بدل إجراءات وترتيبات نقدية ومالية وإدارية في ظل حكومة إصلاح، إضطرابات أمنية وبالسلاح!
فإذا إستقالت الحكومة ودخلت البلاد في فراغ سياسي وطارت الانتخابات وتعذّرت أي أصلاحات، أقفلت الطريق إلى صندوق النقد وأسواق المال الدولية، وتحوّلت الحالة «الجهنمية» إلى «جنونية» من إرتفاع متواصل في سعر الدولار ومستوى الأسعار إلى عجز أكبر في الموازنة العامة وميزان المدفوعات والحساب الجاري بما يفتح الباب على توقعات في ٤ تقارير دولية ومحلية أجمعت على اتجاه لبنان إلى إنهيارات مرتقبة على مختلف الجبهات السياسية المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية.
فمن تقرير «ميريل لينش - بنك أوف أميركا» الذي توقع قبل نحو عام إرتفاع الدولار إلى أكثر من ٤٠ ألف ليرة نهاية هذا العام! إلى تقرير حديث للبنك الدولي قدّر أن لبنان «يحتاج بأحسن الأحوال الى ١٢ عاما ليعود إلى مستويات الناتج المحلي التي كانت في عام ٢٠١٧ وبأسوأ الأحوال إلى أكثر من ٢٠ عاما» الأمر الذي تلازم مع تقرير «لمرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت لاحظ مؤشرا مقلقا للهجرة.. لا سيما مع غياب القرار السياسي بمقاربة جدية للأزمة اللبنانية مما يوحي حسب التقرير «بتعمد الإنهيار.. ومن غير المستبعد عندها أن تتلاشى مؤسسات الدولة أكثر وأكثر والسقوط في دوامة مميتة لعقدين من الزمن، ما يشكّل عاملا ضاغطا على مئات الآلاف للرحيل سعيا للعمل أو الاستثمار أو الدراسة أو التقاعد، وسط حاجة متزايدة إلى يد عاملة وأصحاب اختصاص وفئات شابة في عدد كبير من الدول الأكثر تقدّما في العالم التي تشهد انخفاضا في معدلات النمو السكاني وزيادة في نسبة المسنين، فيمكن عندها استنتاج موجة كبيرة من الهجرة في الأعوام القادمة هي الثالثة المتوقعة من هجرات اللبنانيين في العالم، وستكون هجرة وخيمة عبر خسارة يصعب تعويضها للرأسمال البشري اللبناني المدماك الأساس في إعادة بناء الدولة والاقتصاد والمجتمع.. فالقلق من تداعيات تفشي البطالة وانخفاض القوة الشرائية بعد انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار وتدني مستويات التغذية بالتيار الكهربائي إلى حدود العتمة والوقوف طوابير طويلة للحصول على كمية تكفي بضعة أيام وتقطع الاتصالات والإنترنت وانقطاع المياه ونشوء سوق سوداء لكل شيء، وخسارة الوظيفة وتداعيات انفجار مرفأ بيروت واحتمالات العنف وعدم قدرة السلطة على اجتراح الحلول ما أغلق طاقة الأمل بأن الإنقاذ سيكون وشيكا ومعه أتضح أكثر ان مستقبل لبنان بلا أفق.. كل ذلك يحفّز الرغبة في الهجرة بحثا عن مناطق عيش أكثر استقرارا وفيها وظائف ذات دخل معقول وخدمات عامة متواصلة ومن العوامل التي تحفّز الرغبة في الهجرة وترجمتها - حسب التقرير - إزدياد الحصول على جوازات سفر لمدة أطول ٥ إلى ١٠ سنوات مقابل السنة الواحدة والـ٣ سنوات قبل نشوب الأزمة الحالية التي توقع البنك الدولي أن تستمر لأكثر من عقد أو حتى عقدين من الزمان».
وأما الترجمة النهائية لهذه الحالة، ففي تقرير الوكالة الدولية «فيتش» التي بعد أن خفضت تصنيف لبنان في مواقع عدة إلى درجات متدنية عند CC وCCC وIDR، وحتى إلى RD بسب تخلف الحكومة عن دفع اليوروبوندز وعدم الوصول إلى إتفاق حول إعادة هيكلة الدين العام وإعادة هيكلة ميزانيات المصارف ومصرف لبنان وصولا إلى برامج مالية واقتصادية إصلاحية من إجل إطلاق برنامج صندوق النقد الدولي بما يسهّل الوصول إلى اتفاقيات متعددة الأطراف ودولية، إضافة إلى فتح باب المناقشات مع مساهمين دوليين.. حذّرت انه في حال عدم تنفيذ هذه الإصلاحات، سوف تلجأ إلى خفض تصنيف السيادي للبنان إلى درجة تزيد في عزل اقتصاده وماليته عن الأسواق المالية العالمية.