهر الأزمة هو أزمة أخلاق تتجلّى اليوم بكل سلبياتها على ما نجده من اخطبوط مجرم يطوّق حياة النّاس ويحوّلهم إلى الجحيم وينحط بهم الى إدراك الخسائر العظيمة، وهذه المعاناة المتجددة والمتنوعة والتي نجدها في ما نتقلّب به من كوارث ومحن تجعلنا نشدّ النواجذ على ما نحن عليه من قيم أصبحت نادرة في هذا الزمان وهي التي تهيّأنا بالقريب العاجل إلى حياة الرشد بإذن الله تعالى.
وأضاف: فعند بزوغ مرحلة جديدة نستأنف بها قوة الحياة وضوابط الخير وتمام التقدّم، نجد ان ما كنا عليه وما عانيناه هو حياة زائفة، فان معاناة النّاس في هذه الأيام كشفت عن حالة متردّية أخلاقية وغير بريئة نواجهها على كل المستويات، سواء على مستوى المسؤولين أو على مستوی عامة النّاس، وان حل أزمة السلوك الإنساني وتناقضاته وتغيير معايير نمط الحياة لا بدّ أن يكون بالعودة إلى الأصالة التي يجب أن نعيشها حتى ننعم بسعادة الحياة.
وتابع قائلاً: ان ما تكشّف من نبض الظالم وقهر المسؤولين وهو يعج بهذه الأيام بتجاهل متطلبات حياة المواطنين وعدم مواجهة الأخطار المحدّقة بالوطن يجعلنا متأكدين بأنهم يتاجرون في صفقة خاسرة، وان العمل بالحكم وقيادة الأمة يستوجب التفاني والجهاد الدائم والتضحية حتى تصل النّاس إلى شاطئ الأمان ونردّ عنها غوائل الجوع وجريمة النهب التي مارسها المسؤولون طوال عقود على هذا المواطن المسكين، حيث تسبب ذلك بفقدان مدخرات النّاس وسلبهم لحقوقهم بالكامل دون أي وازع من ضمير، وهذا منتهى التخلّي عن الواجبات وأقصى منحدرات الأخطاء التي يجب تصحيحها حتى تعاود الحياة حركتها وإغراق المواطن بالأمل والخلاص.
حداد
أما المفتش العام للأوقا ف الإسلامية الشيخ الدكتور أسامة حداد فقال: لا يزال المواطنون في لبنان يرزحون تحت الاحتلال، لكنه احتلال من نوع آخر، إنه احتلال الفاسدين والفاشلين لمناصب الدولة والإدارة، مما أدّى إلى خراب البلاد وبؤس العباد.
هذه الدولة بكامل كيانها يُفترض أن تكون من أولى أولوياتها راحة المواطن وازدهار الوطن، ومن واجبها اتخاذ قرارات صائبة تحمي اقتصاد الوطن وكرامة عيش المواطن، ولكن للأسف تحقق فينا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ ‌سَنَوَاتٌ ‌خَدَّاعَات، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِب، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِق، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِن، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِين، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَة» قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَة؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الرَّجُلُ التَّافِهُ يتكلم في أَمْرِ الْعَامَّة».
وما أكثر وجود الرويبضة في كثير من المناصب والمراكز الهامة، والدليل على ذلك ما تفاجأ به المواطنون من قرارات خانقة زادت المعاناة معاناة، والأزمة أزمات وويلات..
فبدل أن تؤمَّن المياه إلى منازل المواطنين، زادت رسومها وطال انقطاعها!!!
وبدل أن تكون الطرقات خالية من الحُفَر، والأنفاق مضاءة ليل نهار، نجد أن معظم حوادث السير القاتلة تعود أسبابها إلى هذا الإهمال في صيانتها وإنارتها..
وبدل أن تؤمّن الكهرباء 24 على 24 كما وعدونا منذ عشر سنوات ولا يزالون، قُطعت الكهرباء 24 على 24 ويعمل الرويبضة على زيادة تعرفتها!!! بل وأننا أصبحنا ندفع كلفة الكهرباء أكثر من مرة بين كهرباء الدولة المقطوعة والاشتراك أو المولدات أو كلفة تركيب الطاقة الشمسية...
وبدل أن تعمل الدولة بكافة أركانها لتمكين المودعين في البنوك من حصولهم على جنى عمرهم، يطالعنا «الحاكم بأمرهم» بقرارات ظالمة تسرق الودائع وتُبددها، بحجة دعم المازوت والطحين والدواء، وأصبحنا نعاني من أزمات في توفّر المازوت و الطحين والدواء!!
وما نشاهده في طرقات العاصمة الحزينة بيروت من انفلاش النفايات بين المنازل لهو دليل إضافي على فشل البلدية وإهمالها، في الوقت الذي تستفيد باقي الدول من تحويل تلك النفايات إلى طاقة..
وحتى تكتمل فصول السرقات المقننة حوّلوا دولارات الاتصالات إلى العملة المنهارة، ثم حوّلوها إلى دولارات على أساس سعر منصة صيرفة، فخسر المواطن مئات الدولارات..
هذا بالإضافة الى عجز الدولة عن تأمين الطبابة ووسائل النقل الحديثة وخفض نسبة البطالة وتأمين ضمان الشيخوخة كباقي البلدان التي تحترم شعبها وحقوقه، ويدفع الشعب عندهم ما عليه من ضرائب ولكنه يحصّل الخدمات التي تضمن له شيخوخته وأمانه.. أما نحن في لبنان فندفع ولا نستفيد..
فماذا عسانا أن نقول؟؟..
أيها المسؤولون: ألا تستحون؟؟ حقاً إن الذين استحوا ماتوا واستشهدوا..
أيها المسؤولون: نداؤنا لكل مسؤول فيكم: إن كنتَ قادراً فاعمل..وإن كنتَ عاجزاً فارحل... كفى خداعاً.. كفى غشاً.. كفى وعوداً كاذبة..
أيها الرئيس: لا تبرر فشلك بقولك: «ليس لديّ صلاحيات»!!
إننا للأسف لا نراك تستعمل صلاحيتك إلّا في تعطيل البلد.. وتمكين عائلتك ولو على حساب شقاء شعب بكامله..
أيها النواب: الشعب الذين انتخبوكم أصبحوا تحت خط الفقر، وغالبيتهم لا يجد الدواء ولا الغذاء..
هذا الشعب لا يهمّه المطالبة بحقوق الشاذين.. بل يهمّه المطالبة بحقوق الناس الطبيعيين..
لا يهمّه تشريع زواج مدني.. بل يهمّه تشريع قوانين تسترد أمواله المنهوبة ليقدر على أعباء الزواج والحياة الكريمة..
أيها المراجع الدينية: ارفعوا الصوت مدوياً في وجه هؤلاء الفاسدين والفاشلين وقولوا لهم: كفى..
كفى استهتاراً بحقوق المواطنين.. كفى استعلاءً على الناس.. كفى هدراً للمال العام.. كفى وعوداً كاذبة.. كفى شعارات زائفة.. كفى فساداً..
أيها المسؤولون: ارحموا هذا الشعب المسكين، واجتهدوا لحل الأزمات.. لا تساهموا في زيادتها..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ أحفِظَ أم ضَيَّع...
نسأل الله تعالى أن يغيّر حالنا هذا إلى أحسن حال، وأن يولّي علينا خيارنا ولا يولّي علينا شرارنا، وأن يفرج عنا ما نحن فيه، ويخلّصنا من الفاسدين والفاشلين والصامتين، ويهيئ لنا من أمرنا رشدا، وأن يلطف بالعباد والبلاد..