بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 نيسان 2018 12:02ص مرض التبعية.. ونشر الببغائية..؟!

حجم الخط
حين نقرأ حديث النبي  صلى الله عليه وسلم  «لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا» ندرك بما لا يدع مجالا للشك أنه يريد من أمته أن تكون أمة عالمة واعية وعلى بصيرة، وليس جاهلة أو مقلدة وخاصة في الأمور الدينية. 
والتقليد الأعمى أو التبعية الجاهلة في أمور الدين جريمة ضحيتها الأولى نعمة العقل التي أكرمنا بها المولى تعالى، بل قد تتطور في نفس التابع حتى تصبح مرضا له سلبيات نفسية وفكرية كثيرة.
والخطر الثاني هو أن هذا «التابع- الضحية» سيدخل في نفق الاعتقاد في الخرافات والأوهام كخطوة أولى ثم يصل إلى مرحلة تقديس الأشخاص(؟!) ناسفا بذلك قول الإمام مالك رحمه الله: «كل يُؤخذ من كلامه ويُرد إلا صاحب هذا القبر» وأشار إلى قبر النبي  صلى الله عليه وسلم .. حتى يصل هذا التابع إلى مرحلة التغييب العقلي الكامل فيحقّ عليه قول الله تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}...
طبعا لا نقصد بكلامنا هذا إنكار دور العلماء الأجلاء والدعاة الثقاة الذين قدموا الكثير للأمة، ولا نعني أيضا رفض الثوابت أو الأصول، وإنما نهدف في الدرجة الأولى إلى توضيح خطورة ان يكون الإنسان مقلدا جاهلا في كل أمور دينه دون أن يتعلم أو يتدبر أو يتفقه أو يعمل عقله في أمور الحياة.
إن بعض المسلمين من حولنا وبكل أسف لم يتبعوا فلاناً أو علانا فحسب، بل أصبحوا يفتخرون بأنهم أتباع وبأنهم لا يفكرون في أي أمر وإنما فقط.. يطبقون نتاج فكر المتبوع..؟! 
إن سألتهم.. أو حاورتهم... أو تناقشت معهم... كان الجواب... «هكذا قال لنا فلان»..؟!
إن حاولت أن تدخل معهم في دردشة فكرية أو علمية حول الموضوع.. صدّوك بقولهم: «علان يقول كذا ونحن علينا الطاعة»..؟!
حتى أصبحت بلادنا مليئة بـ «الببغائيين» الذين لا يسمعون ولا يرددون إلا ما يلقى على أسماعهم وإن كان خطأ أو فسادا أو ضلالا..؟!
إننا بحاجة - وعلى كل المستويات - إلى إعادة تصويب البوصلة عند هؤلاء حفاظا على مستقبل البلاد من خطورة التبعية العمياء التي تحول الناس إلى ما يشبه «آلات ميكانيكية» لا تعمل إلا وفق ما برمجها عليه المستخدم.. وإلا فلا تستبعدوا أن نرى قريبا أشباه «اللات والعزة» ولكن بصورة بشر يمشون بيننا ويتكلمون مثلنا...؟!