بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيلول 2020 07:33ص الأوراق الإقتصادية الفرنسية واللبنانية بين حسابات الحقل ومحصول البيدر

حجم الخط
الأوراق الاقتصادية التي قدّمها أفرقاء السياسة اللبنانية الى الرئيس ماكرون، والتي إذا أضيفت إليها الورقة الفرنسية، لكانت النتيجة عبارة شكسبير في احدى مسرحياته الكوميدية Much Do About Nothing والتي عربت: «اسمع جعجعة ولا أرى طحنا». 

فـ «الفجوة النقدية» التي قدرتها الحكومة المستقيلة  بـ٢٨ مليار دولار، حتى ولو وافقت الصناديق العربية والدولية» على منحها بالقروض، سوف لن تحصل عليها الدولة اللبنانية إلا بـ «القطارة»! وجزء صغير منها نقدا وبالتقسيط على مدى ٤ أو ه سنوات والجزء الأكبر مشاريع تحتاج لتنفيذها الى عشرات السنين في قطاعات المرافئ والكهرباء والماء والاتصالات والنفايات، وإذا أضيف إليها المصافي والسدود والمطار وسكك الحديد والمدن والمناطق الصناعية ودعم الصناعة والزراعة والسياحة، ناهيك عن فوائد الدين العام وتصحيح الأجور وتمويل السلامة الصحية ونظام الشيخوخة وتطوير التعليم والثقافة والفنون لاحتاج الأمر الى أكثر من ١5٠  مليار  دولار فيما الدين العام الآن قد يتجاوز قريبا هذا الرقم، وفيما ميزانية دعم السلع المعيشية والضرورية وحدها تحتاج  الآن  الى ١٠ مليارات بعد أن قرر مصرف لبنان التوقف عن  دعمها   ولو بدولار واحد! 

وأمام كل هذه الاحتياجيات، ماذا عساها تفعل أوراق اقتصادية لبنانية كانت أم فرنسية في مواجهتها وفي كبح جماح الفقر والبطالة والغلاء والداء والبلاء! في ظل ناتج محلي  ينهار من ٥٥ مليار دولار قبل الأزمة الى ٣٥ مليار دولار الآن، وتضخم يتخطى الـ٩٠% ومعدلات فقر ٥٠% وبطالة ٤٠% وودائع وادخارات وتحويلات تتناقص وهجرة تتزايد، بما لا تنفع معه خطط نظرية وبرامج خيالية! بديلا عن شفافية واقعية وموضوعية غابت عن الجهود الفرنسية وطمست في ألاعيب السياسة اللبنانية.

الخروج من الأزمة

للخروج من الأزمة لا يمكن الحل بقروض تكبر حجم الاقتصاد دون أن يرشح من هذا النمو ما يحد من العوز والفقر والمرض والأمية. بل لا بد من سياسة تعيد توزيع الدخل والثروة  Income Policy عن طريق آليات خدماتية وضرائبية واجتماعية تنقل جزءا من أقلية مستحوذة على الجزء الأكبر من الدخل الوطني الى الفئات المحتاجة، في ما أطلق عليه الرئيس روزفلت يوما بعد الأزمة المالية والاقتصادية في الولايات المتحدة  «القسمة الجديدة The New Deal أو التوزيع الجديد للثروة للحد من اللامساواة.

وهذه اللامساواة «فاقعة» بشكل خطير في لبنان حيث الحديث يدور عن ناتج قومي أو داخل وطني، دون يتجاهل معدل الدخل الفردي من المجموع. (لطالما ضرب المثل في أميركا ان حصة كلب المستر روكفلر من الدخل الوطني أكبر من حصة الفقير الأميركي) وبالتالي لا يكفي تكبير حجم الاقتصاد على الشكل الذي تسعى إليه الأوراق الاقتصادية اللبنانية أو الفرنسية دون أن تصب النتائج في الحد من جموح اللامساواة ومنها:

من أصل مجموع قوة العمل في لبنان  (1,6مليون عامل) ٦٥%  في خانة البطالة،  وراتب  37,5% من المسجلين في الضمان الاجتماعي لا يزيد عن الحد الأدنى (٦٧٥٠٠٠ ليرة) أو ٩٠ دولارا.  وراتب الجزء الأكبر من النسبة الباقية لا يزيد عن ٣ ملايين ليرة أو ٤٠٠ دولار. وهذا بالنسبة للمضمونين، وأما من هو خارج «نعمة الضمان» فلا  تعرف الاحصاءات عنه شيئا سوى انها... «في مهب الريح»!