بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 أيار 2019 12:05ص مع دخول شهر رمضان المبارك: الدعاة يؤكِّدون على استقباله بالإخلاص وبالتطبيق الأخلاقي لمعاني الصوم

حجم الخط
رَوَى الإِمامُ أحمدُ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمسَ خِصَال في رمضانَ لم تُعْطهُنَّ أمَّةٌ من الأمَم قَبْلَها؛ خُلُوف فِم الصائِم أطيبُ عند الله من ريح المسْك، وتستغفرُ لهم الملائكةُ حَتى يُفطروا، ويُزَيِّنُ الله كلَّ يوم جَنتهُ ويقول: يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُواْ عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتُصفَّد فيه مَرَدةُ الشياطين فلا يخلُصون إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غيرهِ، ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة، قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ القَدْرِ؟ قال: لاَ ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه». وفي الصحيحينِ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رمضان إيماناً واحْتساباً غُفِرَ لَهُ ما تقدَّم مِن ذنبه» يعني: إيماناً باللهِ ورضاً بفرضيَّةِ الصَّومِ عليهِ واحتساباً لثَوابه وأجرهِ، لم يكنْ كارِهاً لفرضهِ ولا شاكّاً فيَ ثوابه وأجرهِ، فإن الله يغْفِرُ له ما تقدّم من ذنْبِه.

وها قد دخل علينا شهر رمضان المبارك... فكيف نستقبله؟!

اللقيس

{ بداية، قال الشيخ غسان اللقيس إمام مدينة جبيل: في استقبال رمضان يصفّي المسلم قلبه من علائق الدنيا ويقبل على عبادة الله تعالى بحب وإخبات حتى يشرح الله صدره للإسلام والإيمان, قال تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (سورة الزمر 22).

ومن تصفية القلب الصدق مع النفس ومع الناس وحب الخير للجميع, والبُعد عن أمراض القلوب من غلّ وحقد وحسد وكبر وغيبة ونميمة وغش وغيرها, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ. قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ. فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْب؟ قَالَ: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ. لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَد.

وتابع: وهذا لا يمكن أن يحصل إلا إذا حرصنا على مجاهدة النفس في العبادة ومجاهدة الشيطان والهوى والشهوات والشبهات، ويقبل بجدّ واجتهاد وإخلاص وإتقان على الصوم والصلاة وقيام الليل والصدقة، فالعزّة والشرف في تلك المجاهدة، فعن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني جبريل، فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت، فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزّه استغناؤه عن الناس».. فلنحسن الاستقبال والعمل حتى ننال بركة وفضائل هذا الشهر المبارك.

خطاب

{ الشيخ علي خطاب إمام مسجد عبد الرحمن بن عوف قال: علينا أن نستقبل شهر رمضان المبارك أولا بالتوبة الى الله الرؤوف الرحيم التواب، ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «للّه أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة, فانفلتت منه, وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدّة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك – أخطأ من شدة الفرح.

ثم علينا استشعار الفضل العظيم والأجر الكبير المترتب على الصيام لان تجديد النيّة أمر مهم، فبعض الناس تعوّد على الصيام ولم يستشعر الأجر والثواب المترتب على الصيام، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه. والمراد بالإيمان: الاعتقاد بفرضية صومه. وبالاحتساب: طلب الثواب من الله تعالى. فعلى كل مسلم أن يصوم تصديقاً بثواب الله أو أنه حق، واحتساباً لأمر الله به، طالباً الأجر أو إرادة وجه الله، لا لنحو رياء، فقد يفعل المكلف الشيء معتقداً أنه صادق لكنه لا يفعله مخلصاً بل لنحو خوف أو رياء.

وأيضا علينا أن نستقبله باستشعار الفضل العظيم والأجر الكبير المترتب على القيام في هذا الشهر، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه)، وهذه نصيحة بالمحافظة على القيام، كما علينا الابتعاد عن تضييع أيامه بالنوم ولياليه بالسهر، فمن كان هذا ديدنه فلم يستفد من شهره شيئا بل لربما كان وبالا عليه.

بخاري

{ أما الشيخ هشام بخاري إمام مسجد البسطا التحتا فقال: أول ما علينا فعله في شهر رمضان المبارك هو الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وتدبّر معانيه وتمعّنه، فعن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، فعن أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه» رَوَاهُ مُسلِمٌ. فلقد عرض جبريل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة وفي السنة الأخيرة قبل موته عليه السلام مرتين، فلذا كان السلف يختمون القرآن كل ثلاث ليال وفي العشر الأخيرة كل ليلة، يا لها من همم عظيمة عرفت الدنيا والآخرة ففضّلت الآخرة على الأولى، قال تعالى {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى}.

ثم علينا أيضا حفظ اللسان وبقية الجوارح عن الحرام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. وان هذه الأشياء صيام الصائم في الصحيح من أقوال أهل العلم لكنها وبدون شك تنقص من أجر الصائم، فينبغي الابتعاد عنها وتوقّيها.

ولا ننسى كذلك حسن الخلق مع الناس كلهم، فعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه. وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ان من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)...