بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 أيلول 2018 12:05ص مع إقتراب ذكرى الهجرة النبويّة الشريفة

القضاة يؤكِّدون على ضرورة الوعي والوحدة في وجه أعداء الأمَّة

حجم الخط
كانت الهجرة ولا تزال مناسبة يستعيدها المسلم في ذاكرته ليتذكر الظروف والمعاناة التي مر بها رسول الله # في بدء الرسالة النبوية وليتعلم من خلالها وفي ذكراها أهمية تحقيق الوحدة الإسلامية والإرتقاء بالأمة من مجموعات متعبة محاصرة إلى أمة تمتد لمشارق الأرض ومغاربها لتجسد من خلال تلك الذكرى حقيقة دور المسلمين في وحدتهم وقوتهم وعزّتهم وفي هذه الذكرى، ذكرى رأس السنة الهجرية التي شكّلت أساساً تاريخياً لهذه الأمة وتلاقيها على الشهادة لله ولرسوله وللمؤمنين . حول هذه المناسبة تحدّث إلينا مجموعة من قضاة المسلمين مؤكدين على أهمية الحفاظ على هذه الوحدة وتعزيزها وتقويتها وعلى ضرورة الإرتقاء فوق خلافاتها حتى لا تصبح تلك الأمة التي تتداعى عليها الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها وفيما يلي نورد آراءهم كما ذكروها.
مرحلة انتقالية
{ بداية قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي حقيقة أن للإحتفاء برأس السنة الهجرية لا بد من العودة إلى بدايتها كانت السنة الهجرية لما هاجر رسول الله # من مكة إلى المدينة المنورة كانت سبباً لجمع كلمة المسلمين وقوتهم ووحدتهم، وكانت إنتقالاً من حالة ضعف إلى حالة قوة ومن حالة تشرذم إلى حالة إتحاد وهذا يدعونا ويدعو المسلمين اليوم إلى نبذ كل الخلافات لأن الخطر الذي يدور حول العالم العربي والإسلامي على حد سواء خطر عظيم يكاد يدفعنا للقول وقد صدق في واقعنا قول النبي عليه الصلاة والسلام ستتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها فالعالم كله اليوم تآمر على المسلمين والعرب ولكن بأشكال مختلفة توزعت الأدوار والهدف واحد يتمنع أحدهم ويؤيد أحدهم ويهاجم بعضهم ويهادن الآخر هو تقسيم أدوار ليس اكثر لأنهم لا يزالون يطمعون في هذه الأمة وأن يمتصوا خيراتها وقدراتها واللعب على مشاعرها وأحاسيسها. من هنا نقول أن الأمة اليوم يجب أن تجتمع بمناسبة رأس السنة الهجرية على وحدة الكلمة ونبذ الخلاف وإزالة كل ما يسبب الفتنة والقتال بين الأخ وأخيه وبين بلد وآخر. ولنتكلم ولنتعلم أن هذه الأمة بحاجة أكثر ما تكون إلى وحدتها وقوتها وإعتصامها بكتاب ربها وسنة نبيها.
الهجرة كانت معلما تاريخيا عظيما لذلك أرّخ به أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه. بحسب ما هو مشاهد في الأفق الخلاف بين المسلمين يمتد طولا وعرضاً ويزداد يوم بعد يوم لأن أعداء هذه الأمة إستطاعوا أن يدخلوا في قضية الخلاف المذهبي والعرقي واللغوي وبالتالي اليوم نرى منازعات عرقية مذهبية، والعراق والشام ولبنان هي أكبر شاهد على ذلك. إستطاع الغرب بكل مكوناته أن يأخذ تحالفات كثير منا لمحاربة الإرهاب وهو في باطن الأمر وحقيقته إستعملنا حتى نحارب الإسلام وليس الإرهاب نحن قول واحد ضد الإرهاب وضد قتل أي نفس بريئة وما يفعله المجرمون في الأرض الذين تسمّوا بإسم الأنظمة والقيادات الفاسدة لا يقلّون إرهاباً عن الإرهابيين الذين نعرفهم لقد زرعوا في أوطانهم الفزع والخوف بدل أن يزرعوا الأمن والأمان والإستقرار والعدل والمساواة كل هذا نستطيع أن نقول أننا نحن لا بد أن نعرّف الإرهاب قبل كل شيء لا يصح أن نقاتل عدوّا مجهولاً ليس له تعريف ولا كيان بحجّة محاربة الإرهاب . 
رحلة بناء الأمة
{ وقال القاضي الشيخ خلدون عريمط عندما نحتفي بذكرى الهجرة النبوية الشريفة نجسّد إرتباطنا بالإسلام ووحدتنا مع المسلمين في سائر أرجاء الأرض فنعتزّ بنبيّنا # ونباهي به الأمم في مشارق الأرض ومغاربها لأننا في هذه المناسبة نستعيدها لنؤكد على وحدتنا وارتباطنا بتاريخنا كأمة مناضلة تعمل للحفاظ على حضارتها ولتأكيد إرتباطها وترابطها مع ذلك التاريخ بكل ما يمثّله في ذاكرتنا.
إن هجرة رسول الله محمد # كانت الأساس للإنتقال من الظلمات إلى النور ومن التشرذم إلى الوحدة ومن القبلية إلى الحضارة ومحمد # كان الهادي والجامع والموحّد الذي ارتقى بالأمة من حال إلى حال فعزز بهذه الهجرة صلاتها ووحّد صفوفها وهداها إلى الصراط المستقيم.
