منذ فترة غير قصيرة وأنا ألاحظ أن الحرب قد أعلنت صراحة ضد المشاعر الإنسانية في بلادنا، وهي حرب ضروس لا تذر ولا تبقي، وهدفها الأول تدمير كل المشاعر والقيم النبيلة في سبيل تبديل أرضية المجتمع إلى أرضية ملوثة بكل أصناف الأوبئة...
وأسوأ ما في المشهد السوداوي أن كثيراً من الدعاة يشاركون في عملية التلويث إما بالسكوت المدان وإما بسوء المفاهيم التي يبثونها بين صفوف الشباب فكانت النتيجة كارثية بامتياز...؟!
حتى أصبح المجتمع وبكل صراحة أقول.. يرى كل جميل بعيدا عن الدين..؟!
ويرى كل تقدم وكل حضارة وكل خلق.. بعيدا عن الدين..؟!
بل أصبح كل فحش وقبح وتأخر وفساد وتزمت وتقليدية مرتبطا في عقولهم بالدين .. نتيجة لسوء الحالة التي يعايشوها ويعانون من سلبياتها..؟!
وبدلا من أن تتكاتف الأيادي وتتوحد الجهود بين مختلف العاملين تحول الأمر إلى اصطفافات عصبية ومذهبية ومناطقية، كل اصطفاف يرفض الآخر ويأبى التعاون معه ويدعي أنه صاحب الحق الوحيد..؟!
ونتيجة لانقلاب المفاهيم بات المجتمع غارقا بوحول الفساد في كل مجالات الحياة، وملوثا بكل الأوبئة التي استقرت في نفوس عدد كبير من الناس..؟!
مجتمع - وبكل وضوح - انطبق على حاله وصف المولى تعالى: {يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ}...
غلظة وحقد وقسوة وبغض ونميمة وخصام وتنافر ورفض متبادل...
كلام في الخفاء على كل آخر يروج لثقافة الكراهية ويزيد من انقسام المجتمع..
غرس للمفاهيم المشوهة بشعارات دينية ثم استثمار هذه المشاعر السلبية في مكاسب شخصية أو ذاتية...
بل حتى «تسويد» مفهوم العلاقة بين الزوج وزوجه حتى باتت تقدم وكأنه مجموعة بنود حقوقية بعيدا عن كل سكن ومودة ورحمة وتعاون...؟!
وكل ذلك يُتقبل من قبل المروجين له بالترحيب والتشجيع وأحينا بترافق مع التصفيق...!؟
إنها حالة من «السريالية المشوهة» التي لا يفهمها واقعها وأبعادها حتى من صنعها، فكيف إن كان المروِّج والمستخدم أجهل من الجهل...؟!
وكيف إن كان الامر قد تعاظم في بلادنا حتى انقلب السحر على الساحر وغرق الجميع في دوامة انعدام المشاعر والقيم النبيلة..؟!
إني أرفع الصوت وأقول لكل المعنيين اتقوا الله في شعبكم...
اقولها لمن يعرفون أنفسهم.. لأنهم ربما لا يعرفونها..؟!
وأقولها لمن لا يعرفون أنفسهم.. لعلهم يعرفونها...؟!
وأقولها أيضا لمن ينكرون أنفسهم .. لعلهم يدركونها فيتحركون؟!