بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آذار 2021 11:13ص عسى أن تغسل «أربعة أيوب» الوباء والغلاء عن لبنان

حجم الخط
الاغتسال بمياه البحار سبع مرات، والسباحة فوق سبع أمواج، وزيارة سبع كنائس علمًا ..كلها طقوس اعتدنا عليها مسلمون ومسيحيون في لبنان لتطهير النفس والجسد على مثال أيوب الرجل البار الذي احتمل المصائب والالام من يد الرب الى أن أعتقه منها جميعها مكافأة على صبر طويل.

«أربعاء أيوب» أو «أربع أيوب» أو «أربعة أيوب»، طقس سنوي في لبنان ومصر وسوريا، يحتفل به اهالي العاصمة بيروت بالنزول إلى ماء البحر للاغتسال سبع مرات انطلاقاً من عادات شعبية متوارثة بأن نبي الله، أيوب الذي شفي بعد 40 عامًا من المعاناة والمرض بمعجزة وقعت على شواطئنا. وتترافق ذكرى أربع ايوب مع تقديم الاطايب والحلويات تعبيرا عن شفاء النفس والجسد .

وترافق التقاليد الشعبية بيوتنا في القرى اللبنانية ايضاً اذ ان النساء وربات المنازل يمتنعن عن غسل الواني او تكنيس المنزل يوم اربعاء ايوب بالاعتقاد ان ذلك يطرد عن المنزل كل انواع الزواحف او الحشرات وخلاف ذلك يجلب الى المنزل النمل والحشرات السامة طيلة السنة. وتحتفل الكنيسة برتبة القنديل  في "أربعاء أيوب".

اما عناصر الرتبة ورموزها فهي
-العجينة: المصنوعة من طحين الذرة ، أي عجينة جافة ، وترمز إلى جسد أيوب المريض.
- الزيت: تطوف العجينة على كمية من الزيت والزيت الذي تطوف عليه العجينة يرمز إلى بحر المراحم التي من الله .
-سبع شمعات: يوضع على العجين والزيت سبع شمعات مشتعلة ، والشموع السبع ترمز إلى عطايا الروح التي تساعد المريض المتألم على احتمال مرضه وانتظار عمل الله فيه .

وتترافق رُتْبَةُ "القِنْدِيلِ" وَتَبْرِيكُ زَيْتِ مع صلوات لشِفَاءِ المَرْضَى اعتباراً ان "وصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ، وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ!" (يع ٥، ١٥)

ومما جاء في المَراجَع الكِتَابِيى لهذه الرتبة وفق رسالة القديس يعقوب (5، 13-18)
13 أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ.
14 أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ،
15 وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ، وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ.
16 اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا. طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا.
17 كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ.
18 ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا، فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا.

ويُعَدِّد القديس يعقوب كاتب الرّسالة نصائح تُبقي المؤمن على علاقة قويّة وصادقة بالله حتّى في الأوقات الصَّعبة، كما في أوقات الرّخاء. فيُوصي بالصَّلاة في وقت الضِّيق، بالتَّرنيم وقت الفرح، وبالمسح بالزّيت على يد الكهنة في حال المرض. فَسَيُصَلّون على رأس المريض، ويدهنوه بالزَّيت، ويدعو يعقوب ذلك بِـ"صلاة الإيمان".

لذلك يأتي غُفران الخطايا المفعول الثّاني لصلاة الإيمان التي يتكلّم عنها يعقوب. ولكن، غُفران الخطايا هذا لا يأتي فقط بِعَطِيَّة من الله، بل بِفِعل يُظهِر أنَّ الإنسان قَبِلَ عَطِيَّة الغُفران: الاعتراف بالخطايا.

هذا الاعتراف بالخطايا يدفع الجميع لأن يُصَلُّوا بعضهم لبعض، ففي الصَّلاة قُوَّة شِفاء وغُفران عَظيمة تجعل عَطِيَّة الله تدوم في الجماعة. وهُنا، يُعطي يعقوب مثل إيليَّا... فإيزابل امرأة الملك أحاب اشترت كُلّ الأنبياء ولم يعودوا يُساندون بعضهم بالصَّلاة، وزاغوا عَن إعلان كلمة الحق، ما أوقع إيليَّا في ألمٍ كبير إذ بقي وَحدَه. وسار في الصَّحراء مُصَلِّيًا، ولم يَهتَزّ إيْمانه بالله، والله أعطاه المطر، والأرض أعطته الثّمر.

وبذلك تصبح رُّتبة تبريك الزّيت خاصّة بِشِفاءِ المرضى
ويقوم البطريرك الماروني في يوم اربعاء ايوب برتبة تكريس الزيت ويوزّعه على الكهنة، فيدهنوا به الذين هم بحاجة لمسحة المرضى.


أمَّا رتبة القنديل، فأبقت عليها الكنيسة، لينال المؤمنون الدّهن بزيت المرضى أقلّه مرّة في السّنة. في السَّابق، كانت الرّتبة مؤلّفة من سبع "قَومات" (القَومة تشتمل على: مزمور، حساية، مزمور قراءات، قراءة من العهد القديم، وأخرَى من الرّسائل، وأخرى من الإنجيل، وصلاة ختام) وفي نهاية كُلّ قَومة تُشعَل فتيلة من فتائل القنديل السّبعة. أمَّا اليَوم فاختُصِرَت القَومات لأنَّها كانت تأخذ وقتًا طويلاً، لتصبح قومة واحدة، تليها سبعة طلبات في نِهاية كُل منها تُشعَل فَتيلة من القنديل.

- إشعال الفتائل: كما أنّ الرّوح ينزل كالنّار الآكلة ويُحَوِّل ويُبَدِّل داخل الإنسان، كذلك يَتلو الكاهن طلبة، فيأتي أحد المُؤمنون ويُشعل فتيلة. وعندما تنتهي الطِّلبات وَتُشعَل الفتائل السَّبعة، يَستدعي الكاهن الرّوح القُدُس على الزّيت.
- وضع اليد والدّهن بالزّيت: بعدها يأخذ الكاهن من الزّيت الذي تحت القنديل، ويضع فيه إبهامه، ويتقدّم المُؤمِنون فيضع الكاهن يده على رأس كُلّ مؤمن ويدهن بإبهامه جبهته بالزّيت، ويقول للمؤمن أنَّ ذلك لِصِحَّةِ نَفسِهِ وَجَسَدِهِ.
- هذه الرُّتبة تنتهي بِكلمة رَحمة من الرِّبّ الإله على لسان الكاهن: "لِغُفرانِ ذُنوبِكَ وَتَركِ خَطاياك وَصِحَّةِ جَسَدِكَ وَنَفْسِكَ".

ولا يسعنا الا التأكيد من خلال هذه الطقوس والرتب الا انها دلالة على سرِّ محبة ورحمة الله للانسان وعلاقة المحبّة والرحمة مع القريب وهُو علامةٌ على عطيَّة الله العَظيمة لنا...
نطلب منك يا رب علينا أن تفيض غزير شفاءاتك علينا وعلى وطننا المجروح بالوباء والغلاء . ونرجوك بحق الاعتراف بهذه الشهادة الصادقة لعطاياك اللامتناهية ان تمنح الشفاء الإلهي لِكُلِّ طالبيهِ وان تمنح لبنان الخلاص على كافة الصعد الاجتماعية والسياسية
امين يا ارحم الراحمين