بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 تشرين الثاني 2019 12:02ص نعم لإعادة قراءة تصحيح مسار الفكر الديني

حجم الخط
لا شك أن ما يجري في بلادنا، يتطلّب منّا جميعا إعادة قراءة في الفكر الديني المنتشر بين الناس خاصة هؤلاء الذين أثبتت الأحداث الجارية انقلابهم الفكري والقيمي والفهمي على مقاصد الشريعة الغرّاء...

ففي بلادنا اليوم، جحافل كبيرة من البشر الذين ما زالوا يسيرون وفق نظرية (قال مولانا... وقوله هو الصواب).. وبالتالي هم يعطّلون عقولهم... ويسيؤون لأفهامهم.. ويسلّمون مقدّراتهم وحاضرهم ومستقبلهم طوعا لكل من أراد، بعد أن يكونوا قد خضعوا لعمليات «غسيل أدمغة» تجعل منهم أتباعا طائعين.. كل أدوارهم في هذه الدنيا تنفيذ ما يقوله «مولانا»..؟!

هؤلاء.. وألف آه من هؤلاء.. يرون الحق دوما معهم.. والصواب مستمر عندهم.. والهدى حتما عند شيخهم.. بل إنهم يرون أنفسهم «المسلمين»... وكل من يعارض أو يخالف أو يناقض ما يقوله «مولانا»، فهوة خائن وعميل ومندس وربما.. كافر...؟!

وهكذا.. وعلى مدى سنوات وسنوات... نشأ بيننا جيل من «الإمعات» الذي لا يعرف لإعمال العقل معنى، ولا للتفاعل الفردي مع القرآن أهمية، فاهتمامهم الأول والأخير هو العمل بما فهمه «مولانا» وتنفيذ ما قاله وإن لم يقتنعوا... فالسمع والطاعة.. أهم من الفهم والعلم..؟!

إننا - أيها السادة - نعاني من أزمة فكر كبيرة ترسّخت لعقود طويلة فأنتجت لنا أناسا لا يعرفون من دينهم إلا ما أوصله إليهم كبيرهم... ولا يعملون بعقولهم إلا ضمن المسموح لهم.. إن سمح لهم أصلا بالتفكير..؟!

وبالمناسبة، هؤلاء قد لا يكونوا أمّيين، بل منهم من حاصل على أعلى الشهادات... ولكنهم بمليون طبعا... متنطعون وجهلة...؟!

ولذا ونحن في أجواء مولد النبي  صلى الله عليه وسلم، نطالب أنفسنا جميعا بضرورة العمل الجدّي والفوري لإعادة قراءة هذا الدين العظيم الذي أنزله الله تعالى لتكريم الإنسان وتفعيل دوره في تنمية الحياة بمختلف المجالات..

نطالب بتحرير العقول من نظريات فاسدة بناها البعض كذبا وزورا.. ثم قال للناس التزموا بها، فإذا بها سجون فكرية «إبليسية».. تمنع كل فكر أو تعطّل كل تفاعل يصل بحقيقة هذا الدين إلى الناس..

فالإسلام دين عظيم... جاء ليحرّر الناس من كل ظلم أو فساد أو عبودية... وعار على كل إنسان أن يقيم السدود بين الناس وبين الإسلام.. ثم يقول هذا هو الدين..؟!

نعم... عار على كل إنسان أن يحتكر الحقيقة، وعار عليه أن يدّعي صوابية كل كلامه، وعار عليه أن يقيم جيشا من «الإمعات» من حوله ليجعلهم جنودا تهاجم كل من لا يوافقه..؟!

الإسلام - أيها السادة - تحرير للناس وتكريم لهم، فلِمَ تريدونه عبودية لشخوصكم واتباعا لآرائكم..؟!

فهل يستفيق التابع... ويمتنع المتبوع؟!.. أم يا ترى سيتمادون في طغيانهم حتى يتحقق فيهم قول الحق: {إِذ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}.

bahaasalam@yahoo.com