أيام ويدخل علينا شهر المولد النبوي الشريف شهر ربيع الأول، ومع دخوله تبدأ الدعوات تنهال على المرء من هنا أو من هناك من مختلف المناطق والمحافظات، ومع كل دعوة يأتي برنامج الاحتفال ليطلعك على عريف الحفل وعلى المتحدثين وعلى المنشدين، وهكذا كل عام حتى تحوّلت ذكرى المولد النبوي الشريف في بلادنا إلى مناسبة (كلامية - خطابية) لا تقدم للناس إلا الكلام .. ولا شيء غير الكلام..؟!
ومن هنا نسأل.. أما آن لنا جميعا ومن مختلف المستويات والفئات أن نجعل تلك الذكرى موسم انطلاقة جديّ نحو أعمال صالحة تنفع البلاد والعباد في وقت تنهال الأزمات فيه فوق رؤوسنا كما ينهمر المطر..؟!
أليس الأحرى والأجدى والأفضل والأنفع أن تقدم للناس جميعا ما يزيل هما.. أو يفرج غما... أو يساعد على تخطي مشكلة أساسية في حياة المجتمع..؟!
لماذا- وعلى سبيل المثال- لا نقوم في يوم ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاق مشروع تنموي حضاري تمتد آثاره وفعالياته إلى سنوات وسنوات ويستفيد منه المجتمع كله، بدلا من «إطلاق المفرقات النارية» التي للأسف أدمن الكثير من حولنا استنشاق روائح بارودها...؟!
ما المانع من وضع «أحجار الأساس» لمشاريع تجارية وسكنية وتعليمية تؤمن حسن التحصيل الفكري والعلمي والإيماني للشباب... بدلا من وضع «أحجار العقبات» أمام مستقبلهم الذي باتوا يرونه أسود..؟!
لا يعتقد أحد أننا نرفض إقامة الاحتفالات بذكرى المولد أو إلقاء الخطابات المؤثرة والأناشيد الطيبة، ولكن كل ما في الأمر أننا نصرّ - وسنبقى مصرين- على تزامن ما نقول مع ما نفعل، وعلى تلاقي الخطابات مع الإنجازات ... حتى لا يتعود الأبناء على أننا أمة قولية.. تقول وتقول وتقول ثم لا تفعل شيئا..؟!
فما رأيكم مثلا ... وبدلا من توزيع الحلوى ونشر الملصقات وتعليق اليافطات (وعذرا على اللفظ) المرائية في أكثرها..؟!، أن نجمع كل ما أنفق عليها في سبيل إنشاء مستشفى يعالج الناس بلا شروط مسبقة أو دفع للملايين..؟!
ما رأيكم.. دام عزكم.. لو وحدّنا جهود المحتفلين وأنشأنا بأموال الاحتفال «صندوقا مؤسساتيا» مخصصا لمساعدة الشباب على تيسير أمور الزواج..؟!
إننا مع دخول شهر المولد النبوي الشريف نناشد كل مسلم على أن يبدأ ومن الآن بتصويب العقلية التي ننطلق منها إلى الاحتفال بذكرى المولد، كما نطالب بتصحيح مفهوم الانتماء إلى من نحتفل بذكرى مولده..؟!
الأفكار كثيرة... والأعمال المطلوبة والمتاحة أكثر وأكثر.. ولكن كما قلنا المطلوب أولا هو تصويب العقلية حتى تكون على مستوى شرف الاحتفال بذكرى مولد خير البرية صلى الله عليه وسلم ...؟!