رغم كل ما يحاول البعض قوله من أجمل تجميل ما نحن فيه، ما زلت أصرّ على أن مجتمعنا يعيش في حالة عداء غير معلنة مع القرآن الكريم..؟!
أعلم أن التعبير قاسٍ..؟! ولكن المراقب لأحوال المجتمع في كل تفصيلة من تفاصيله يرى وبوضوح تام غير خفيّ أن الإسلام قد تحوّل وبفعل ظروف كثيرة ومتشعّبة إلى مجتمع قوّال والأنكى أن أقواله تناقض أفعاله في الحياة، وبالتالي فقدنا قيمة التفاعل مع هذا الدين العظيم حتى صرنا أبعد الناس عنه.. اعترفنا أم لم نعترف...؟!
فنحن اليوم نعيش في ظل فساد متوارث منذ عشرات السنين وما زال يكبر ويكبر...!!
نعيش في اعوجاج قيمي و«مفاهيمي» يسير عكس مطلوب الإسلام الحنيف...!!
ونعيش في إنقلاب سلوكي وأخلاقي أصاب غالبية نشاطاتنا الاجتماعية والأسرية..!!
كما نعيش في اضمحلال فكري وثقافي حوّل العقل المسلم عند أفراد المجتمع إلى أداة غير مستعملة إن لم نقل مهجورة...!!
ورغم اعترافنا بمرارة التقهقر الحضاري والعقم الفكري التي يحيط بنا، ما زلنا - ويا للعجب - نتصدّى لها بالكلام المنمّق والشعارات «القولية» التي تثبت للعالم كله المزيد من الانفصال الإيماني المتعمّد عن واقع الحياة.
انظروا إلى الشباب المسلم... إلى الفتيات المسلمات.. إلى الأسر وما فيها من مشاكل وقضايا، ثم أكملوا النظر إلى الشوارع والمدارس والجامعات والإعلام والنوادي ما الذي سنجده..!! سنجد مجتمعا لا يتكلم إلا عن رقيّ الإسلام... ولا يتعامل إلا بغيره..؟!
فنحن نعيش في تناقض لن يصل بنا إلا إلى مزيد من التمزّق والتشتت والتراجع والتمذهب والتعصب والبُعد عن هدي الإسلام، ومعه لن نحصد إلا الخراب والدمار وانعدام التفاعل مع كتاب الله وسنّة رسوله الكريم.
ولذا علينا جميعا أيا ما كانت مسؤولياتنا أو وظائفنا أو مراكزنا أو قدراتنا أو تخصصاتنا أن نعمل بكل جهد لننقل الإسلام الحنيف من اللسان إلى الميدان..
علينا أن نجعل هذا الدين العظيم الذي ارتضاه المولى لنا دستورا حياتيا.. ومنهجا فكريا.. وثقافة اجتماعية... وضابطا أخلاقيا.. وحصنا أسريا.. وأسسا تربوية.. ليصبح كما أراده الله تعالى حياة نعيش فيها..
إنني أتدبّر قول الحق تبارك وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، ثم أعرض دلالاته ومعانيه وأبعاده على واقع المعيشة التي تحيط بنا، فأكتشف أننا ببُعدنا عن هذه الحقيقة قد أصبحنا أمواتا.. وإن أكلنا وشربنا وتناسلنا..؟!
الإسلام أيها السادة يريد رجالا تعمل به.. لا ألسنة تتحدث عنه فقط..؟!
يريد نساء تغرسه في نفوس الأبناء... لا إناثا تفهمه كمجموعة من القيود..؟!
يريد شبابا فاعلا يحقق حسن علاقته به فينتج للبشرية أمة حضارية تقود العالم نحو حياة مليئة بالعدل والعلم والسلام...
وكل هذا لن يكون إلا إذا تعلّمنا العلم الصحيح، وعملنا بالعمل الصحيح المبني على العلم... وبغير ذلك لن نكون إلا كما نحن مسيئين للدين ومشوّهين له...؟!