بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيلول 2019 12:05ص في ظل الأزمة الإقتصادية الخانقة..

الدُعاة والقُضاة: ندعو الجمعيات الخيرية إلى تحمّل مسؤولياتها وإعانة الفقراء والمحتاجين

حجم الخط
تعيش بلادنا أزمة اقتصادية خانقة ترمي بظلالها على جميع أفراد المجتمع وتتأزّم هذه الأزمة مع اقتراب مواسم الأعياد أو المناسبات الإسلامية أو مع بدء العام الدراسي.. والكثير من الأسر الفقيرة تحتاج إلى من يقف إلى جانبها، فتلجأ إلى الجمعيات الخيرية والتي بعد جهد جهيد تنسب الفقراء والمحتاجين إليها وتقدّم لها بعض المساعدات سواء الغذائية أو المالية أو مساعدات مدرسية.

ولكن سؤالنا الحالي هل هذه المساعدات تفي بالمطلوب وتسدّ ولو ثغرة من احتياجات الفقراء والمحتاجين؟...

وإذا تساءلنا ماذا لو نسّقت هذه الجمعيات مع بعضها البعض وتكاملت فيما بينها ربما ساعدت في تقديم الأكثر والأكثر للمحتاجين والفقراء؟!

في خضم الأزمة الاقتصادية التي تغزو بلادنا نتساءل ما هو المطلوب ودور الجمعيات الخيرية في مساعدة المحتاجين؟

هذا ما سنعرضه في تحقيقنا التالي:

شحادة

{ القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة قال بداية: في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمرُّ بها مجتمعاتنا وعجز الدولة عن معالجتها لا بدّ من تفعيل دور العمل الخيري المتمثل في الجمعيات الخيرية التي يستفيد منها العديد من فئات المجتمع من الخدمات المتنوّعة التي تقدّمها، فينتج عن وجود هذه الجمعيات العديد من الآثار الإيجابية على الأفراد الذين يعيشون فيه، وعليه ان دور الجمعيات في هذه الظروف يكمن في الحد من مشكلة الفقر من خلال تأمين بعض المستلزمات الغذائية والمبالغ المالية للأسر المحتاجة، والعمل على الحدّ من ظاهرة الأميّة من خلال نشر التعليم إضافة إلى مساعدة بعض الطلاب على إكمال دراستهم الجامعية في التخصصات التي ينتمون إليها، بالإضافة إلى تثقيف المجتمع المحلي ونشر الوعي الصحي والديني من خلال دروس الوعظ والإرشاد، وتقديم النصح والمشورة لأفراد المجتمع المحلي في بعض الأمور التي يصعب عليهم حلّها.

وأضاف: ان دور المؤسسات الخيرية والإسلامية مهم لمساعدة أو حل جزئي لبعض الأزمات الاقتصادية، ولكن عدم وجود التنسيق بين الجمعيات الخيرية في التخصصات والازدواجية في الأنشطة التي تقوم بها لا تؤدّي إلى نتائج جيدة، فلذلك من المجدي والضروري التنسيق والتكامل بينهم والاستفادة من البعض وتقليل النفقات والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لكي لا يحرم الآخرين ولكي تستطيع أن تُلبّي أكبر عدد ممكن من المساعدات للفقراء والمحتاجين.

واختتم قائلاً: أتمنى من جميع الجمعيات الخيرية والإسلامية أن يضعوا نصب أعينهم هدفاً واضحاً يسعون لتحقيقه وأجر الله على الجميع أو أجر الجميع على الله.

حداد

{ أما المفتش العام للأوقاف الإسلامية الشيخ د. أسامة حداد قال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم «مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتعاطُفِهم مَثل الجسد الواحد إذا اشتكى فيه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى».

ما أحوجنا لنطبق هذا الحديث الشريف في حياتنا التي نعيش فيها أزمة اقتصادية أصبحت لا تُخفى على أحد، وأصبحت آثارها واضحة على كافة شرائح المجتمع، ان المعاناة التي يعانيها المواطنون مع بداية العام الدراسي بالذات وفي حياتهم عامة تستلزم على كافة المسؤولين أن يضعوا خطة طوارئ عملية لتسعف ما تبقّى من المواطنين في هذا البلد، وتتوجب على المؤسسات الخيرية عصر نفقاتها الإدارية والتقديمات لمسؤوليها وموظفيها ويتحوّل قيمة ذلك إلى مساعدة المواطن المغلوب على أمره.

وكما أدعو الجميع إلى نقل الأموال في حسابات البنوك إلى حسابات العمل الخيري الفعّال الحقيقي، وأقول هذا الكلام لانه ذات يوم كنت أتحدث مع أحد رفاق الدراسة وسألته عن أوضاعه وأحواله فأخبرني انه يعمل في إحدى الجمعيات الخيرية وان أوضاعه المالية ممتازة حيث يستفيد من التأمين الصحي له ولعائلته والطبابة وراتب ممتاز، وقيمة نسبية مما يحصل من تبرّعات.

وأنصح كافة الجمعيات أن تلتف حول دار الفتوى وتضع كافة إمكانياتها للفقراء والمحتاجين حقاً فيأخذ المحتاج كفايته وليس الفتات اليسير، وهنا على الدولة واجب كبير في رعاية المواطنين كما تفعل بعض الدول المجاورة من تعليم مجاني راقٍ وطبابة وضمان شيخوخة ووسائل نقل عام محترمة، وأسأل الله عزّ وجلّ أن يفرج عنّا مما نحن فيه ويهيّأ لهذا الوطن رجالاً يعطون ولا يأخذون. 

