بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 كانون الثاني 2022 12:01ص «مواقع التواصل» بين وسائل إعلام وأدوات فتنة

حجم الخط
بقدر الانعكاسات الإيجابية الكبيرة التي تركها ظهور مواقع التواصل الاجتماعي على الناس بشكل عام، وعمليات التوظيف السياسية والإنسانية والاجتماعية الإيجابية التي قام بها البعض من مؤسسات وأفراد لهذه الوسائل، إلا أنها بلا شك كانت ملاذ المتطفلين والمشبوهين لجعلها أدوات هدم وتفرقة وفتنة، ما جرّدها من الشأن الذي أُنشئت من أجله، وأصبحت لدى هؤلاء «المشبوهين» مجرد وسيلة جذب الانتباه، وزيادة أعداد المتابعين لها، فيتمّ توظيفها للتّضليل وبثّ الفرقة وزعزعة السلم الاجتماعي في مناطق متفرقة من العالم، كما أصبحت باباً خلفيّاً للجريمة أحياناً؛ لاستخدامها في الابتزاز واقتحام الخصوصية الشخصية، والأخطر من ذلك، أنها وبحسب دراسة أجراها موقع «فايسبوك» أصبحت مدخلاً ومسبّباً مباشراً للأمراض النفسية، ما دفع بعض البلدان للاستقصاء حول دور وأدوات الـ«سوشيال ميديا» في هدم وتخريب المجتمعات وتشويش معتقداتها، وردود الفعل من جانب مختلف السلطات بدول العالم؛ لمواجهة ذلك التخريب المتعمد والممنهج.

أمور مريبة

ما يلفت الانتباه بداية، هو انتشار عدد كبير من الرسائل النصية «المُريبة»، التي يتم تداولها بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها، وبالخصوص «فايسبوك» و«واتس آب» وهي ذات مدلول ديني وبعضها الآخر سياسي، يشير ظاهرها أنها دعوة للتمسّك بالدين الإسلامي ووصايا الرسول صلى الله عليه وسلم  وأدعيته المأثورة، وكذلك الحثّ على الانتماء للأوطان ومساندة القضايا المصيرية كقضية القدس وغيرها، بينما هي في حقيقتها كالسمّ في العسل؛ حيث تعمل على زعزعة الإيمان بالله، وتشويش المعتقد...

إحدى هذه الرسائل وصلتني يقولون فيها إنّه لو أرسلتَ كلمة «الرّحمن» لـ 29 شخصاً سوف تسمع أخباراً تُفرحك، وإن لم تبادر بإرسالها فسوف تسمع ما يُحزنك، فكان السؤال البديهي، الذي طرحتُه لنفسي، وماذا لو نشرناها ولم يأتِ أيّ خبر واحد سارّ؟!..

هل معنى ذلك أن أشكّ في فائدة ذكر الله وأسرار الدّعاء واللّجوء إلى الله في السرّاء والضرّاء، أم أنّه دعوة للتشاؤم والفأل السيئ طالما لم أهتمّ بنشر هذه «الخزعبلات»؟!..

إننا نقول وبكلّ صراحة بأنّ هناك هجمة منظّمة تقوم بها جهات معادية للإسلام والمسلمين؛ تهدف لنشر الإلحاد بين الشباب المسلم، وتعمل كمعول هدم وتساعد في تفكيك الأسر وتبعد الشباب خاصة عن انتماءاتهم ومعتقداتهم، وتشككهم في دينهم، وتجعلهم فريسة سهلة لانتشار أفكار الإلحاد، وهو أخطر ما في القضية وأن تلك الرسائل وغيرها من تدبير جهات منظّمة معادية لكل ما يمتّ للإسلام بصلة!!!

احتيال إلكتروني

أما فيما يتعلق بقضايا الاحتيال الإلكترونية فحدّث ولا حرج...

حيث تقول أحدث الاحصاءات أن عشرات القضايا الاحتيالية تتنوّع بين سبّ وقذف ونصب واحتيال وانتحال صفة الغير، والاحتيال ببطاقات ائتمانية، وبيع المكالمات الهاتفية وتذاكر الطيران، ونشر صور ومقاطع صوتية ومرئية للتشهير، والقرصنة والإخلال بالآداب العامة، إلى جانب الإزعاج والإساءة والسرقة، وحذف بيانات ونشر معلومات كاذبة، وإفشاء أسرار ومعلومات كاذبة، وغير ذلك من القضايا، التي تنتشر في ربوع الوطن العربي.

ولا يتوقف سيل الاتهامات الموجهة إلى مواقع التواصل الاجتماعي عند هذا الحد؛ بل يصل إلى اتهامات جديدة بأنها أصبحت سبباً ظاهريّا من الأسباب التي تؤدي إلى الأمراض النفسية لا سيما عند الأطفال والشباب، وتقلّل القدرة على التعايش مع الواقع، وتغيّر المزاج نحو الأسوأ.

ولا بد من طرح أسئلة في هذا السياق...

هل مصادر المعلومات التي تؤخذ من هذه المواقع هي معروفة ومأمونة؟!!

وهل تناقل الرسائل وتحويلها مباشرة إلى الأصدقاء والمجموعات دون تدقيق محتواها هو أمر طبيعي؟!

تعامل هستيري

إن الحالة الهستيرية التي وصلنا إليها في تعاملنا مع مواقع التواصل هي خير دليل على الشبهات الكبيرة التي تُحيط بهذه المواقع التي أنتجتها أمم معادية لفكرنا لأهداف مشبوهة بعيدة المدى، والأخطر أنها تضرب كيان الأسرة في الصميم.

د. علي إبراهيم أيوب