بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 أيلول 2022 12:00ص مع اقتراب بدء العام الدراسي في لبنان: آن الأوان لتظهر كل مؤسسة وجمعية ما لديها إنقاذاً للمجتمع من معاناته

الشيخ يحيى أبو شعر الشيخ يحيى أبو شعر
حجم الخط
مع اقتراب بدء العام الدراسي تبدأ الهموم والأزمات تنكب على رؤوس الأهالي وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي ترمي بظلالها على جميع أفراد المجتمع، وفي هذا العام الأزمات متعددة ومتنوعة، وكلها تزيد من مأساة الناس بهذا الموضوع..
فانقطاع السلع الأساسية وغلائها، وتدنّي مستوي المعيشة عند غالبية أفراد الشعب، وغياب دور الدولة الشامل عن تحمّل مسؤولياتها، زاد من الأعباء على كاهل المواطنين حتى صاروا عاجزين عن تأمين التعليم لأبنائهم.
وفي ظل الدعوات المستمرة التي تحثّ على طلب العلم لبناء مجتمع صالح مثقّف واعٍ، وبأن العلم أساس، نجد العثرات والمصاعب تقف سدّاً منيعاً في وجه الأهل..
هذه المأساة  المستمرة والمتكررة كل عام ما هو حلّها؟ وأي دور للجمعيات والمؤسسات والأفراد في مساعدة الأهل؟
أبو شعر
بداية قال مسؤول المكتب الإعلامي في صندوق الزكاة في لبنان الشيخ يحيى أبو شعر: يهلُّ علينا العام الدراسي الجديد في وضع معيشي واجتماعي لم يشهد الشعب اللبناني مثله ولم يعايشه أو يمرّ فيه يوماً من الأيام، ومعه يعيش الأهل وأولياء الأمور في ضياع فبالكاد يستطيعون تأمين لقمة عيشهم في ظل الارتفاع الهائل في أسعار السلع لا سيما الغذائية منها لتشكّل الأقساط وثمن الكتب حملًا ثقيلًا على ظهورهم يئنّون من تبعاته، وأضف الى هذا الهم ارتفاع كلفة النقل للذهاب الى المدارس والذي يوازي الأقساط ان لم يكن أكبر، وهنا يبرز دور المؤسسات الأهلية والإنسانية التي كانت وما زالت وستبقى تمد يد العون والمؤازرة للأهل وأولياء الأمور، ولكن هذه المؤسسات تعاني مثلها مثل بقية الناس من حجز أموالها في البنوك وعدم استطاعتها على سحبها إلا وفق ما يحدده لها البنك وتحت سقف سحب محدد، مما سيجعلها تقف عاجزة عن المساعدة كما كانت وكعادتها دوما، وأظن أنها ستقلص من خدماتها وتقديماتها وستساعد على قدر الأموال النقدية التي بين يديها والتي هي نفذت أو تكاد، ويمكن مساعدة الطلبة ان كانت مؤسساتهم التربوية تقبل باستلام الشيكات البنكية، لكي تقوم المؤسسات بدورها المعتاد في الوقوف الى جانب الناس في النكبات والمحن فإن على الدولة إصدار قانون عاجل يتيح للمؤسسات سحب أموالها من البنوك كاملة وبذات نوع العملة التي أودعت فيها كي تستطيع أن تلعب دورها الإنساني والاجتماعي المعتاد.
وأضاف: لا شك أننا نمرّ بظروف استثنائية صعبة ومريرة أفقدتنا التوازن المعيشي والأمان النفسي والأمن الاجتماعي وباتت معظم الطبقات والشرائح تئنّ وتصرخ من هول الأوضاع المعيشية والاجتماعية والاقتصادية، وترزح تحت نير الظلم والقهر والحرمان وباتت على عتبة الفقر والحاجة والعوز أو دون ذلك، يقابل كل ذلك عجز الدولة عن القيام بواجباتها تجاههم وتقديم أبسط حقوقهم، بالله عليكم أخبروني أي شعب يستطيع أن يعيش دون ماء أو كهرباء أو دواء أو طبابة واستشفاء أو دون تأمين صحي أو ضمان اجتماعي مع حد أدنى للأجور لا يكفي ثمن خبز لأطفالهم، وبات الأجر الشهري للموظف في القطاعين العام والخاص لا يغطي بدل تنقلاته، وللأسف لم نلحظ حتى اللحظة أي اهتمام جدّي لحل الأزمات والمشكلات التي تواجهنا من قبل مسؤولي الدولة الذين يعيشون في أحلى حالاتهم ولم يعايشوا لحظة ما يعيشه معظم الأفراد والأسر... ورغم كل السوداوية التي نعيشها ونعيش بعبقها المظلم فإن لدينا حسن ظن بالله وحده أن يغيّر الأحوال وتمرّ هذه الأزمات بخير وسلامة وسيقيض الله تبارك وتعالى لنا من يزيل الغمّة عنا.
