بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 نيسان 2020 08:08ص إخراج «جماهير» الحسابات الصغرى من «القاعات المصرفية» الكبرى

حجم الخط
القرار الأخير بتسهيل السحوبات بالدولار والليرة من الحسابات الصغيرة بأسعار صرف يحدّدها مصرف لبنان والمصارف في ضوء حركة العرض والطلب، «رصاصة الرحمة» على سياسة «الشمول المصرفي»، التي تمكّنت المصارف اللبنانية خلال عديد السنوات الماضية من اجتذاب عدد كبير من المودعين في حسابات صغيرة أو متوسّطة.

والآن في حال طلب أصحاب هذه الحسابات سحب أرصدتهم الصغيرة بسبب إغراءات سعر صرف الدولار المرتفع مقابل الليرة، أو بسبب حاجتهم إلى السيولة في ظروف الكورونا الحالية الصعبة، فإنّ النتيجة ستكون إخراج «جمهور مصرفي كبير» من «القاعة المصرفية الكبرى»، بحوالى 1.7 مليون حساب من إجمالي مجموع الحسابات في مختلف المصارف اللبنانية، التي مع صدور هذا القرار تدخل مرحلة انعطاف جديدة في تحويلات، أشار إليها أخيراً قبل صدور القرار، تقرير Economic Intelligence Unit، الذي اعتبر أنّه «لا يمكن أن تبقى المصارف اللبنانية على ما هي عليه سواء من خلال الأزمة المصرفية والمالية، وامتناع الدولة اللبنانية عن دفع سندات بالعملة الأجنبية، تملك المصارف اللبنانية منها الجزء الأكبر، مما شكّل «صدمة سيولة» لهذه المصارف، لاسيما تداعيات كارثة الكورونا، كما لا يمكن للمصارف اللبنانية - حسب التقرير - أنْ تبقى على ما اعتادت عليه من تحقيق أرباح عبر الإقراض بسندات خزينة من دولة تمتنع عن الدفع، وتسعى إلى إعادة جدولة ديونها بالعملة الأجنبية والعملة المحلية بما يزيد من احتمالات الـHair Cut، مقابل أسهم لأصحاب الودائع الكبرى (والمتوسطة؟) بجزء من ودائعهم، رغم كل النفي الرسمي لهذا الإجراء، كما في التقرير الذي يتوقّع مع التطوّرات الحالية والمستقبلية، عمليات دمج أو إدماج، تؤدي الى اختفاء مصارف صغرى وقيام مصارف أكبر، ينتج عنها ولادة منظومة مصرفية لبنانية جديدة في لبنان مختلفة عن منظومة الحاضر المتعثّر.

ويبقى السؤال: أي مصارف ستخرج من السوق؟، وأي مصارف ستبقى؟، وأي مصارف ستكبر؟ وهل يمكن في بيئة مالية واقتصادية ضعيفة أنْ تولد منظومة مصرفية قوية في غياب ثقة عامّة تتهاوى وتتساقط معها مقوّمات اقتصاد في دولة لا يمكن بما هي عليه من فساد وتخلّف من طبيعة القرون الوسطى في زمن القرن الواحد والعشرين!

والدليل أنّه رغم الحجم الذي بلغه القطاع المصرفي اللبناني بأكثر من 170 مليار دولار ودائع وحوالى 250 مليار دولار موجودات، بلغت معدّلاً قياسياً عالمياً بما يوازي 400% من حجم الناتج الاجمالي، فإنّ هذا الحجم النقدي الكبير المتعثّر أمام الوضع السياسي المتأزم باستمرار في التأخّر بتأليف حكومات وانتخاب رؤساء جمهوريات والخلافات على توزيع مُحاصصات، إضافة الى أزمات وحروب إقليمية  وصراعات دولية، وبحيث لو قامت مؤسّسات مصرفية كبرى وقوية سوف لن تكون دائماً في منأى عن تأثيرات هذه الأزمات على الداخل اللبناني، مصارف ومؤسّسات ومصالح في القطاعين العام والخاص. الأمر الذي يزيد في الضرورات بأهمية بلوغ المتانة والصلابة حدّها الأقصى في  المقوّمات المستقبلية لمنظومة المصارف اللبنانية، وفي ظل نظام سياسي ينبغي أنْ يكون قوّة إضافية لها، لا عبء عليها  بموازنات عاجزة يُنفق منها المال العام بلا حساب أو يهدر ويسرق بلا عقاب.

علماً بأنّ الحسابات الصغيرة التي بحدود 5 ملايين ليرة أو 3000 دولار تشغل حوالى 66% من عدد وحسابات حوالى 50% منها بالدولار و50% بالليرة.

وإذا أضفنا إليها الحسابات التي بحدود 75 مليون ليرة أو 50 ألف دولار يصبح مجموع الشريحتين حوالى 86% من إجمالي عدد الحسابات 50% منها بالدولار و50% بالليرة وبقيمة إجمالية 13 مليار دولار هي أقل من 8% من قيمة الإجمالي للودائع الموزّعة على 27% بالليرة و73% بالدولار.