في ظل انتشار فيروس كورونا وما يرافقه من تغيّر في أنماط الحياة بكل جوانبها ومع اقتراب دخول شهر رمضان المبارك تسعى الأسرة اللبنانية إلى اتخاذ بعض التدابير الإستثنائية سواء على الصعيد الديني أو الاقتصادي أو الاجتماعي...
فالمواطن اللبناني حاليا يعيش في أزمات متلاحقة على كل الأصعدة ومعها تشتدّ الحياة عليه وتضيق السبل، ولكن رغم ذلك ما زال الأمل موجود بأن يمنّ الله تعالى علينا بالتيسير والفرج..
ومن هنا كان السؤال.. في زمن الوباء والغلاء السائد من حولنا كيف تستعدّ الأسرة لاستقبال شهر رمضان على كافة المستويات الدينية والاجتماعية والاقتصادية؟
القوزي
وفي هذا الإطار، يقول الشيخ د. مازن القوزي، مسؤول دائرة المساجد في المديرية العامة للأوقاف: انه حتى يتسنّى لنا الاستفادة من شهر رمضان المبارك يجب على الأسرة المسلمة أن تستعدّ لاستقبال شهر رمضان المبارك على مستويات عدّة منها ما هو إيماني ومنها الاجتماعي ومنها الاقتصادي، وخصوصاً في هذه الأزمة التي نمرُّ بها. ففي الجانب الإيماني، فيجب عليهم الإكثار من الصيام في شهر شعبان والتعاهد مع القرآن وشحذ الهمّة واستحضار النيّة للخروج بأقصى زاد ممكن من الشهر الفضيل. وأما الجانب الاجتماعي، فبتهنئة الأقارب والجيران وإظهار البهجة بقُرب دخول شهر رمضان المبارك حتى لو عبر وسائل التواصل الإجتماعي بسبب الوباء المنتشر في البلاد والذي يحظّر على الناس التلاقي.
وأضاف: كما يجب على الفرد المسلم أن يقلل من الطعام والشراب لتتهيّأ النفس لتلقّي الفيوضات والبركات، إذ كثرة الطعام والشراب تثقل وتقسي وتظلم النفس وتقسي القلب، منبّها أنه نظراً للأزمات التي تحيط بنا فإن الأمر يتطلب منا العمل بفقه الأولويات في كل مجال، فلا بدّ للأسرة أن لا تقع فريسة الاستهلاك المسرف التي يقدّمها بعض التجار للناس فيشترون ما لا يحتاجون، إذ الواجب عليهم في هذه الظروف أن يكون ضابطهم في هذا الأمر هو مدى حاجتهم.. لا ما يعرض عليهم من تخفيضات وعروض، وليسأل كل منّا نفسه هل أنا بحاجة إلى هذه البضاعة أم لا؟! فإن كان يحتاجها اشتراها وقدر حاجته وإلا فلا، وهنا أقصد من يستطيع، وكان الله في عون من لا يستطيع تأمين الحاجات الأساسية لأسرته. كما لفت إلى ان الأسرة المسلمة يحسن أن تبادر قبل دخول الشهر الفضيل بالاستعداد له حتى يتسنّى لها الإستفادة منه على أكمل وجه.
وقال: والاستعداد هنا يكون من ناحيتين: الاستعداد المادي، والاستعداد الإيماني. فالاستعداد المادي هو توفير ما قد نحتاجه من مستلزمات خلال الشهر الكريم بدون إسراف ولا تقتير كما ذكرت سابقاً، أما الاستعداد الإيماني فيكون بالتدرّب على العبادات والمواظبة عليها بحيث تلين القلوب وتتحقق الإستفادة الكاملة بإذن الله خلال شهر رمضان الكريم، ومن أهم ما يجب أن تعتني به الأسرة وهي بصدد الاستعداد الإيماني هو قراءة القرآن الكريم، فيكون لها ورد يومياً من القراءة والاقبال على كتاب الله عزّ وجلّ بحيث تنتهي منه ولو مرّة واحدة قبل دخول الشهر الفضيل.
وتابع قائلاً: كما يجدر على الأسرة وهي بين يدي شهر شعبان أن تغتنم الفرصة وتكثر من الصيام التزاماً بهدي النبي محمّد صلى الله عليه وسلم والذي كما أخبرت عائشة رضي الله عنها كان يصوم أكثر شعبان وهو يقول: هو شهر بين رجب ورمضان يغفل عنه كثير من النّاس. ومن بين الاستعداد الإيماني كذلك إحياء شعيرة قيام الليل ولو بركعتين فقط يومياً تركعهما الأسرة في جماعة قبل النوم فتكتب عند الله من القائمين، ويسهل عليها بعد ذلك القيام في رمضان.
واختتم قائلاً: فليكن استعدادنا لاستقبال هذا الشهر الكريم بالدعوات والتضرّع إلى الله سبحانه وتعالى أن يبعد عنا البلاء والوباء، وأن تعود مآذن المساجد ترتفع بالأذان وتمتلئ بجموع المصلين، وأن يكون شهر رمضان الكريم شهر خير وبركة على جميع المسلمين.
شومان
أما المتخصصة في علم الإجتماع والتربية ربى شومان فقالت ان الأسرة هي المحضن الأول لنشأة الصغار وسعادتهم، ومما ينبغي على الأسرة أن تقوم به استعداداً لدخول الأيام المباركة هو تحضير النفسي للأولاد بقرب دخول شهر رمضان بأن تتطلع الهلال وأن يهنّئ الأب الأم والأبناء والأقارب، وأن تظهر الأسرة سعادة لدخول أيام الخير ليغرس في نفس الصغار حب هذا الشهر والتطلّع إليه، وكذلك لا بدّ للأبوين من إرشاد الأولاد وتذكير الشريك الآخر بفضائل الشهر الكريم، ومن أهم ما ينبغي على الأسرة فعله:
- الاهتمام بالتربية الإيمانية للأبناء، كحثّ الأولاد على الحرص على المحافظة على الصلاة من قبل دخول الشهر ومراجعة فقه الصيام، وحثّهم على قراءة القرآن للوصول إلى ختمه في شهر رمضان.
- تنمية روح الإلفة والتعاون بين أفراد الأسرة كالمشاركة في الأعمال المنزلية.
- الإفادة في نشر الخير ودعوة المسلمين لأعمال البر وخصوصاً في هذه الأوقات العصيبة من خلال مشاركتهم في مساعدة الآخرين.
- حثّ أفراد الأسرة على التخفيف من مشاهدة التلفاز وخاصة القنوات العادية والإقبال على القرآن العظيم تلاوة وتدبّراً وسماعاً وحفظاً وعلى عمل الخير ومساعدة الناس.
- ولا مانع من الشرح للأطفال بأن شهر رمضان هو شهر الخير والبركة، وان مساعدة الآخرين ضرورية والتفكير بهم هو من أسس الدين، ومشاركتهم في تأمين حصص غذائية للفقراء حسب إمكانياتهم.