بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2022 12:00ص في ملتقى «صناعة التنجيم بين العرف والشرع والفلك»: المطلوب مواجهة العقل الوهمي وإصلاح المفاهيم الدينية في نفوس النّاس

حجم الخط
نظم مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي التابع لمجمع البحوث الإسلامية، الملتقى الثقافي العلمي الأول تحت عنوان «صناعة التنجيم والتطرف الفكري: الأبراج والتنجيم بين العرف والشرع والفلك»، بمشاركة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور محمد حسين المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، وعدد من كبار الشخصيات والقيادات في الأزهر الشريف، وناقش المؤتمر عددا من المحاور المهمة كالتالي، أولا: تصحيح الانحرافات العقدية والفكرية والبدع العلمية والسلوكية والتطرف الفكري، ثانيا: التواصل مع التراث والانفتاح على العصر وآلياته، حيث المقصود من تجديد الفكر والخطاب الديني هو إحياء وبعث معالم الدين العلمية والعملية بحفظ النصوص الصحيحة نقية، ثالثا: نشأة الأبراج وظاهرة التنجيم وكثرة البرامج التلفزيونية على شاشات التلفزيون وتأثيرها على المجتمع والفارق بين المنجم والفلكي، رابعا: حقيقة التنجيم وأحكامه وموقف الشرع من الأبراج، رابعا: التأصيل العلمي لقضايا التنجيم والاعتقاد، خامسا: المعتقدات الفلكية وتأثيرها على الثقافات المختلفة.

جمعة

الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أكد خلال كلمته إن التنجيم على قسمين: التأثير والتسيير، ويعني الأول أن للحركات النجمية أثراً في حياة الناس وسعادتهم وشقائهم وهذا أمر منهي عنه، حيث إننا نعتقد اعتقادا جازما أن ما في كون الله لا يسير إلا بما أراد الله، واعتقاد غير ذلك شرك، أما التسيير فمعناه أن الله تعالى قد جعل حركة الشمس والقمر والنجوم سببا في الفصول، وبها يمكن الاستدلال على ما يحدث في النبات والحيوان والإنسان، وهذا أمر يعرفه الكثير من أهل الفلاحة والزراعة وهو علم نافع ومحمود، مضيفا أن النبي صلى الله عليه وسلم  قد نهى عن الأول وأمرنا بالثاني بحثا وعلما وتطويرا.

الهدهد

من جانبه قال الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، إن الملتقى يهدف إلى مواجهة العقل الوهمي، فالتنجيم كان يُعدّ قديما علما من أخطر العلوم وكانوا يطلقون عليه علم الأزمان، وأن الأسطورة أو العقل الوهمي دائما لها تأثير في توجيه الإنسان، وهو ما واجهته الأديان وبيّنه القرآن الكريم في آيات كثيرة، مضيفا أن علم الفلك مطلب شرعي لاعتماد الكثير من الأحكام الشرعية عليه، وكان للأزهر الشريف السبق في هذا المجال حيث درس فيه الكثير من كبار علماء الفلك، مشدّدا على ضرورة التصدي لتصحيح الكثير من المفاهيم المتعلقة بعلم الفلك لخطورة ما نراه من انحرافات تمسّ عقائد الناس فالغيب بيد الله وحده.

عياد

أما الدكتور نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، فأشار في كلمته إن اختيار هذا العنوان جاء للتأكيد على عدة حقائق مهمة، تتمثل في احترام العقل وتقديره وبيان حدوده، ومنزلة العرف في الشريعة الإسلامية، ودور العلوم التجريبية وما يمكن أن تسهم به في واقع الناس، مضيفا أن الله تعالى خلق الإنسان وأنعم عليه بنعمة العقل، وجعله به ومن خلاله سيد هذا الكون، وبه ومن خلاله حمل أمانة التكليف التي عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.

وقال أن الله تعالى جعل للعقل مكانة عظيمة في كتابه، ويكفي هذه الدعوات المتتالية تصريحاً وتلميحاً إعلاءً لشأنه وإقراراً بمكانه؛ فهو موضع التأمل والنظر والاعتبار، وهو موضع التمييز بين الصواب والخطأ، ومصدر الأحكام والإحكام، مؤكدا أن الله تعالى دعا إلى إعمال العقل ونهى عن التقليد الأعمى المذموم؛ مشيراً إلى أنه نظراً لطبيعته وقدره كان واحداً من مصادر المعرفة؛ إذ أن مصادرها ثلاثة: الأخبار الصادقة، والحواس السليمة، والعقول المستقيمة، وللعقل معارف يصل إليها ويدلي فيها، ويضع فيها أحكامه، ولا يعني هذا انفصالا بينه وبين النقل، فالعلاقة بينهما وثيقة ومستقيمة ولا يستغنى بواحد منهما عن الآخر.

