بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 شباط 2020 12:05ص مزوق: الإسلام وجّهنا لتهذيب المشاعر وترشيدها بالاتجاه الصحيح

مؤكّداً على إن الحبّ فطرة إنسانية...

حجم الخط
في الرابع عشر من شهر شباط في كل عام، يحتفل الشباب والشابات بعيد الحب... حيث يجلب كل طرف إلى الطرف الآخر الورود الحمراء... والهدايا المميّزة تعبيراً عن مشاعرهم تجاه البعض...

ولكن الذي يخطر ببالنا هل عيد الحب يجب أن يقتصر على يوم واحد فقط؟! كلا فالحب ليس فقط للشريكين...

الحب الحقيقي هو برّ الوالدين...

الحب الحقيقي هو الرحمة على الفقراء والضعفاء...

الحب الحقيقي هو حبّنا للّه سبحانه وتعالى..

الحب الحقيقي هو حبّنا لنبينا رسول الله  صلى الله عليه وسلم...

هل هناك أعظم من هذا الحب الذي يكسبنا الدنيا والآخرة؟!..

الإسلام أمرنا بالحب والعطاء والتضحية، أمرنا بالأخلاق الحميدة التي تظهر معنى الحب للآخرين، كحبّنا للجار، ولكبار السن وللضعفاء والفقراء...

فلنحافظ على مشاعر الحب العفيفة الطاهرة البعيدة عن المكر والخداع، ولنسمو بمشاعرنا نحو الإنسانية الراقية...

أي حب أمرنا به ديننا الإسلامي في عيد الحب؟.. هذا ما سنناقشه مع رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق في هذا الحوار التالي:

المحبة ثقافة إسلامية

{ بداية هل لنا بتعريف عن الحب في الإسلام؟

- الحب في الإسلام قد يكون واجباً وذلك بحق الله ورسوله  صلى الله عليه وسلم، فيجب على المسلم أن يحب الله وأن يحب سيدنا محمدا  صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين، كما يجب على المسلم أن يحب والديه وأن يقوم ببرّهما، وأيضاً على الزوج أن يحب زوجته كما على الزوجة أن تحب زوجها، قال تعالى في كتابه العزيز: {ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة}.

وأضاف: وهذا الحب بين الزوجين يجب أن يكون كل يوم وليس محصوراً بيوم واحد في السنة، حيث نشاهد في كل يوم تخصيص يوم الرابع عشر من شباط للاحتفال بما يسمّى بعيد الحب، وشرعاً لا يجوز للمسلم أن يحتفل بهذا اليوم لأنه يتعلق بطقوس غير المسلمين، وأمرنا أن نخالف غير المسلمين في ما يتعلق بمعتقداتهم.

والشريعة الإسلامية، وللّه الحمد، أمرتنا بالمحبة كما ذكرنا منذ قليل، وأريد أن أشير إلى أمر مهم وهو إذا أحب شاب شابة من خلال النظرة الأولى وقد يحصل ذلك في بعض الأحيان فماذا على الشاب والشابة أن يفعلا؟

يقول حبيبنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم «لم يُرَ للمتحابين مثل نكاح» رواه ابن ماجه، فهذا إرشاد نبوي كفيل بتحصين المجتمع إذا طبقناه لأننا للأسف في هذا اليوم أي الرابع عشر من شباط تنتشر المعاصي والفاحشة والزنا حيث يلتقي الشاب والشابة اللذان يحبان بعضهما ولكن لم يسلكا الطريق الشرعي، فإذا أحب الشاب فتاة عليه أن يتقدّم لخطبتها من أهلها وأن يقتدي برسول الله  صلى الله عليه وسلم، فالنكاح الشرعي وفي حال عدم قدرة الشباب على الزواج فعليه أن يغض النظر وأن يتوقف عن التواصل مع الفتاة ولو على الـ «واتس اب» أو الـ «فايسبوك» حتى يهيّأ له القدرة على الزواج، كما عليه أن يستعين بالصوم وبالدعاء، فقد قال ربنا سبحانه: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله} «سورة النور 33».

