بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 نيسان 2018 12:05ص من تاريخ القضاء الشرعي في بيروت (12) حشد الكرام لتكريم الأعمال الكريمة

حجم الخط
بعدما كان الكرام يحتشدون للاحتفال بالعمل الكريم ، غدونا نشهد حشوداً تكريماً  لأعمال من نوع آخر ، وتنوعت احتفالاتنا من افتتاح سوبر ماركت ووضع حجر أساس لبرج تجاري وتدشين فندق ومطعم وكباريه الى المباشرة بإنشاء سجن وتنظيم معرض للمأكولات ومهرجانات غنائية حول نصب الساعة وإلغاء ملعب للرياضة وصولاً الى المباهاة بأضخم صحن حمص وأكبر منقوشة وأضخم قرص فلافل وما يواكب ذلك من أخذ صور تذكارية وصور سيلفية.
روى محمد بن جرير الطبري قال : حدثنا وكيع عن هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تنشد بيت لبيد بن ربيعة :
            ذهب الذين يُعاش في أكنافهم
                                       وبقيتُ في خلفٍ كجلد الأحدبِ 
ثم تقول: رحم الله لبيداً لو أدرك الزمن الذي نحن فيه. قال عروة: رحم الله عائشة فكيف بها لو أدركت الزمن الذي نحن فيه. قال هشام بن عروة رحم أبي، فكيف لو أدرك الزمن الذي نحن فيه. قال الطبري: رحم الله هشاماً، فكيف لو أدرك الزمن الذي نحن فيه .ونحن نقول ذهب زمن المودة والتراحم ، وعهد التزاحم على فعل الخير والتمسك بالأخلاق الحميدة والتربية الصادقة ولكننا نقول أيضاً:
 نعيب زماننا والعيب فينا            وما لزماننا  عيب سوانا 