القاضي

من جانبه قال الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية بحلوان، عضو مجلس إدارة مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي، إن موضوع الملتقى يهدف إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة عن اللغط الدائر بين الفلك والتنجيم، موضحاً أن علوم الفلك لها أهمية كبيرة للتفكّر والتدبّر في هذا الكون الفسيح، وقد أشار إليها القرآن الكريم في مواضع كثيرة قال تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}، وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}، وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ}.

وأكد القاضي، أن هذا الملتقى يُعد استكمالا للمسيرة التي قام بها قدماء المصريين وعلماء الأزهر لتوضيح العلوم الصحيحة لدحض الأكاذيب والشائعات التي يروّجها المنجمون والدجالون بهدف تضليل الشباب الذي يعتمد على وسائل التواصل الحديثة في استسقاء معلوماته، مشددا على أهمية نشر ثقافة علوم الفلك لدى العامة والمتخصصين، وتدريب كوادر بشرية من العلماء لدحض الشائعات التي انتشرت في المجتمعات خاصة بعد انتشار فيروس كورونا وتداعياته.

عبدالبر

من جهته أكد الدكتور أحمد عبدالبر، مدير مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي، على إنه وفي ظل اهتمام الدولة المصرية بتنفيذ ميثاق الأمم المتحدة وتنفيذ استراتيجية 2030، والتي تهدف إلى استدامة الدول وتقدّمها فكان لعلم الفلك وتكنولوجيا الفضاء الرصيد الأكبر من تنفيذ رؤية مصر 2030 موضحا أن ذلك كان واضحا بقرار رئيس الجمهورية لعام 2018 بتدشين وكالة الفضاء المصرية، ونظرا لسعة رؤيا الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، واستشرافه للمستقبل من أهمية علوم الفلك والفضاء، وسعيه بكل جهد من العمل على التواصل مع كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا، مضيفا أنه وفي إطار عناية الأزهر بهذا المجال العلمي أنشأ «مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء» وذلك بتعاون ثلاثي بين مجمع البحوث الإسلامية وجامعة الأزهر ووكالة الفضاء المصرية، حيث يمثل هذا المركز محورا مهما من محاور إستراتيجية الأزهر الشريف في التعامل مع القضايا المستحدثة والتي تحتاج إلى الدمج بين العلوم الشرعية والتخصصات العلمية المختلفة وذلك بالتكامل مع مؤسسات الدولة بما يحقق الشراكة المجتمعية.

وأكد أن المركز يهدف إلى نشر الثقافة الفلكية ورفع الوعي المجتمعي تجاه قضايا الفلك ومهنة أو صناعية التنجيم ومن تتبّع المركز من أول بداية هذا العام الميلادي ورصده لتوثيق نسب اعتقاد المصريين لمضامين الأبراج والتنجيم والإشباعات المحققة منها، مضيفا أن وذلك كان واضحا في عدة دراسات ولافتا إلى أن المركز قد رصد مدى إقتناع المراهقين بمضمون الأبراج والتنجيم في وسائل الإعلام من توقعات مستقبلية فجاءت فئة «لا أصدقها» بنسبة 53.9% وفئة «اقتنع بها» بنسبة 40.4%، ومن هذه النسب تبيّن لنا أن هناك دوافع للمراهقين تجعلهم يتابعون مضامين الأبراج والتنجيم، مشيرا إلى أن ذلك قد دفع مركز الأزهر للفلك لتوضيح الفرق بين الفلك والتنجيم والأبراج علميا وشرعيا؛ وخاصة في ظل تجديد الفكر والخطاب الديني حيث إنها ضرورة تفرضها تحديات العصر في ظل المعتقدات الفلكية الخاطئة، وتأثيرها على الثقافات المختلفة مما يعطي تجديد الفكر الديني مسؤولية كبرى لتخليص الشريعة الإسلامية بما علق بها من شوائب الجهل، وأدران الأباطيل والضلالات.

وأشار مدير مركز الأزهر العالمي للفلك إلى أنه من واجب العلماء الاجتهاد في تقديم الخطاب الأمثل الذي يحقق مقاصد الشريعة ومصالح البشرية ويمدّهم بقيم النهضة والرقيّ والازدهار، وفي خضم المعركة التي أدارتها الشريعة الإسلامية لتحرير العقول من ضلالات الوهم والخرافة، والدجل والشعوذة، والتي قامت بإبطال جميع مسالك الجاهلية ووقفت منها موقفاً حازما؛ مختتما بالتأكيد على أهمية تكامل منظومة العلوم الكونية والشرعية في الخطاب الديني، والعناية بالتوفيق بين الكونيات والشرعيات حيث علق الشرع الشريف بهذه الظواهر أحكاما شرعية لها تعلق من جهة ما بالظواهر الفلكية، ومن منطلق ذلك تم عقد الملتقى الثقافي العلمي الأول للمركز تجاه قضيه التنجيم والتطرف الفكري وما يطرأ عند بداية كل عام من توقعات مثيرة للعام الجديد، يعتمد فيها على صياغة الخبر بطريقة رمادية ومطاطة ولعل الاستشراف المستقبلي يتطلب احتراما للعلوم وتجديداً للفكر وتبجيلا للقادم.