بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 أيلول 2020 12:00ص لم يعد في اللغة ما يصف أفعالكم..

حجم الخط
في كل مرة أنوي فيها كتابة مقالي، أجد الكلمات تتساقط أمامي لتعلن عجزها عن وصف حقيقة الواقع الذي نعيشه في بلادنا..

واقع مخزِ إلى درجة لم يعد في اللغة كلمات أو صفات تستطيع فعلا أن تعبّر عن سوئه.

فنحن على المستوى السياسي والاجتماعي والدعوي والأخلاقي والمعيشي والأسري والإعلامي والفكري والعلمي وسائر المجالات الأخرى، نعاني من إنحدار هو أشدّ في سرعة تدهوره من سرعة جلمود صخر امرؤ القيس الذي حطه السيل من علِ..؟!

والأنكى... أننا جميعاً بلا إستثناء، نقف أمام هذا التراجع الشامل والمخيف، إما مشاركين في سوئه ومستفيدين من فساده، وإما نشاهد حركته ولا نحرّك ساكنا، وإما نعبّر عن أسفنا بعض الشفاه وتحريك اللسان ببعض الكلمات الجوفاء..؟!

للأسف نحن في بلاد اختار أهلها منذ عقود وعقود، أن تكون الأيام عندهم ثابتة على فسادها وعلى فجور ناسها وعلى تكبّر سلاطينها وحكامها وعلى تسلّط مسؤوليها وعلى تفرقة شعوبها بألف سبب وسبب..؟!

والعجيب أن هؤلاء الذين أساؤوا للبلاد وذبحوا كرامات العباد واستنزفوا الطاقات وشوّهوا حياة الناس هم الذين يدعون الشكوى من الظلم الآن... لينطبق عليهم فعلا.. (ضربني وبكى... سبقني واشتكى)...؟!

وبعد كل هذا التراجع المقصود... نسمع من هنا أو هناك من يقول... هناك مؤامرة تُحاك ضد لبنان وهناك مكيدة لإضعافه؟!

حسنا.. وماذا عن الأسباب والذرائع التي تقومون بتوزيعها مجانا ويوميا (كحبات البونبون)..؟!

وماذا عن المواقف والتصريحات والتصرفات والممارسات التي ترتكب علانية فتزيد من ضعفنا وتقهقرنا وتمزّقنا وتفرّقنا وتراجعنا؟!

وماذا عن الحروب التي يستعمل فيها كل الأسلحة ولا تُوجه إلا إلى صدور الصادقين والمخلصين.. بينما «أضدادهم» يشربون «القهوة» بينما هم يحصون مكاسبهم وأرباحهم منتظرين بين لحظة وأخرى أن يصبحوا من أصحاب المناصب المرموقة..؟!

ماذا عن كل تلك الأمور التي ترتكب وتجعل منا شعبا مذلولا مكسورا مهانا، أليست سببا في ما وصل إليه حال البلد التي تقولون أنه يتعرّض لمؤامرة..؟!

ألستم أنتم جميعا أكبر مؤامرة ترتكب بحقنا..؟!

أننا في أيام أيها السادة ينطبق عليها قول الله تعالى في كتابه الكريم بحق قوم عاد: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ}...

نعم.. إنها أيام نحسات ولكن ليس لذاتها، بل نحسّها بسبب من فيها وما فيها..؟!

نحسات لأن الذين من المفترض أن يراعوا ضمائرهم وذممهم.. دخلوا في أسواق شراء الذمم وبيعها التي وجدت مستقرها في بلادنا، فأصبحوا من أصحاب الأقعنة المتبدّلة حسب المصلحة وطبعا... حسب بورصة الأسعار اليومية..؟!

ولكن... نقول لكل هؤلاء..
افعلوا ما تريدون أيها المنتحلين للصفات والمتاجرين بها...

اسرحوا وامرحوا واكسبوا كما يحلو لكم...

(شنّفوا) آذاننا بالشعارات الرنّانة والكلمات الطنّانة والعبارات الكاذبة...

فإن التاريخ الإنساني قد أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن من عاش بوجهين أو أكثر سيترك الساحة - آجلا أم آجلا - لا وجه له ولا محامد له ولا ذكرى له ولا تاريخ له..!؟ وكفى بما سبق عقابا لكم ولأزلامكم ومحاسيبكم..؟!





أخبار ذات صلة