وأردف قائلا: أما عن دور المؤسسات في مواجهة الأزمات فأكرر أنها لن تتخلّى عن دورها الريادي وستبقى بإذن الله منارة خير يشعّ نورها على المجتمع وأهله، وها هو صندوق الزكاة في لبنان ورغم كل العقبات ما زال يقوم بدوره الإغاثي الإنمائي والإنساني والاجتماعي ويقدّم الخير للناس بصور وبرامج متعددة وما زال يؤمّن للعائلات المستفيدة من الصرف الشهري 1100 عائلة (أرامل وعجزة ومرضى وذوي الاحتياجات الخاصة) مخصصاتها الشهرية النقدية وما زال الأيتام المكفولون والبالغ عددهم زهاء 5000 يتيم يتقاضون كفالاتهم، كذلك هو مستمر في تقديم المساعدات المالية الجيدة للمرضى الذين يجرون عمليات جراحية في المستشفيات، وما زالت مراكزه الطبية تعمل بجدّ ونشاط ولم تتوقف يوما عن القيام بواجباتها تجاه المرضى في الاختصاصات كافة .
وأشار إلى أن الطلبة في المدارس والجامعات سيكون لهم النصيب الجيد من الدعم والمؤازرة عبر برنامج كفالة طالب الذي تنفذه اللجنة النسائية في الصندوق، والذي يهدف الى تقديم مبالغ مالية للطلبة في المدارس والمهنيات والجامعات، وعبر مشروع دعم الكتاب المدرسي بالتعاون مع جماعة عباد الرحمن والذي يهدف الى تقديم الكتاب المدرسي المستعمل مجانًا، أما الكتاب الجديد سيقدّم بنصف ثمنه والقرطاسية بأسعار رمزية وشبه مجانية.
مختتما بالقول: صندوق الزكاة التابع لدار الفتوى والذي يعمل بإشراف سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية ومجلس أمناء صادق ومخلص وكفؤ، سيواصل مسيرته لكل صلابة ومتانة مهما تفاقمت الأوضاع وتغيّرت الظروف، وهو على يقين أن للزكاة رب يحميها، وللخير رجاله وأهله.
شعراوي
أما الشيخ د. خليل شعراوي، إمام وخطيب مسجد مكحل قال بدوره: يقول الله تبارك وتعالى معلّماً نبيه صلى الله عليه وسلم  والأمَّة من بعده: {وقل ربي زدني علما}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : «كن عالماً أو متعلماً ولا تكن الثالثة فتهلك»، وها نحن على عتبات سنة دراسية جديدة، جديدة على كثير من الأهالي والقيّمين على المدارس والجامعات، فالأزمات الاقتصادية خانقة، والمتطلبات كثيرة وخاصة أقساط المدارس والجامعات.
فأصبح الوالد بين المطرقة والسندان، هل يحرم نفسه وأهله الطعام والشراب ليعلّم أولاده؟ أم يتركهم بلا علم يجولون الحياة؟! خيارٌ صعب على الوالد المعيل، والنبي صلى الله عليه وسلم  يقول: «والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه».
فهنا وفي هذه الأزمات يتضح من يعمل لنهضة أمَّة، وإغاثة ملهوف، وتفريج كربة، وتيسيرٍ على معسّر، ممن يعمل لتحقيق ذاته، وأنانية نفسه.
وأضاف: نحن في بلد رغم صغر حجمه الجغرافي إلا أنك إن أردت أن تحصي المؤسسات والجمعيات الخيرية لتجاوز عددها الألف، فيعني ذلك أنه لا أزمة ينبغي أن تكون في هكذا مجتمع، إذ أنه أكثر من ألف يد على امتداد الوطن ممدودة لإنقاذ المعسّرين.. فحان الأوان لتظهر كل مؤسسة وجمعية ما لديها لإنقاذ مجتمعنا في لبنان.. وإلا فكل هذه التسميات الانقاذية أسماء بلا معنى، وهم بلا حقيقة، أقنعة ما تلبث أن تسقطها حاجة المعسّرين والمحتاجين من أبناء جلدة هذا الوطن.
فهذه السنة هي سنة عجاف على كثير من المعيلين أصحاب العائلات، وإن لم نأخذ بأيديهم سيهلكون فنهلك معهم جميعنا فقد أصبح مثالنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً». 
فنحن مسلمون وديننا يحثّنا على إغاثة الملهوف وإعانة المحتاج فقد قال صلى الله عليه وسلم : «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسّر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة»، ونحن عرب والعرب عندهم الشهامة والكرم والجود وإغاثة الملهوف سجية في طباعهم، فلا بد من الاعتصام بحبل الله جميعاً حتى نخرج مما نحن فيه حتى ونسعد في مجتمعاتنا وأوطاننا، أعاننا الله تعالى فلا معين لنا سواه.