لم تكن هجرة النبي محمد # مجرّد انتقال لأفراد من حال إلى حال، بل بناء لأمة على مداميك ثابتة وارتقاء بها من التشرذم إلى الوحدة فعزز بذلك قوة المسلمين وأسس لأمة غدت مع الوقت تمتد من أقاصي الأرض إلى أقاصيها إننا حين نستعيد ذكرى الهجرة النبوية الشريفة نتطلع إلى حاضرنا اليوم حيث ستتداعى علينا الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها لا نستطيع إلا أن نؤكد على أن هذه الوحدة باقية ما بقيت الأرض مستمرة إلى ما شاء الله لأننا نؤكد من خلالها أننا خير أمة أخرجت للناس ونؤكد من خلالها على أن لا مجال لتفتيتنا وشرذمتنا وتقسيمنا لأن الله معنا ومن كان مع الله سدد الله خطاه وعزز دوره ورعاه وحماه.
إننا حين نرى ما يجري هذه الأيام من صراعات وانقسامات وخلافات على مستوى كل قطر من أقطار الدول الإسلامية وعلى مستوى الشعوب الإسلامية وما نلحظه من خلافات وصراعات وانقسامات لا نستطيع إلا أن نؤكد على أن وحدة المسلمين باقية إلى ما شاء الله وإن كل الإنقسامات والخلامات والصراعات لن تفتتنا ولن تشرذم صفوفنا لأن الله معنا، ونحن حينما نتطلع إلى ما يجري في سوريا والعراق ومصر وتونس والجزائر ولبنان وفلسطين ونتطلع إلى ما يطال المسلمين في بورما والصين وسائر دول العالم نتيجة إتحاد أعدائنا وتشرذم صفوفنا لا نستطيع إلا أن نؤكد على أهمية مناسبة كهذه المناسبة ودورها في تعزيز وحدتنا وتجميع صفوفنا والتأكيد على أن ما يشاؤه الله هو ما يتحقق وأن كل هذه الصراعات والخلافات التي تشرذمنا لن تستطيع النيل من هذه الأمة التي أمدّها الله بالقوّة والتي ستبقى أبيّة قوية عزيزة منيعة.
ليس غريباً ما نعانيه هذه الأيام كمسلمين من إنقسامات وخلافات وإختلافات فهي حالات تتكرر في كل الظروف التي يتمكن فيها العدو من النيل من وحدتنا وقوتنا وعزّتنا ومنعتنا ولكن كل هذه الظروف الآنية تبقى رهناً لقدرتنا على إستعادة وحدتنا.
وليس غريباً علينا هذه الأيام ما يشهده المسجد الأقصى من عدوان إسرائيلي يتهدده فإن وعد الله لنا بالنصر وبإستعادة قوتنا لندخل المسجد كما دخلناه أول مرة ولنكبّر ما علا تكبيره ووعد الله حق ونحن نعاهد الله على أننا أهل الحق وعلى أننا أهل لإستعادة بيت المقدس وللإنتصار على العدو الإسرائيلي.
إننا في ذكرى رأس السنة الهجرية نؤكد مرة أخرى على أن ثقتنا بالله قادرة على أن تحقق كل ما دعانا الله إلى تحقيقه.
الوحدة أساس
{ أما القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة فقال: لم تعد هناك إمكانية للتحدث عن وحدة المسلمين هذه الأيام، في العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص، لأن الخلاف بات سياسياً بغطاء ديني حتى على أدق التفاصيل بما فيها الشعائر والمناسبات الدينية من أعياد ومناسبات الصيام وشهر رمضان المبارك، الحج والوقوف بعرفة وآخرها الآن رأس السنة الهجرية.
 هذا الخلاف قد استشرى خلال السنوات الأخيرة وذلك يعود إلى أسباب منها يتحملها المجتمع الإسلامي نفسه بطرفيه ومنها ما يتحمله المسؤولون في هذا المجتمع الإسلامي ولا شك أن المعهود أن هناك مرجعاً أساسياً ورئيسياً في هذا العالم الإسلامي وهو ما كان يعمل به سابقاً وما يزال أي رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة وأزهر مصر وهناك تنسيق دائم بينهما وبالتالي الرابطة تجمع الجميع وما يتعارف عليه من هيئات ومنظمات إسلامية، وهي المراجع الرئيسية التي يجب على الجميع أن لا يتجاوز قراراتها مهما علا شأنه. الخلاف السياسي هو أمر ممكن ومشروع على الأمور السياسية الأساسية أما الخلاف السياسي بستار ديني فغير مسموح به لأن الدين حرّم علينا القتال في ما بيننا، وبالتالي هذا الأمرالذي سبّب الخلاف السياسي وحرّض عليه وأدّى بالمسلمين إلى التقاتل في ما بينهم ومن ارتكب هذا الجرم وكل ما يحصل هو في ذمته فإن الدول الإسلامية بشكل عام أصبحت الآن منقسمة إلى فريقين بشكل عام.
فلنتق الله جميعا ولنعد إلى أوامر الله وسنة رسوله ولنتمسك بوحدة الأمة حتى نكون على مستوى الخيرية التي أكرمنا الله تعالى بها.