الآمال المعلقة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي في وادٍ، والأرقام غير المشجعة الصادرة أخيرا عن اقتصاد لبنان في تقرير «معهد التمويل الدولي» في وادٍ آخر.
وما دام النظام والعرف لدى الصندوق وقرينه البنك الدولي يعملان على قاعدة المصرف الذي لا يعطي قروضا إلا للدول التي تسير في الاتجاه المالي والنقدي والاقتصادي السليم، والتوقعات المستقبلية عنها في درجة مقبولة تسمح بإعطائها قروض وتسهيلات الصندوق، فأن التوقعات الواردة في تقرير «معهد التمويل الدولي» عن اقتصاد لبنان، لا يبدو انها قد تفتح «الشهية المصرفية» لدى الصندوق ومصرفه الدولي لإعطاء لبنان أكثر من «قرض الحد الأدنى». وهذا إذا حصل!
وهذا رغم ان التقرير صدر قبل دخول لبنان في أزمة العلاقة السياسية والاقتصادية مع الدول الخليجية، بما يزيد في قساوة الأرقام ويقلل من فرص لبنان في الحصول على قرض. إلا إذا تدخّل العرّاب الأميركي (والأوروبي) الذي له النسبة الأعلى من الأصوات في الصندوق واستدرج معه أصواتا أخرى أوروبية وسواها، الأمر الذي يجعل السياسة الطابع الغالب في ملف علاقة لبنان بالصندوق. وهذه قصة أخرى لم تتضح معالمها حتى الآن.
ففي تقرير معهد التمويل الدولي ان نسبة النمو الاقتصادي المتوقعة للدول العربية المستوردة للنفط ستصل الى 2,7% هذا العام، بعد تقلّص بنسبة 1,9% عام ٢٠٢٠. وسيكون لبنان البلد العربي الوحيد الذي لن يحقق اقتصاده نموا، بل سيكون النمو «سلبيا» بالمقارنة مع باقي الدول العربية المستوردة للنفط والتي تتصدرها لهذا العام المغرب بنسبة نمو 4,8% وتليها مصر ٣% وتونس 2,2% ونسبة ١% لكل من الأردن والسودان، مقابل نسبة النمو المتوقعة للبنان كما في التقرير، سلبية بتقلص 8,3%!!
وحتى الجوانب السلبية التي يشير إليها تقرير «المعهد الدولي» مثل تراجع دور السياحة في الناتج الإجمالي وتوسّع عجز الحساب الجاري في تلك الدول، ستصيب لبنان بشظاياها لا سيما في اشتداد حدّة أزماته السياسية الحالية في الخلافات المتزايدة بين أفرقاء الحكم بدءا من تحقيقات المرفأ والطيونة وصولا وليس إنتهاء بالأزمة مع دول الخليج بكل تداعياتها الاقتصادية والسياسية والأمنية. على مختلف القطاعات التصديرية من الصناعة. أو الزراعة التي تشكّل صادراتها الى الخليج نحو ٧٣% من صادرات لبنان الزراعية الى العالم، وهذا إضافة الى الصادرات الخدماتية، وبما سيكون له تأثيرات سلبية إضافية على سعر صرف الليرة وعلى حجم الناتج المحلي المستمر في التقلّص من أكثر من ٥٥ مليار دولار قبل نحو عامين الى أقل من ١٨ مليار دولار الآن.