بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 أيلول 2021 12:01ص في ظل فساد الحكّام وتخلّي المسؤولين عن أدوارهم: مَن يلتفت لأحوال الأسرة اللبنانية وما تعانيه من مشاكل وأزمات..؟!

حجم الخط
سؤال أرجو أن يسعى الجميع للإجابة عنه في ظل الأيام النحسات التي نعيش فيها.. هل فكّر أحد من كل هذه الطبقة الفاسدة التي تسيطر على زمام الأمور في بلادنا كيف أصبحت أحوال الأسر والعائلات في لبنان...؟!

هل فكّر ما هي انعكاسات الأزمات المتلاحقة على علاقة الأزواج ببعضهم البعض، وعلى تربية الأبناء، وعلى علاقة الأهل بالأولاد..؟!

وهل فكّر أيضا كيف أصبحت الصحة النفسية لكثير من أفراد العائلة اللبنانية في هذه الظروف السوداء التي غاب عن معالجتها عقل العقلاء وحكمة الحكماء..؟!

والأسوأ أن هؤلاء الفاسدين الذين نصّبوا أنفسهم زورا وبهتانا مسؤولين يرمون بمكر «إبليسي» الكرة في ملعب الأسرة..؟!

فهم يطالبون الأسرة بحسن الرعاية الطبية والغذائية... ويلعبون بأسعار الغذاء وأساليب العلاج وفق مصالحهم وجشعهم..؟!

يصرّون على حسن تلقّي الأبناء للتعليم الصحيح... ويجعلون الأقساط المدرسية سبيلا لتحصيل ثرواتهم حتى باتت ضربا من ضروب الخيال...؟!

يناشدونها بالتربية وفق مقتضيات الأخلاق الحميدة... وهم أول المسيئين إلى الأخلاق والفضائل والقيم والمثل العليا...؟!

بل بكل «وقاحة» يقيمون الندوات حول حبّ الوطن وأهمية التضحية من أجله... وفي الوقت عينه لا نجدهم إلا متاجرين بحبّه.. منفّرين عن الاستقرار به.. و«مطفشين» الشباب والرجال من أرضه..؟!

نرى أصحاب المعالي والسعادة والفخامة... يحيطون برعايتهم المؤتمرات التي تناقش السعادة الأسرية وأثرها على تربية الأبناء.. وتناسوا أنهم السبب في غلاء المعيشة.. وفي صعوبة الحياة.. وفي ندرة العمل... وفي هجرة الأزواج.. وبالتالي هم سبب في وقوع آلاف الحالات من الطلاق...؟!

بل نسمع منهم كلاما يطالب الكل بضرورة رفع لواء الرحمة والتعاون حتى نجتاز الأزمات في بلادنا.. ثم نراهم يغتالون هذه الرحمة في كل تعاملاتهم.. حتى غابت عن الشوارع.. وعن المؤسسات.. وعن البيوت... وعن الأزواج والأقارب والأصحاب وكل المخلوقات...

أيتام على موائد اللئام

لحظة تأمّل واحدة أيها السادة تكفي لتخبرنا أن الأسر والعائلات في بلادنا حالها اليوم كحال الأيتام على موائد اللئام...؟!

عليها أن تواجه وحدها...

وأن تجاهد وحدها..

وأن تسعى وحدها..

وأن تعاني وحدها..

وأن تشكو شظف العيش وحدها..

وأن تجتهد لتأمين قوت يومها وحدها وسط غابة من الوحوش التي تأكل لحوم كل ضعيف ساندة ظهرها على وساطة أصحاب المعالي والسعادة والفخامة..؟!

في كل شيء الأسرة تعاني... في الغذاء وفي الدواء وفي الكهرباء وفي المحروقات وفي أقساط المدارس وفي لقمة العيش..؟!

بل حتى في تحصيل الكرامة الإنسانية هي تعاني ولا تجدها..؟!

فهل تسألون أيها المدّعون للمسؤولية في بلادنا بعد ذلك لماذا أصبحت حالتنا هكذا..؟!

إذن دعوني أخبركم بما لا تريدون سماعه..

هل تعلمون أن هناك عائلات تتفكك ويهدّد الخلاف بهدم أركانها بسبب.. 400 ألف ليرة ايجار مسكن يعجز الزوج عن تأمينها بعد الإفلاس الديني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي الذي أصاب العباد والبلاد نتيجة لتنافسكم على قطع قالب الحلوى المسمّى «لبنان»..؟!

هل تدركون أن أبناء تيتّموا.. وأهلهم على قيد الحياة، غير أن الانتماءات السياسية فرّقت بينهم وجعلتهم أعداء ولو على حساب فلذات أكبادهم..؟!

وهل تدركون أن عددا مخيفا من هؤلاء الأبناء هجروا واقعهم المرير إلى عالم المخدرات والموبقات..؟!

هل تدركون لا سامحكم الله تعالى أنه أثناء جشعكم للحصول على مقعد وزاري أصيب والد بجلطة دماغية وآخر بأزمة قلبية وثالث بشلل شامل ولم يجدوا علاجا فانقلب حال الأُسر وبات الجميع فيها يتسوّل في سبيل علبة دواء وضاع المستقبل...؟!

وهل.. وهل.. وهل..؟!

نفضة شاملة

إننا أيها «المدّعون زورا للمسؤولية» نحتاج إلى انتفاضة شاملة تتضافر فيها كل الجهود لإعادة الأسرة إلى مكانتها الصحيحة، ونحتاج إلى جهود دستورية وقانونية وتعليمية ودعوية واقتصادية واجتماعية تجعل من الأسرة حلما جميلا وواقعا أجمل يسعى كل شاب وفتاة لتكوين مثلها ليشعروا بنعيمها وروعتها، وهذا لا يمكن أن يكون إلا بوجود أرض خصبة تحتضن الأسرة بمعانيها وأبعادها الإنسانية وتيسّر لها الطريق لتخريج أجيالا وطنية صالحة.

فإن الواقع يخبرنا بما لا يدع مجالا للشك أن فسادكم المستشري قد أدّى إلى استقرار «الحروب» الزوجية داخل البيت، وتحوّل أي قرار داخلها إلى قنبلة موقوتة، وأي نتيجة لن تكون إلا حتماً على حساب الأبناء الذين أصبحوا أرضا خصبة لاستقبال كل «بذور» الجرائم أخلاقيا وسلوكيا وأمنيا... وطبعا نفسيا..؟!

ومن هنا ناديناه وننادي اليوم لنقول..

بادروا إلى اعتماد الخطط التي تصلح مسيرة الأسرة في بلادنا..

بدءا من الزواج وكل ما يرتبط به ووصولا إلى مرحلة الطلاق التي تفشّت عندنا وباتت سمة العصر..؟!

تعالوا - إن كانوا صادقين - لنعمل جميعا بكل اختصاصاتنا ومجالاتنا لنجعل الأسرة حماية للمجتمع.. لا تدميرا له..؟!

بل تعالوا لنجتهد كلنا لنجعل العلاقة بين الأب والأم كما أمر الله {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}... بدلا من حالات «الحرب» الناشبة بينهم بسبب فسادكم، واعلموا أن ضياع الأسرة هو في الحقيقة عملية صناعة للمجرمين في بلادنا... ولا أعتقد أننا «بوجودكم..» بحاجة للمزيد منهم..!؟