بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 آب 2018 12:04ص لا تكونوا إنفصاليِّين في موسم العشر..؟!

حجم الخط
حين يقرأ أحدنا قول النبي عليه الصلاة والسلام: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة»، يدرك تماما أن يوم عرفة هو موسم من مواسم الله تعالى التي أكرم بها عباده ليعملوا ويجتهدوا ويتوبوا، ضمن منظومة مراجعة نقدية – ذاتية تعيد النفس إلى صوابها لتكون حقا .. من عباد الله..
ولكن وبكل أسف .. يبدو أن هناك من حولنا من أصابته آفات الإنفصال الفكري والإيماني، حتى بات يتعامل مع يوم عرفة وكأنه يوم لا علاقة له بباقي أيام العام، فتراه في حياته وأخلاقه وسلوكه وتعاملاته مناقضا لكل ما جاء في القرآن الكريم، حتى إذا ما جاء يوم عرفة ومعه العشر الأوائل من ذي الحجة، اجتهد في الصلاة والصيام و الدعاء وقراءة القرآن، ثم مع أول أيام عيد الأضحى المبارك، عاد إلى عاداته وكأن شيئا لم يكن..؟!
هذا (الفكر الإنفصالي) الذي يقطع كل علاقة بين العبادة في مختلف مواسمها وبين حركة الحياة اليومية لن يعود على الإنسان ولا على المجتمع إلا بمزيد من التراجع والجمود والفساد والبعد الفعلي عن دين الله تعالى..
فكيف لمسلم أن يدخل العشر الأوائل ويصوم يوم عرفة  وهو عاق لأمه وأبيه وأخوته، ومتسببا في أحزانهم التي تلف حياتهم من كل حدب وصوب..؟!
وكيف يسعى لصلاة العيد باكرا بعباءته البيضاء من مر عليه يوم عرفة فصام نهاره وقام ليله، وهو مصر على المعاصي والذنوب وأكل الحرام  والغش والاحتيال وكل ما ساء من أخلاق..؟!
بل وكيف يتوقع هذا «الإنفصالي» أن يكون عمله متوافقا مع منظومة الإيمان وهو يدخل إلى عرفة متعبدا وقد ظلم نصف جيرانه.. وأكل مالهم.. وشتم أعراضهم.. وانتهك حرماتهم..؟!
إننا وقبل دخول يوم عرفة على الأمة نحتاج جميعا إلى تدبر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ)..
نعم.. من أتى بصلاة وصيام وزكاة... ولكن منظومة الإيمان غير متكاملة في نفسه وأخلاقه..؟! 
فهل سنعمل لتحقيق أمر الله في حياتنا كلها.. أم يا ترى.. ستبقى عباداتنا شكلية في واد... وأخلاقنا بكل أبعادها في واد آخر...