أبو شعر

{ من جهته، قال مسؤول المكتب الإعلامي في صندوق الزكاة الشيخ يحيى أبو شعر: ان المؤسسات الإنسانية ترتقي بالوطن والمواطن، إذ تلعب المؤسسات الإنسانية دوراً متمايزاً على كافة الصعد الاجتماعية والمعيشية والتعليمية والإنمائية والإغاثية في لبنان، خاصة وأن لها تاريخاً عريقاً من الخدمات والتقديمات وتشغل حيّزاً مهماً وكبيراً على أرض الواقع، وعلى صعيد تحقيق العدالة الاجتماعية والتراحم الإنساني والتكافل والتناصر والتآزر، لذا فإن من يستقريء التاريخ المشرّف لهذه المؤسسات يدرك حقيقة أهمية دورها ومكانتها وضرورة وجودها.

ولا يخفى على أحد كم ساهمت هذه المؤسسات في التخفيف من وطأة الأزمات المتلاحقة التي عصفت وما زالت تعصف بالوطن والمواطن منذ إبان الحرب الأهلية الى يومنا هذا، وكانت وما زالت تبلسم الآلام وتداوي الجروح وتأخذ بيد المحتاجين وتنشر العدل والمساواة والمحبة والعطاءات، لا هدف لها سوى الارتقاء بالمجتمع وأبنائه، كما أنها لعبت دوراً هاماً في مؤازرة الدولة اجتماعيا ًوانسانياً، وخفّفت عنها العديد من المطالب الشعبية. 

واليوم وفي ظل أزمة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والتي لا يمكن إنكارها، مع غياب خطة إنقاذية من قبل الدولة من شأنها التخفيف من وطأة الضغوطات التي يرزح تحت ظلالها الثقيلة المواطن اللبناني بات من الضروري أن تأخذ المؤسسات الانسانية دورها كما يجب وأن تجهد في الوقوف الى جانب المواطنين على كافة الصعد، لأن الأمان الإجتماعي والأمن النفسي للشرائح الاجتماعية الفقيرة ضرورة إنسانية ملحّة وهو اليوم بات في خطر داهم.

وأضاف: المؤسسات الإنسانية لم تتخلَّ يوماً عن دورها، لذا فقد سعت وتسعى الى إطلاق البرامج والمشروعات التي من شأنها التخفيف من وطأة المعاناة المتزايدة، ولعل صندوق الزكاة في لبنان هو أحد أهم المؤسسات الإنسانية التي تحرص على تقديم كل الدعم للمجتمع خاصة للشرائح الاجتماعية الأشد فقراً في المجتمع اللبناني، وقد ساهم الصندوق ومنذ العام 1984م الى تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي من خلال جملة من البرامج والتي أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: برنامج المساعدات المالية الدائمة والمخصص للأرامل والعجزة وكبار السن وغير القادرين على العمل من ذوي الاحتياجات الخاصة، برنامج المساعدات المرضية المخصص للمرضى غير القادرين على تسديد فروقات الضمان ووزارة الصحة وللحالات المستعصية التي تعالج في المستشفيات الخاصة، برنامج كفالة يتيم، برنامج كفالة طالب علم جامعي ومهني، برنامج كفالة مريض مزمن، برنامج كفالة أسرة، برنامج دعم الكتاب المدرسي، برنامج الكسوة الصيفية والشتوية، وبرنامج المساعدات الاجتماعية الطارئة.

مما يشير الى ضرورة أن تنهض المؤسسات الإنسانية بدورها خدمة للمواطن فكيف إذا كان المواطن أمام أزمة معيشية حقيقية، تشكّل أهم عوائق النهوض الاقتصادي، الاجتماعي والنفسي مع غياب الحماية الاجتماعية لمواجهة هذه الأزمة، ولكن لا بد من القول أن المؤسسات لا يمكنها لعب دورها كما يجب إلا بعد أن يقوم الذين ملأ الله قلوبهم حباً ورحمة وإيماناً بواجبهم تجاه مؤسساتهم والتي هي بحق مرآة تترجم كريم اسهاماتهم وعطاءاتهم على شكل برامج وخدمات وتقديمات.

ويعتبر الفقر هو التحدّي الأكبر الذي يعاني منه مجتمعنا اللبناني، وهو العائق الذي يقف في وجه أي تطوّر ورقيّ ورفعة، والواجب أن نعمل على حل الأزمات أزمة تلو أزمة لنتفرّغ جميعاً الى حل مشكلة الفقر من خلال دراسة احتياجات الفقراء والأخذ بيدهم لنقلهم من الفقر الى الكفاية ومن الكفاية الى الأمان والإطمئنان ثم الاستقرار الاجتماعي.

واختتم قائلاً: ومن أجل تفعيل دور المؤسسات في عملية التنمية المستدامة، لا بد من تضافر الجهود وتكامل الخطوات وتقديم التسهيلات من قبل الدولة اللبنانية، وأن تدرك أنها خير سند لها في كل أزمة أو محنة، وانها مؤازرة لها في كل الخطوب.