بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 تموز 2021 12:01ص مع اقتراب شهر ذي الحجة... طوبى لمن جمع فيها الصلاة والصيام والصدقة

حجم الخط
مع اقتراب دخول شهر ذي الحجة علينا نقول أنه قد لا يتمكن بعض الناس من أداء الحج لعدم استطاعته المادية أو البدنية ولذا فإن بوسعه أن يجتهد في العبادة في العشر الأوائل من ذي الحجة, فقد ورد في فضل العبادة والعمل الصالح في هذه الأيام أحاديث عدّة, منها: حديث ابنِ عباس أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «ما العمل في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة, قالوا: يا رسول الله ولا الجهادُ في سبيل الله؟, قال: ولا الجهادُ في سبيل الله, إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله في سبيل الله ثم لم يرجع من ذلك بشيء», وأخرجه البخارى بلفظ: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر», وحديث ابن عباس أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر, فأكثروا فيهن من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير».

السبب في امتياز عشر ذي الحجة بهذا الفضل لمكان اجتماع العبادات فيه, وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج, ولا يتأتّى ذلك في غيره من أيام السنة, وهذه الأحاديث وغيرها تدلُّ على أفضلية صيامها على غيرها من الأيام, وإن كان لا يصام يوم العاشر منها لأنه يوم عيد, ويكره صيام يوم التاسع منها للحاج, ليتقوى على العبادة في يوم عرفة, ولا يعترض على استحباب صيام الأيام التسعة الأولى بما أخرجه مسلم من حديث عائشة قالت: «ما رأيت رسول الله  صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط», وقال النووي: يرى العلماء أن هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر, والمراد بالعشر هنا الأيامُ الأولى من ذي الحجة, قالوا: وهذا مما يتأول, فليس في صوم هذه التسعة كراهة, بل هي مستحبةٌ استحبابا شديدا, لا سيما التاسع منها وهو يوم عرفة, كما تدلّ الأحاديث على فضل الصلاة والصدقة والذكر ونحوِ ذلك من الأعمال الصالحة في هذه الأيام, وأن فضل هذه الأعمال فيها يفوق الجهاد في سبيل الله تعالى, إلا أن يخرج المرء مجاهدا بنفسه وماله فلا يرجع بشيء من ذلك, وهذا يحتمل أنه رزق الشهادة فلم يرجع هو ولا ما خرج به من ماله وعتاده, كما يحتمل أن رجع دون شيء مما خرج به من ذلك, وأيا ما كان الاحتمال الراجحُ منهما, فإن الأحاديث دالة على عظيم فضل وجزاء العمل الصالح في هذه الأيام.

فالأيام العشرة الأولى من ذي الحجة يتفق فيها عامة المسلمين مع ضيوف الرحمن الذين يؤدّون فريضة الحج, ونلاحظ التوافق والتوازن بين عبادات الحجاج وعبادات غيرهم, إن الحجاج يقفون على عرفات وليس لهم أن يصوموا, ليتفرّغوا للذكر والتلبية والدعاء, بينما غيرهم من القادرين المقيمين في أوطانهم يصومون يوم عرفة, وهو في حقهم سنّة, ولصيامه فضل كبير، حيث قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده»، ويوم عرفة هو اليوم الذي يتجلّى فيه رب العزّة سبحانه وتعالى برحماته, ويباهي بأهل الأرض أهل السماء.

صيام عشر ذي الحجة

هذا ويستحب صيام عشر ذي الحجة، فعنه قد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صام التسع الأوائل من ذي الحجة ليعلّمنا أن أحب العبادة تشغل كل الوقت بذكر الله والصيام هى العبادة التي تستغرق الوقت الكثير، ومن نوى الصيام لله ففي كل لحظة من اللحظات يرتفع له عند الله أجر، حتى وإن كان نائما بالنهار.

وصيام عشر ذي الحجة فضله عظيم لأن خير عبادة في النهار الصيام، ويستحب أن يجعل له ورداً من القرآن أو أن ينوي ختم القرآن في هذه الأيام، وأعظم ما نستجلب به رحمة الله أن نعود لنصحح ما بيننا وبين الله، من خلال التوبة الصحيحة وتجديد العهد مع الله والمحافظة على الصلاة في جماعة والإكثار من الأذكار.

كما يستحب في هذه الأيام أن يجتمع الصلاة والصيام والحج والصدقة والبر وفيها ألوان من الطاعات والأعمال الصالحة.

رزقنا الله جميعا حسن العمل بما أمر، وتقبّل منا ومنكم، وأعاد الأمن والأمان إلى بلادنا وأهلنا وتكرّم علينا سبحانه براحة البال والسكينة إنه هو السميع المجيب. 



* رئيس دائرة المساجد  في المديرية العامة للأوقاف