{ هل فعلاً الحب يحرم في الإسلام أم ان مفهومه مختلف؟

- كما ذكرت سابقاً ان الحب موجود في الإسلام لانه يتعلق بالفطرة ولكن الشرع وجّهنا كيف نتعاطى معه كي لا نقع في الحرام، وهكذا يجب على الأهالي، الآباء والأمهات، أن يربّوا أبناءهم على المفاهيم الصحيحة وأن يحذروهم من المفاهيم الخاطئة ومنها قضية ما يسمّى «عيد الحب» لان الطالب اليوم في المدرسة أو الجامعة ان لم يصاحب يتهم بأنه متخلّف أو متعصب أو أصولي، ويتهم بعدم الحداثة والانفتاح، فنحن نريد شباباً مثقفين متفوّقين في مدرستهم وجامعاتهم محافظين على عفّتهم وتقواهم.

شعار بلا أثر

{ رغم كثرة المظاهر بما يسمّى «عيد الحب»، نرى ان الحب الحقيقي أصبح شبه معدوم في المجتمع، فما هو السبب برأيكم؟

- ان من الآفات التي يشهدها المجتمع ان البعض يتظاهر بالحب للآخر وهو للأسف يحبه بمصلحة وليس حباً صادقاً، فربما يتقرّب الشاب من فتاة من أجل مالها أو نسبها أو نفوذ والدها، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام «تنكح المرأة لأربع: لمالها وجمالها ونسبها ودينها، فاظفر بذات الدين، أي حثّنا الشرع على اختيار صاحبة الدين، فمن هنا نرى ان الدين هو المرشد لنا في أمورنا كلها حتى في الأمور الزوجية أو الأمور الفطرية وحتى فيما يتعلق بالحب لأن الإنسان قد يحب الآخر بسبب أخلاقه أو أقواله أو أفعاله، فهذا الحب وهذا الميل إلى الطرف الآخر علينا أن نترجمه إلى الزواج الشرعي أو في حال عدم القدرة على الزواج فعلى المحب أن يصرف عقله وقلبه عن الانشغال بالطرف الآخر وأن يكثر من ذكر الله وأن يعلق قلبه بالله سبحانه ويطلب منه أن ينزع هذا الحب من قلبه.

ثقافة الحب

{ كيف ننشر ثقافة الحب بمعناها الإسلامي في مجتمعنا؟

- الإسلام لم يأتِ معارضاً للفطرة بل على العكس، الشريعة الإسلامية موافقة للفطرة، وقد قال ربنا سبحانه وتعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}، ومن ضمن هذه الفطرة في الحب علينا أن ننشر ثقافة الحب بمعناها الصحيح وذلك بأن نشرح للناس معنى الحب الذي يكون للّه أي أن تحب المرأة وأن يكون حبها للّه ولذلك قال  صلى الله عليه وسلم «ثلاثة من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرأة لا يحبه إلا الله..»، فالوازع الديني والإيماني هو الذي يعلّمنا الحب سواء للّه ولرسوله أولاً أو للوالدين كما ذكرنا سابقاً أو للعلماء والأولياء والصالحين، فقد قال  صلى الله عليه وسلم «المرء مع من أحب».

فعندما يعلم العلماء الناس في خطبهم وفي دروسهم وندواتهم كيف كانت الحياة الزوجية في حجرات رسول الله  صلى الله عليه وسلم وكيف كان حب النبي لأزواجه، وكيف كان  صلى الله عليه وسلم وفيّاً للسيدة خديجة بعد وفاتها حيث كان يرسل الهدايا بعد مماتها إلى صديقاتها وفاء لها وهو القائل: «اني قد رزقت حبها» فعندما نعود إلى سيرة رسوله الله  صلى الله عليه وسلم نتعلّم معنى الحب الحقيقي.

 { الكلمة الأخيرة التي توجهها إلى الشباب والشابات في عيد الحب؟

- إلى كل من يحتفل بما يسمّى بعيد الحب أقول لهم ألا تحبون رسول الله؟ ألا تريدون أن تحشروا معه؟ ألا تريدون أن تشربوا من يد رسول الله  صلى الله عليه وسلم؟ ألا تريدون أن تدخلوا الجنة وهي سلعة الله الغالية؟ فعليكم بالالتزام بحدود الله ومن حدود الله أن لا نتشبّه بغير المسلمين في مناسباتهم.