بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 حزيران 2021 07:43ص إستعادة الأموال المنهوبة: مسؤولية دولية أممية

حجم الخط
عشرات وربما مئات مليارات الدولارات - كما في بعض التقديرات - عن الثروات المنهوبة من المال العام، بات استرجاعها يتعدّى اهتمام واختصاص ومسؤولية الدولة التي نهب المال منها، الى كل دول العالم.
فالاتفاقية التي أقرّتها الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي دخلت حيز التنفيذ عام ٢٠٠٤ حملت توقيع نحو ١٦٠ دولة التزمت بالمساعدة في جهود استقصاء الأموال غير الشرعية التي تنهب من أي دولة في العالم والمساعدة في جهود إعادتها لمصادرها الأصلية.
وفي دراسة أعدّها البنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الفساد مطالبة الدول الموقّعة على الاتفاقية بإنشاء أنظمة افصاح مالي فيما يخص الموظفين العموميين وتبادل المعلومات مع السلطات المعنية بالدول الأخرى، وذلك بهدف الحد من استغلال المناصب العامة لتحقيق منافع شخصية، عبر رصد المخالفات والمعاقبة عليها، وتطوير أنظمة الرقابة المالية على المداخيل والممتلكات لرصد أي تضخم في ممتلكات العاملين في الحكومة ومختلف أقسام ودوائر القطاع العام. وبالتالي اكتشاف حالات الفساد التي باتت مهمة مكافحتها مسؤولية عالمية في عصر العولمة كما الحال في مكافحة الارهاب وتبييض الأموال والمخدرات واستخدام الأطفال والنساء في مهن وقطاعات غير شرعية الى باقي الجرائم التي لها الصفة العالمية.
ويضاف الى هذا التطور الملفت عن المسؤوليات المالية في عصر العولمة، قبول المحاكم في دول عدة دعاوى أقامتها مؤسسات وأفراد ضد وكالات تصنيف دولية اتهمت بتلقي رشاوى من شركات كبرى ودول أعطت الوكالات الدولية عنها تصنيفات غير صحيحة ومعلومات إيجابية مخالفة لأوضاعها الحقيقية غايتها اجتذاب استثمارات من مؤسسات وأفراد تسببت بخسائر لأصحابها. 
ولعله لهذا السبب حرص الكثير من المصارف ومؤسسات المال والاستثمارات والاستشارات في العالم على ختم نهاية تقاريرها عن اقتصاديات وعملات وسلع أي بلد في العالم عبارة تنص على أن المعلومات الواردة في هذه التقارير هي «للإطّلاع فقط». والعبارة السائدة التي درجت هذه المصارف والمؤسسات الأخرى وضعها في بداية أو نهاية تقاريرها هي «ان المعلومات التي تتضمنها هذه التقارير على هذا الموقع هي بغرض الإطلاع فقط، وهي ليست دعوة لبيع أو شراء أي عملة أو سلعة أو أي استثمار من أي نوع كان يبقى القرار فيه أولا وأخيراً على مسؤولية المستثمر» مع عبارة إضافية تطلب الى قارئ الموقع أن يؤكد إطّلاعه على هذا النص قبل أن يباشر مطالعة التقرير.
وفي السياق نفسه عن المسؤوليات المتعلقة بالمعلومات المالية، بلغ الأمر حدا أقصى في حالات أخرى أعلن خلالها خبراء عالميون ضليعون في النصوص القانونية ان هناك في الكثير من هذه النصوص ما يحمل تبعات وأعباء على أي مسؤول بصفته الشخصية، يعطي أو يعلن عن معلومات مضللة عن قوة اقتصاد بلاده تقنع المستثمرين الدخول في مشاريع محلية في ذلك البلد، وذلك بتحميل المسؤول التبعات القانونية الناتجة عن المعلومات الخاطئة المضللة التي وقع المستثمرون في «حبائلها».
أمام هذا الدفق من التطورات الحديثة في لم يكن من المستغرب أن تزداد حدّة التدقيقات والتحقيقات القضائية في عالم اليوم بشأن المسؤوليات المالية وسواها، كما حصل في الاتهامات الموجهة أخيرا للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي أو للرئيس الأميركي السابق ترامب أو في التحقيقات مع المرشح السابق للرئاسة الأميركية «ميت رومني» واستغرقت وقتا طويلا قياسيا تناول مصادر ثروته وثروة عائلته وكيف بدأ وكيف نجح وكيف جمع تلك الثروة وماذا ورث عن آبائه وأجداده، وهل تكوّنت ثروته داخل أميركا أم خارجها، وكيف وأين ومتى؟ أو كما حصل مع رئيس المجر بسرقة اطروحة لنيل الدكتوراه فضّل الاستقالة حتى قبل ثبوت الاتهام وإنتهاء التحقيق قائلا: «انها قضية تسبب انقساما في بلادي وأفضل استقالتي والتخلي عن منصبي».
أو في الحكم الذي قضى بسجن رئيس وزراء إسرائيل خلال حرب لبنان ايهود أولمرت بسبب رشوة بمبلغ بسيط أو بالتحقيقات الجارية الآن مع رئيس وزراء إسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو حول تسهيلات مالية غير شرعية، وقبل الآن عن كيفية تمويل رحلاته ورحلات زوجته وولديهما وإقامتهم في فنادق فخمة في الخارج يوم كان نتنياهو وزيرا للمالية وكيفية تمويل رحلاتهم الخاصة الى الولايات المتحدة في آب وأيلول مباشرة بعد حرب لبنان.