بيروت - لبنان

اخر الأخبار

أقلام عربية

17 نيسان 2021 09:42ص باكستان الرابح الأكبر في أفغانستان

حجم الخط

قرار انسحاب الرئيس الأميركي، جو بايدن، من حرب أفغانستان في سبتمبر المقبل ليس بالمفاجئ بعد عشرين عاماً و2.4 تريليون دولار أنفقتها أميركا في حرب لا نهاية لها، وستخرج منها باكستان الرابح الأكبر أمام الفراغ الدولي والتضعضع الداخلي.

باكستان دخلت الحرب مترددة في 2002، ولم تكن يوماً على قناعة بالمهمة الأميركية هناك، حافظت على تحالفها فوق وتحت الطاولة مع حركة طالبان والقبائل الحدودية طوال تلك الفترة وكانت ملاذاً لأسامة بن لادن. الحدود الطويلة بين الجانبين، دور الاستخبارات الباكستانية (ISI) بدعم طالبان منذ السبعينات وحتى اليوم، إلى جانب الحاجة الغربية والأميركية لإسلام آباد في مرحلة ما بعد الانسحاب، يجعلها صاحبة الأوراق الأثمن اليوم.

قرار بايدن بالانسحاب ليس مفاجئاً بأخذ بعين الاعتبار تاريخ الرئيس الأميركي ومواقفه من الحرب. فهو كان من الأصوات حول باراك أوباما في 2010 التي نصحته بالانسحاب يومها بدل زيادة عدد القوات، مقابل ترك قوة لمكافحة الإرهاب في دولة مجاورة. أوباما لم يصغ لنائبه يومها، أصغى للجيش واستمر في حرب وتكتيكات لم تفلح لا بهزيمة طالبان ولا بالنهوض بأفغانستان.

حتى أن الرئيس الأخير للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف نصح أوباما بالانسحاب، مستندا إلى تجربة السوفيات في أفغانستان والفشل خلال 10 سنوات في هزيمة المجاهدين هناك قبل الانسحاب عام 1989.

"أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات" تعود اليوم لتذكر الغرب بعد السوفيات بأن الاحتلال العسكري لا يشتري الانتصارات من دون تحالفات داخلية وجهود ديبلوماسية، حتى مع حركات التمرد مثل طالبان.

اليوم طالبان تخرج منتصرة فوق أشلاء الدولة المركزية في كابل، ومن خلال مفاوضاتها مع الأميركيين عبر قطر وتركيا وباكستان. حتى لو لم تعد طالبان إلى الموقع القيادي الذي كانت فيه قبل الغزو في 2001، فهي القوة المسلحة الأكبر على الأرض وستهيمن على الأقل في جنوب البلاد.

أميركا تدرك انتصار طالبان وتراهن على انقسامات داخل الحركة نفسها وقنوات دبلوماسية ومقايضات معها تمنع العودة إلى تحالفها مع القاعدة. هناك تقاطع بين أميركا وطالبان بمحاربة داعش التي تنافس الحركة الأفغانية، وفي ضمان تفاهم اقتصادي يتيح وصول المساعدات الإنسانية لأفغانستان، وحتى في المناطق التي تسيطر عليها الحركة.

من هنا يأتي أيضا مكسب باكستان من الانسحاب الأميركي وكالطرف الخارجي الأقرب لطالبان. فإسلام آباد لا تريد انهيار أفغانستان وفوضى تمتد إلى حدودها، وبالتالي ستستخدم نفوذها داخل الحركة لضمان مصالح الاثنين.

باكستان قد تتعاون أيضا مع واشنطن مقابل مساعدات وعلاقة عسكرية واستخباراتية وثيقة بواشنطن. هذا قد يعطي إدارة بايدن نافذة لإقامة قاعدة عسكرية أو ضمان وجود في باكستان للتدخل في أفغانستان، في حال اضطر الأمر. أوزبكستان هي أيضا ضمن قائمة الدول التي قد يختارها الجانب الأميركي لمحاولة الحفاظ على وجود مجاور لأفغانستان، لمراقبة ومحاربة الخلايا الارهابية هناك.

الدول الغربية ستحاول أيضا توطيد علاقتها مع باكستان خصوصا في الجانب الاستخباراتي، لمنع خطط إرهابية تحاك في أفغانستان لضرب الغرب كالتي رصدتها ألمانيا العام الفائت.

في هذه المعادلة تقف باكستان لحصد مكاسبها بعد الانسحاب الأميركي من تحالف قديم العهد مع طالبان، الطرف الأقوى في الداخل الأفغاني، وكشريك ضروري جغرافيا واستخباراتيا للغرب بعد خروجه من "مقبرة الإمبراطوريات".

المصدر: الحرة