حتى الساعة لا تزال " طرابلس " تلملم جراحها جراء العمل الارهابي الذي ضربها عشية عيد الفطر السعيد، وتبحث عن موقعها على الخارطة اللبنانية، موقع يمكن أن يجذب الزوار لها أو السائح خاصة مع بداية فصل الصيف حيث تكثر المناسبات ويأتي السياح بكثرة لكن ليس الى "طرابلس" ولا أسواقها، والسبب في ذلك يعود الى صبغة أراد البعض فرضها على المدينة وأهلها، وصورة يسعى البعض الآخر الى تشويهها كلما سمحت لهم الفرصة، ولن تكون وسائل الاعلام وحدها المسؤولة عن هذا التشويه وانما حتى من لم يؤمن بأن طرابلس مدينة "الحياة" ترحب بالضيف وتفتح أبوابها لكل زائر، واذا تمكن الارهاب من ضربها مرات عدة، فليس لكونها " البيئة الحاضنة" وانما لأن الارهاب لا دين ولا هوية له يضرب أينما كان وفي أي منطقة، وعليه فان طرابلس التي تألمت ونزفت ليلة عيد الفطر هي نفسها التي تستقبل مهرجانات الصيف قبل أي منطقة أخرى لتثبت للجميع أن المدينة التي خرجت من رحم الجولات القتالية وأعادت لنفسها "الحياة" قادرة على اجتياز كل المحن، بيد ان الدولة معنية اليوم وأكثر من أي وقت مضى الى اتباع سياسة معينة من شأنها تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية وتشجيع التجار ومن بعدهم الزبائن بهدف الابقاء على مؤسساتها ومحلاتها التجارية والتي بدأت بالاقفال بشكل لافت، ولماذا لا يكون ذلك والدولة هي الأم التي ترعى أولادها فكيف اذا ما كان أحد أبنائها "مريضاً" ويحتاج للرعاية!!!.
أسواق طرابلس فارغة من الزبائن ربما بسبب العمل الارهابي، وربما بسبب عدم وجود السيولة وربما لأسباب أخرى لكن في كل الأحوال التجار يشتكون ويطالبون "انقاذهم" فهل من آذان تنصت ومن ثم تسعى لايجاد حل جذري طال انتظاره؟!.
تفاءلنا... ولكن!!!
تفاؤل عبد الغني الأبيض صاحب محل في السوق العريض لم يعد كما كان وبمجرد سؤاله عن الوضع يقول :" مما لا شك فيه اننا كأصحاب محلات قمنا بكل ما يلزم بغية تنشيط الأسواق وجذب الزبائن خلال عيد الفطر السعيد، وبالفعل بدأت الأجواء مريحة، بيد ان الضربة التي ألمت بمدينة طرابلس جراء العمل الارهابي قضى على كل آمالنا، واليوم اذ بنا نتفاجأ بسلبيات هذا العمل المدان على السوق، خاصة واننا كنا ننتظر أيضاً فصل الصيف حيث موسم الأعراس والمناسبات وهو موسم مهم كذلك بالنسبة لمجيء المغتربين، للأسف فان أحداً من الزبائن لا يزور السوق ولا حتى المدينة برمتها".
وتابع:" نحن لم نكد نتنفس الصعداء بعودة الحياة الى طبيعتها في طرابلس حتى أتت الضربة القاضية، لكن وفي كل الأحوال نأمل خيراً في الأيام المقبلة، وهنا نلفت النظر الى ان الارهاب قد يضرب أي منطقة ومدينة لبنانية وهو ليس حكراً على طرابلس والجميع يعلم ذلك، بيد ان الاعلام هو من يركز على طرابلس ويلقي الضوء على مشاكلها بطريقة مضرة".
من جهته سمير الحمصي فيؤكد على "أن الأوضاع التجارية مأساوية، وكلما اعتقدنا بأن الحركة ستعود خلال المواسم أتت الضربات من حيث لا نتوقع، هنا لا نعرف كيف بامكاننا النهوض من هذه الكبوة الاقتصادية والتي باتت تتهدد كل التجار دون استثناء".
التاجر رفيق البربير قال:" الحركة التجارية معدومة في كل الأسواق وليس فقط الأسواق الداخلية لطرابلس، ولطالما رفعنا الصوت لدى المعنيين بغية دعم الاقتصاد اللبناني المنهار، بيد ان أحداً لا يهتم بالرغم من اقفال العديد من المؤسسات التجارية وكأن المراد لنا انهاء دورنا، مما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة ما يخطط لنا؟؟؟ أعتقد بأنه اذا ما استمر التدهور بنفس الشكل فاننا حتماً سنقفل مؤسساتنا ومحلاتنا التجارية كونه لا يمكن الاستمرار وخسائرنا لا تقدر بثمن".
عاطل عن العمل
أما عامر الحصني فيروي مأساة شاب ظن خاطئاً بأن مستقبله مضمون جراء افتتاحه محل لبيع الملبوسات الرجالية منذ أكثر من عشر سنوات فاذا بالوضع الاقتصادي السيء يدفعه الى ما لا تحمد عقباه :" عشر سنوات عشتها بحلوها ومرها في السوق، وان بدت السنوات الأولى جيدة على الصعيد التجاري، الا انه ومنذ ثلاث سنوات بدأت الأمور تتدهور وبدأ العجز يكبر ويزيد سنة بعد سنة حتى وصلت الى ما أنا عليه اليوم"عاطل عن العمل"، بعدما أقدمت في آخر أسبوع من شهر رمضان المبارك على اقفال المحل وتسليم المفاتيح لأصحابها بغية انقاذ ما يمكن انقاذه، النتيجة زيادة في البطالة في صفوف الشباب، كل ذلك والدولة لا تحرك ساكناً تجاه أوضاعنا فماذا نفعل والى من نتوجه؟؟؟ فرص العمل معدومة بالكامل، لم يترك لنا أي مجال لتأمين لقمة العيش، وبالفعل يجب على الجميع الاضاءة على هذا الموضوع الهام كون المحلات التجارية برمتها تشكو من الوضع بعدما باتت على شفير الانهيار، وأعتقد بأن مؤسسات كثيرة ستقفل أبوابها في الأشهر المقبلة كونه ما من سياسة متبعة من قبل المعنيين".