تعتبر العلاقة بين البيت والمدرسة من الأمور المهمة في العملية التعليمية والتربوية، لما لها من أثر إيجابي في تذليل وحلّ الصعوبات التي قد يتعرّض لها بعض الطلاب في النواحي التعليمية والتربوية بالإضافة إلى حل الكثير من المشكلات السلوكية.
فالعلاقة بين البيت والمدرسة هي علاقة طويلة ووطيدة لأن البيت والمدرسة شريكان رئيسيان في تربية الأبناء وتعليمهم. وأي تقاعس في هذا الدور يؤدّي إلى فشل العملية التربوية عند الكثير من الطلاب، فكيف إن كان في زمن الأزمات التي تحيط بنا من كل جانب؟!
مع بداية العام الدراسي وبعد غياب دام سنتين عن مقاعد الدراسة نسأل ما هو دور التكامل بين الأهل والمعلم لتحقيق نجاح دراسي للطلاب؟
آراء الأهل
{ منيرة ضناوي قالت: معظم المعلمين يؤدّون الدور المنوط بهم بصفة كاملة، ولكن لا ننسى أنهم بشر مثلنا، وأنهم يعانون مثلنا، صحيح ان دورهم ليس فقط في شرح الدرس أو التسميع للتلميذ... ولكن نأمل أن تكون علاقة الطالب بالمعلم علاقة تفاعلية تربّي الطالب وتنمّي قدراته.
{ أما عفيف الديك فيرى انه يجب أن تكون علاقة المعلم مع تلميذه علاقة أخويّة وقريبة جداً حيث يتشارك بالحوار والمناقشة مع طلابه, وما المانع أن تُبنى علاقات إيجابية معهم ومع ذويهم ما يُساعد على توضيح التغييرات النفسية والسلوكية التي تحدث لهم ولأبنائهم في سن المراهقة، ومن تجربتي مع مدرّسي أولادي أجد ان قُرب المعلم من تلاميذه يساعدهم على حب الدراسة والنجاح في مادته.
بيطار
من جهته قال الشيخ علي بيطار، إمام وخطيب مسجد الخضر، عن دور الأهل: الإسلام الذي واكب حياة الأشخاص والمجتمعات، أعطى كل ذي حق حقه. وأشار الى تربية الأبناء والبنات في مراحل ومواطن كثيرة، ان كان في القرآن الكريم أو بقول الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم أو قول الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم وعنّا أجمعين.
فأبناؤنا وبناتنا، فلذات أكبادنا، لأجلهم نعمل ونضحّي، ولحياتهم نجتهد ونقضي، ولإسعادهم نسهر ونمرض.
أولادنا بالنسبة لنا نحن البشر هم الدنيا وزينتها, قال الله سبحانه وتعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، لكن أمام هذه التضحيات التي يقدمها الأهل ينبغي أن تكون هناك ثمرة وهذه الثمرة إما أن تكون ثمرة خير أو ثمرة شر، كل حسب التربية التي يسعى إليها.
وقال: صحيح اننا نرسل أبناءنا للمدرسة وربما نضعهم بأفضل المدارس وأغلاها وأحلاها وربما لنتراءى أمام الناس أني وضعت أبنائي بهذه المدرسة أو تلك.. وهذا الخطأ بعينه..
وأضاف: ولدك أخي القارئ مسؤوليتك أمام الله وأمام رسوله صلى الله عليه وسلم والناس أجمعين، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، إذاً فالمسؤولية كما تقع على المدرسة هي بالأساس على الأهل فلا ينبغي أن نحمّل المدرسة ما لا تطيق وكذلك المدرّس.
وهنا أضرب مثلاً: ان المدرّس في الصف عنده ما يزيد عن 20 طالباً خلال فترة وجيزة عليه أن يتمم الشرح ويضبط الصف ويصحح الوظيفة أو يسمّع الدرس فهنا يستحيل معنى التربية بحقيقتها، بينما الأهل عندهم ولد أو اثنين يجلسون معهم الوقت الأطول يدرّسونهم وربما يأتون لهم بالمدرّسين الخصوصيين لينجحوا وهو أمر حسن وبقية الوقت عليهم بالتربية، بل هناك من الأهل مَن يشكو ولده ويحمّل المسؤولية على المدرسة. أيها الأهل الكرام المسؤولية على عاتقنا لا ينبغي أن نحمّل خطأنا للمدرسة.