 والعمل الكريم يترك أثره في المجتمع وتكريمه يدفع غيره للإٌقتداء به وتقليده.
فتفيدنا سجلات محكمة بيروت الشرعية ان العمل الكريم لم يكن يكرم باللفظ الكريم فحسب، ولكن يتم تكريمه من قبل كرام القوم  وذلك بحرصهم على التوجه إلى مجلس الشرع الشريف للاشتراك بسماع إقرار فاعل الخير بعمله والشهادة عليه سواء كان الواقف مسلماً أو مسيحياً.
شهود وقفيات الشيخين علي ودرويش القصار 
ففي 22 شعبان 1091 هـ أنشأ الشيخ علي محمد القصار زاوية – مدرسة – معقودة بقبة لعبادة الله تعالى ووقف داراً ودكاكين ليصرف من ريعها على الإمام والمؤذن والسقاء وقراءة  ما تيسر وخدمة المسجد وعمارته وفرشه وقناديله وزيته.وحضر مجلس الشرع جمع غفير كان على رأسهم فخر المدرسين زين الدين مفتي بيروت وابنه الشيخ علي (الحافظ) والشيخ حسن (الحافظ) والشيخ إبراهيــــم (الإمام) وفخر النقباء السيد علي نقيب الأشراف وفخر الأعيان الحاج مصطفى القصار والحاج زين الدين القصار والحاج حسن الغندور وأحمد الغندور والشيخ حسين خطيب الجامع والشيخ علي المجذوب وشهاب الدين الغندور والخواجا عمر عيتاني وناصر الدين العيتاني.
وفي غرة جمادى الأولى سنة 1096هـ أضاف الشيخ علي القصار الى وقفه المذكور وقف مخزناً له في الأسكله (الميناء) وقبواً في محلة شويربات سفلي بيت الحاج يوسف ابن الحاج محمد بن حندس - يبدو أن الشهرة حندس أصبحت مع الزمن حنتس وهي العائلة المعروفة،  لاستسهال البيارتة لفظ الدال تاء. وقد حضر مجلس هذه الوقفية جمع غفير على رأسهم: الخواجة أحمد بن سعادة - الخواجا لفظ فارسي معناه: السيد، التاجر، وهو من ألقاب أكابر التجار الأعاجم من الفرس ونحوهم، وغدا يطلق على التجار في بلاد الشام أيضاً. ومن شهود الوقف محمود بك ومحمد ابن أبي النصر بن جعنا وحسن ابن الكردوش وأحمد الغندور ويوسف العراوي وفخر السادات محمد المغربي وفخر أقرانه الحاج مصطفى جعنا وفخر المدرسين الشيخ زين الدين مفتي بيروت والخواجا محمد جلبي شاهبندر وولده الشيخ علي. وفخر أقرانه الحاج علي العيتاني.
وفي غرة شوال سنة 1104هـ أضاف الشيخ علي القصار إلى وقفه السابق حديقة بجانب سور المدينة لصيق حمام الأوزاعي وفيها قبو معقود بالمؤن والأحجار وذلك بحضور محمد بن جعنا وشهاب الدين الغندور والحاج عبد الله آغا والشيخ محمد الرشيدي والشيخ عمر فتح الله (خطيب الجامع) والحاج حسين قرنفل والحاج حسن العلماوي.
وفي 29 شوال سنة 1233هـ حضر درويش علي القصار ووقف دكاناً يملكه اسفل الدار التي كانت معروفة «بالعالم العامل المرحوم محمد أفندي فتح الله المفتي» وذلك «على مقام وضريح سيدنا القطب الرباني والهيكل الصمداني العلوي سيدنا السيد احمد البدوي قدس الله تعالى أسراره وروحه ورضي عنه ونفعنا به ونور ضريحه الشهير شريف ذلك المقام والضريح في محروسة طنده (طنطا) البلدة المشهورة في البلاد المصرية» وكان من حضور المجلس الشرعي وشهود الوثيقة : السيد محمد بن مصطفى النقيب ومحمد وخليل إبنا عبد القادر موسى ومحمد ويحيي ويوسف أبناء الحاج مصطفى شهاب والحاج يحيي جعنا بن محمد سعادة ومحمد عمر سوبرة وعبد القادر بن مصطفى شبقلو وقاسم بن حموده عز الدين ومصطفى إبن الحاج أحمد كنيعه ومحمد بن يوسف حمود وإبراهيم إبن الحاج محمد الحشاش ومحمد صالح بن عبد القادر الغول وحسين النحيلي. ومؤشر عليها من  السيد عبد اللطيـف (فتح الله) مفتي بيروت. 
شهود وقف محمد اللبان الداعوق 
وفي 29 رمضان سنة 1259هـ حضر محمد ابن محمد اللبان الداعوق ووقف العودة المعروفة به والمشهورة قبله بعودة ديبو (الحمراء) بمزرعة رأس بيروت ملاصقة لبرج الحمراء وتتالف العودة من أرض وأشجار توت وبري وفواكه وعمار برج يحتوي على ثلاثة بيوت وعليتين وإيوان ومضيف، وقفاً على نسله ومن بعده على زوجته طاهرة بنت الشيخ محمد الصيداني ما عدا البيت سفلي العلية فهو موقوف على إبن أخيه علي حسن اللبان. ومن بعد زوجته طاهرة فعلى عتيقه عبد الله وأولاد هذا الأخير وأنسالهم. ومآل الوقف على قفة الخبز الموقوفة على الفقراء والمساكين في بيروت. وقد حضر المجلس الشرعي وشهد على الوقف عمدة العلماء الكرام العلامة الفاضل السيد محمد افندي حلوان يزاده المفتي بمدينة بيروت حالاً. وفخر الفضلاء السيد محمد الحوت وفخرالفضلاء السيد عبد الله خالد وسعد الدين بن عبد الرزاق مشقية وأحمد ناصر زنتوت وصالح قرنفل ومصطفى قرنفل واحمد عبد الرحمن الصيداني وسعد الدين يحيي شهاب وعبد الله سعادة وحسن محمد علوان وأحمد عبد الله فخري ومحمد فخري. 
وقف خديجة حسين بيهم 
في 15 شعبان سنة 1293هـ  واثناء نيابة محمد راغب بك وقف عبد العفو ابن عبد القادر ابن الشيخ فتح الله قرنفل بوكالته عن خديجة بنت حسين بيهم ابن ناصر العيتاني ما هو لموكلته وذلك الموقوف هو الدكانين الكائنين في سوق الحياكين قرب باب الدركاه، ونصف الدكانان الكائنان في سوق الفشخة، وقف  نصف الدكانين على مقام الإمام الأوزاعي الكائن خارج بيروت لإقامة الصلاة وذكر الله تعالى. والنصف الثاني على مسجد زقاق البلاط العامر بإقامة الصلوات الخمس وذكر الله تعالى، ونصف الدكان الثالث على وجه البر والصدقات بما يراه الناظر الحاج محيي الدين بيهم، ومن بعده للأرشد من ذرية والدها حسين بيهم الذكور دون الإناث... وحضر المجلس الشرعي وشهد على الوقف الحاج خليل محمد الناعماني وعبد القادر محمد الناعماني وأمين درويش الناعماني وعبد القادر عمر بكداش وأحمد علي شاهين وعبد الرحيم محمد قرنفل وأحمد محمد سعيد ياسين ونجيب عبد الله بيهم وعبد القادر مصطفى العيتاني.   
وقف جرجس التويني 
وفي آخر شهر شوال سنة 1308 هـ عقد مجلس شرعي في محلة الرميل من يوسف عز الدين مع مصطفى رشيد ابراهيم الأحدب وعبد القادر عبد الرحمن النحاس فحضر جرجس يوسف طنوس التويني وصرح بمواجهة جرجي الياس زخور الفرازلي (الفرزلي) لسماع الموقف، ووقف أرضاً وداراً في محلة الرميل وربع بناية في ميناء البصل فيها ثمانية دكاكين على بنته زاهية وأولادها وأنسالهم وإلا أولاد الإناث التي هنّ من أبنـاء الذكور.وإلا على عائلة بني التويني. ومآل الوقف إلى فقراء طائفة الروم الأرثوذكس في بيروت وبعدهم فقراء المدينة من إسلام ومسيحيين. وجعل النظر له  ومن بعده لإبنه نخلة وإذا آل إلى فقراء الطائفة يكون النظر لمطرانها وإذا آل إلى عموم الفقراء يكون النظر لمن ينتخبه الحاكم الشرعي ومطران الطائفة.
ويلفت النظر أهمية الذين حضروا المجلس في دار الواقف وشهدوا على وقفه وهم: مفتي بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري والشيخ عبد الرحمن عبد القادر النحاس قائمقام نقيب الأشراف في بيروت والحاج محيي الدين عمر بيهم والحاج محيي الدين عبد الفتاح آغا حماده رئيس مجلس بلدية بيروت ومحمد عبد الله بيهم أحد أعضاء مجلس إدارة الولاية والحاج إبراهيم محمد بكري الطيارة واسكندر أسعد التويني ترجمان متصرفية لبنان واسكندر نقولا سرسق وجرجي موسى سرسق ونخله خليل سرسق ونجيب يوسف سرسق. 

* محامٍ ومؤرخ