شدّد المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في بيان مؤخرا، بعد انعقاد دورته الثّالثة والأربعين، على «أهميّة تنفيذ إصلاحات سياسيّة واقتصاديّة هيكليّة شاملة، تضمن تغلّب لبنان على أزمته السّياسيّة والاقتصاديّة».
دعوات نسمعها من هنا وهناك، داخلية وخارجية، عن أهمية إجراء إصلاحات والسير بالإصلاحات، نسمعها منذ سنوات عديدة، يطلبها صندوق النقد كشرط أساسي للبرنامج مع الحكومة اللبنانية ويرى انها ما زالت بطيئة للغاية والاتفاق يقوم على تنفيذ 10 إصلاحات للحصول على 3 مليارات دولار تفيد الحد من الانهيار المالي الذي زاد من معدلات الفقر في لبنان، والحكومة اللبنانية تعي تماما وتعترف أن هذه الإصلاحات تصبّ في مصلحة لبنان أولا ومن الضروري القيام بها بالأمس قبل اليوم بغض النظر عن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أو مع الدول والمنظمات المانحة الأخرى بينها مجموعة الدعم الدولية التي لاحظت «بقلق عدم إحراز تقدّم كافٍ في تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها بموجب اتفاق 7 نيسان على مستوى الموظفين في صندوق النقد الدولي لا سيما في اعتماد التشريعات المناسبة بشأن «الكابيتال كونترول» والسرية المصرفية وإصلاح القطاع المصرفي فضلا عن التأخير في اتخاذ القرارات المتعلقة بتوحيد أسعار الصرف وإستعادة عافية القطاع المالي». العديد من المسؤولين والكل في لبنان بات يعرف ويدرك أننا كلما تأخّرنا بالإصلاحات كلما زادت الأكلاف المرهقة والأعباء على الاقتصاد واللبنانيين: إلا ان السؤال المطروح: ما هو سبب البطء في السير بهذه الإصلاحات؟ ما هي العوائق والعراقيل؟ والى متى سنظل نسمع بهذه الإصلاحات قبل أن تطبق وتصبح واقعا؟!
نعرف أن الإصلاحات المطلوبة جوهرية وبنيوية سياسية واقتصادية وتتناول قطاعات عدة، وقد جرت بعض المحاولات في بعض الوزارات لتطبيقها منذ سنوات لكن... لماذا لم تستكمل ولماذا تتأخّر أو تتعرقل.. ما هي الأسباب؟
برأي الإقتصادي روي بدارو: لم تحصل إصلاحات لسبب وجيه هو اننا لا نريد إظهار عوراتنا للآخرين، موضحا اننا إذا فعلنا ننكشف وإذا انكشفنا سيظهر أمام الجميع كم أن الطبقة الحاكمة فاسدة منذ سنوات طويلة، إذن لا أحد لديه مصلحة للقيام بالإصلاحات وهم حاليا يحاولون استنفاد صبر فريق صندوق النقد الدولي، وباعتقادي ان الصندوق النقد الدولي لن يستمر إذا لم نقم بالإصلاحات ليس الى أبعد من حزيران أو تموز، عندها ربما يصغرون الفريق أو أنتظر أنهم قبل نهاية العام ربما سيصدرون بيانا قاسٍ أكثر من السابق عن الطبقة الحاكمة وعدم الجدّية عند اللبنانيين الذين يتقاذفون كرة المسؤوليات خصوصا في موضوع السرية المصرفية، والكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف والنظام المالي والموازنة التي أصبحت ميزانية وليس موازنة.
ومن جهته، الخبير المالي والمصرفي نيكولا شيخاني أشار الى ان لدينا مشكلة كبرى فيما خص الإصلاحات. إذا كانت ستحصل يجب أن تحصل محاسبة، والمحاسبة صعبة المنال لأنه لم يحدث أي تغيير حقيقي في النظام وطالما ذلك فان الإصلاحات ستكون صعبة. إضافة الى ذلك نحن نفتقد الى قضاء مستقل. وحين يتخذ قرار ما لا نتمكن من تطبيقه. وخلص الى ان هذه الأمور مهمة وخطيرة جدا تعيق تقدم البلد في المسيرة الإصلاحية. واليوم المنظومة الحاكمة لم تزل هي نفسها لا يحصل تغيير، لذلك نرى أن الإصلاحات تسير ببطء شديد، أذكر على سبيل المثال أنهم حين حاولوا إنجاز قانون السرية المصرفية «فخخوه» وهذا مثال صارخ. لأننا حين ننزع السرية المصرفية تصبح المحاسبة أكثر سهولة وعندها يمكننا القيام بالإصلاحات.