وتابع: المدرسة للعلم وشيء من التربية والمنزل هو تكملة العلم وأساس التربية نكمل بعضنا البعض ولا ينبغي أن نعطي ولدنا أكثر مما يرغب ونطمعه على مدرّسه ان كان المدرّس أخطأ نعالج الموضوع بعيداً عن الطالب حتى لا يتطاول على مدرّسه وتضيع الهيبة التي من شأنها كان المدرّس، خاصة أنه يحمل رسالة العلم.
واختتم بالقول: لذا ينبغي أن نقدّر المعلم ونحترمه ونربّي أبناءنا وبناتنا على احترامه، وإلا الخسارة ان سمحنا لولدنا التطاول على معلمه وشجّعناه على ذلك فإن الوقت سيدور ويحين الوقت الذي سيسمح فيه ولدنا لنفسه بالتطاول علينا.
اقرأوا الشرع الحنيف وكيف ربّى النبي صلى الله عليه وسلم أبناءه وصحابته ولنتعلم من هذا الإنسان العظيم الذي فاق كل الحدود بالتربية والمعاملة والأخلاق والشجاعة والإنصاف وإحقاق الحق وإبطال الباطل...
رأي تربوي
وفي هذا الإطار تقول الاختصاصية التربوية حبيبة صالح ان التكامل بين الأسرة والمدرسة أمر ضروري نحن في أمسّ الحاجة إليه، فالعلاقة بين المعلم والأهل علاقة تكاملية تبادلية، فالبيت هو اللبنة الأساسية للمدرسة والمدرسة هي التي تتناول هؤلاء التلاميذ بالتربية والتعليم بالشكل الذي يتناسب مع قدراتهم ومهاراتهم وبالشكل الذي يتطلبه المجتمع والأهل أيضاً، فالتعاون بين الأسرة والمدرسة أمر ضروري لتحقيق التكامل التربوي والتعليمي والتوجيهي وتنسيقه وتوجيهه بحيث تحقق الغايات المرجوة في العملية التربوية على أكمل وجه.
وأشارت إلى ان تربية الأبناء تتأثّر تأثّراً مباشراً بموقف كل من البيت والمدرسة وان نجاح تربية الطفل في المدرسة يتوقف على التعاون الوثيق في العمل بين مكونات المجتمع المدرسي أي المعلم والأسرة لمنع التعارض الذي قد يحدث بين التربية والمدرسة والتربية الأسرية حيث يؤدي هذا التعارض إلى زعزعة تفسير الطفل وبدون هذا الاتصال والتكامل بين الطرفين يصعب تحقيق نتائج تربوية هامة لأن هذا الاتصال يُساعد على حل مشكلات الطالب..
فنقطة الشراكة بين الأسرة والمدرسة يجب أن تعتمد على الإدراك الحقيقي ان الوالدين والمعلم قادران على المشاركة التكاملية من أجل تحقيق تعليم أفضل.
ولفتت إلى أن دور المعلم لا يقتصر على علاقته بالطالب بل يمتد إلى بناء علاقة إيجابية مع ذويه للمساعدة على توضيح التغييرات النفسية والسلوكية التي تحدث للأبناء في فترة المراهقة خاصة في ظل الأزمات التي نعيشها والتي أثّرت كثيرا في نفسية الطلاب، سواء أزمة كورونا أو الأزمة الاقتصادية أو غيرها.
واختتمت قائلة: ان الأسرة والمعلم هما الشريكان الأساسيان في العملية التعليمية ولا تقييم مسيرة الطالب التعليمية إلا في وجودهما. وكل عام وكل المعلمين والمعلمات بألف خير.