بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 كانون الثاني 2021 07:22ص الـ BBC: موزامبيق - لبنان بعد نموذج فنزويلا واليونان!

حجم الخط
في آخر هذا الشهر تنتهي المدة التي حدّدها البنك المركزي للمصارف كي تزيد رساميلها والمصرف الذي لا يتمكن من الالتزام يصبح في عهدة مصرف لبنان عرضة للدمج أو الإلغاء. ورغم ان المعلومات الأولية حتى الآن أن الجزء الأكبر من المصارف سيلتزم، إلا أن السؤال الأساسي هل في حال استعادت المصارف الباقية قوتها واستردّت نشاطها ستقلع عن سياسة وعقلية التسليف الهادف الى الربح بغض النظر عن مصلحة الاقتصاد العام وارتفاع النمو وزيادة الناتج وتوافر فرص العمل؟!

حتى الآن...

ورغم كل الأزمات النقدية والمالية والاقتصادية والكوارث الاجتماعية، ما نطالعه من الخطط والمقترحات الحكومية في موضوع إعادة هيكلة المصارف تتحدث عن إعادة الرسملة وتحصيل القروض المستحقة على القطاعين العام والخاص والـ «هير كات» والـ «كابيتال كونترول».. في حين على أهمية بعض هذه المواضيع ولا سيما استعادة الثقة المحلية والخارجية، لم تضع حكومة الاختصاص والتكنوقراط أي مخطط لتعديل سياسات التسليفات المصرفية باتجاه التوفيق في استثمار الودائع والرساميل بين الربح الخاص والصالح العام من خلال زيادة النمو عبر وإعادة توزيعها على كل قطاعات الانتاج التي في ظل سياسة تسليف الريع لا يصلها أكثر من ١٢% فقط من زراعة وصناعة واختراع وابتكار مقابل ٨٠% لتجارة الاستيراد والاستهلاك وللوساطات وللقروض الشخصية، في «تركيبة تسليفية» كان هدفها الأكبر الربح الأكثر ما تسبب في شلل الاقتصاد وسط أزمات أمنية ونزاعات سياسية أوصلت البلاد الى الكارثة الحالية.

والدرس الأكبر ان الأولوية في خطة إعادة الهيكلة ينبغي أن تعود الى الأساس الثلاثي السليم لكل عمل مصرفي وطني حكيم: النمو الاقتصادي، الاستقرار النقدي، وفرص العمل. وأي اجتزاء أو تفكيك لهذه الأهداف الثلاثة مجتمعة، من شأنه استمرار وإعادة أنتاج الكوارث والأزمات بأكثر مما نشهده الآن في لبنان.

بعد نموذج فنزويلا الآن موزامبيق!

ففي البداية كانت مقارنة لبنان باليونان وقبرص وبعدها بفنزويلا والآن زمبابوي التي اقتصادها بات في الدرك الأسفل بين كل اقتصاديات العالم، فقد عرض تلفزيون الـBBC أخيرا عنها وعن لبنان برنامجين أشار في أحدهما الى أن الاقتصاد اللبناني الذي يمرّ بأخطر معاناة في تاريخه يشهد انهيارا في مختلف القطاعات من الزراعة والصناعة الى السياحة والخدمات وقطاع مصرفي لا يعيد حتى دولار واحد من ودائع بمليارات الدولارات ذهب الجزء الأكبر منها في قروض لـ «حفنة من عصبة فساد سياسي امتنعت عن دفعها» كما في عبارة البرنامج الذي وصف كيف ان جزءا كبيرا من المتموّلين تمتعوا في لبنان بمداخيل سهلة من بفوائد مصرفية عالية بلغت ٤٠%، وحتى عندما هبط معدل النمو الى أقل من واحد % كانت الفوائد تصل الى ١٥% بحيث أن كل وديعة بمليون دولار كان صاحبها يحصد ١٥٠ ألف دولار سنويا دون أي جهد أو تعب مما ضيّق على كل مجالات الاستثمار وعطّل كل امكانات النمو ورفع معدلات البطالة والفقر والجوع.

فهل يبقى الربح الكثير الهدف الأول والأخير لحليمة في عادتها القديمة كما كان الحال في الأمس القريب مع انفجار أزمة «انترا» عندما ألقيت محاضرة في الكلية الانجيلية في صيدا جاء فيها: «ان الحاجة في العمل المصرفي ليس فقط الى المهارة في الإقناع لجذب الودائع وفخامة المبنى وأناقة الملبس، بقدر ما هي في التزام القواعد المصرفية التي تضمن حماية الوديعة واستثمارها بما يخدم معا الصالح العام والربح الخاص. فهناك اليوم من رجال المصارف في لبنان ممن لديهم المهارة في اجتذاب الودائع دون أن يكون لديهم الدرجة نفسها من الخبرة في توظيفها بالشكل السليم».