في ظل الظروف التي نعيشها مع انتشار جائحة كورونا وما لها من سلبيات يواجه الأزواج صعوبات كثيرة للتأقلم مع الحجر المنزلي، مما يعني أنه علينا أن نعمل بكل جهد لتحويل هذا التحدّي إلى فرصة جديدة لإعادة تنمية المشاعر والتواصل بين أفراد الأسرة..
من منظور التوعية والإرشاد والتوجيه، سواء عن طريق تهيئة المنزل بالإمكانات المتوفرة لسد ثغرة الفراغ الكبير جداً في هذه الفترة، أو وضع برامج منزلية تشاركية تحفّز الأبناء على ملء وقت فراغهم بالحجر بما هو مفيد لهم صحياً واجتماعياً، فإننا سنجد الدور يرتكز على فردَين، هما عماد هذه الأسرة، والمحرّك والداعم المحوري للحفاظ على الأسرة.. وهما (الأم والأب)، فهما من عليهما احتواء الأبناء في ظل هذه الأزمة وتوعيتهم، كما أنهما المسؤولان عن غرس وتعزيز أهمية الالتزام بالتوجيهات الوقائية والجلوس بالمنزل.. وهما من عليهما استثمار هذه الأزمة بتحويلها إلى فرصة لإستعادة ما فقدته بعض الأسر من تواصل صحي ودائم بين أفرادها.
فعلى كل واحد منهما أن يعلم أن هذه الأزمة وجدت لتكون فرصة لإستعادة الأسرة مفهومها القديم في الترابط الأسري الوثيق، وهي خطوة لنا في التواصل والانسجام مع أبنائنا عن قُرب، والاجتماع معهم لفترة طويلة، وهذا ما يساعد في غرس وتعزيز قيمة التعاون، واستغلال الوقت في الاستفادة القصوى لتطوير مهاراتهم وسلوكياتهم للأفضل.
القوزي
الشيخ د. مازن القوزي قال بدوره: الصبر هو المفتاح السحري لحل كل المشكلات وإنهاء معظم الأزمات بين الزوجين، والحياة الزوجية من الطبيعي أن تواجهها مشكلات وأزمات، وهي بطبيعة الحال لا تخلو من مشكلات تكون في بعض الأحيان عاصفة، وهنا لا بد أن يتخلّى الزوجان عن العناد والإصرار على خوض حرب شعواء ضد بعضهما بعضاً، لأن العلاقة بينهما ليست علاقة تنافسية تنتهي بفوز أحدهما بلقب المسيطر والمهيمن، بل هي علاقة تقوم على التعاون والمودّة والرحمة، فالله سبحانه وتعالى هو الذي حدّد أهداف هذه العلاقة التي تجمع بين رجل وامرأة داخل بيت الزوجية فقال: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
وأضاف: للأسف بعض الأزواج والزوجات يهدمون كل شيء وقت الغضب ويدوسون على العشرة والحب والعلاقة الطيبة وينسون أو يتناسون الذكريات الجميلة بينهما ويتحوّلون إلى أعداء ألدّاء يتبارزون وربما يتنابزون أمام الأهل والأبناء، رغم أن الخلاف بينهما قد لا يحتاج إلا إلى قدر بسيط من الصبر والحلم الذي يطفئ نيران الغضب، ويهدئ النفوس، فتذهب رياح الخلاف في سلام.
وتابع إن الحياة الزوجية تتقلّب ما بين العسر واليسر، والصحة والمرض، والمؤمن الصادق يثبت جدارته بالحياة في كل الأحوال كما جاء في الحديث الصحيح حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس لأحد ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له)، لذلك نطالب بضرورة التحكّم بالغضب وتجمّل كل من الزوجين بالصبر والحكمة في مواجهة ما يعترض حياتهما من مشكلات وأزمات، ونحذر من التمادي في العناد والإصرار على توجيه إهانات للطرف الآخر عند حدوث كل مشكلة، فكل مشكلة يمكن تجاوزها وكل خلاف يمكن حلّه إلا الإهانات التي يتعرّض لها زوج أو زوجة من شريك حياته، فمن الصعب أن يغفرها له، وبذلك تتعقّد المسألة وترتفع حدّة الغضب بين الطرفين ويحدث أبغض الحلال عند الله نتيجة هفوات من الزوج أو الزوجة.